الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بالكلام عن روح الحيوانات

بالكلام عن روح الحيوانات
30 سبتمبر 2015 18:00
أصدرت دار النشر الإيطالية «إينودي» مؤخراً مقتطفات أدبيّة مختارة من نصوص قديمة حول «روح الحيوانات». وعلى ما يبدو، لسنا أوّل من يفرط التفكير في كلبه أو يعتمد نظاماً غذائيّاً نباتيّاً لتجنّب قتل الحيوانات. وقد ورد في المقتطفات الأدبيّة المختارة هذه، وعنوانها بالإيطاليّة L’AnimaDegliAnimali(روح الحيوانات) أنّ المفكّرين والكتّاب تصدّوا لمفهوم عقلانيّة الحيوانات لآلاف السنين. ونذكر في هذا السياق أرسطو الذي أفاد في نص HistoriaAnimalium(تاريخ الحيوان) بأنّ حيوانات متوحّشة عديدة تعطينا انطباعاً بأنّها تتمتّع بقدرات عقليّة – وبأنّها تستطيع إظهار اللطف، والشجاعة، والخجل، والخوف، والمكر وحتّى نوع من الحكمة. ثمّة رواية شعبيّة أخرى تنتمي إلى المذهب الرواقي، وقد عُزيت بالإجماع إلى الفيلسوف خريسيبوس. وفي النسخة الأكثر رواجاً منها، التي تلاها سيكستوس إمپيريكوس، ورد أنّ كلباً وصل إلى ملتقى ثلاثة طرقات. وبعد أن أفهمته حاسّة شمّه أنّ طريدته امتنعت عن سلوك طريقين من أصل ثلاثة، استنتج أنّها عبرت الطريق الثالث، في إثبات على أنّ الكلب لجأ إلى عقله بما يتماشى مع مبادئ المنطق. في المقتطفات الأدبيّة المختارة أيضاً نصّ إبداعيّ بعنوان DeSollertiaAnimalium(حول ذكاء الحيوانات) بقلم فلوطرخس. وعلى الرغم من إقرار هذا الأخير بأنّ عقلانيّة الحيوان لم تبلغ مستويات مثاليّة كما هي الحال لدى البشر، لفت إلى أنّ البشر أيضاً يُظهِرون درجات متفاوتة من المثاليّة (ليلمّح بالتالي، بطريقة مهذّبة، إلى وجود رجال ونساء يعتمدون منطق الحيوانات المتوحّشة). وفي نصّ آخر بعنوان BrutaAnimaliaRationeUti(«الحيوانات المتوحّشة متعقّلة»)، ردّ فلوطرخس على كلّ من اعترض على نسب المنطق إلى مخلوقات لا تعرف بالفطرة عن مفهوم الإلهيّة، وذلك عبر الإشارة إلى أنّ سيسيفوس كان ملحداً. وأعطت المقتطفات الأدبية المختارة تبريراً منطقياً للامتناع عن أكل اللحوم. وفي نص DeAbstinentia(حول الامتناع عن الأطعمة الحيوانيّة)، كتب فرفوريوس الصوري أنّه يؤمن بأنّ الحيوانات كائنات تعبّر عن مشاعرها، وأنّ عدم فهمنا لهذه المشاعر لن يكون مفاجئاً أكثر ممّا قد يحصل لو أنّنا لم نفهم لغة السكيثيّين أو الهنود. من المؤسف أن تنتهي مقتطفات (روح الحيوانات) عند نصّ فرفوريوس، لأنّه من المثير أن نقرأ المزيد منها، على أن تشمل نقاشات عن عقلانيّة الحيوانات في الفترة اللاحقة لصدور نص فرفوريوس القديم. وقد تضم مجموعة من هذا القبيل كتابات راقية من تأليف مونتين وديكارت، ناهيك عن لايبنتز، ولوك، ومور وروسو وغيرهم. يعمد مؤيدو الموقف الميكانيكي حول عقلانيّة الحيوانات – الذي يحصر جميع الوظائف البيولوجيّة بالعمليّات الجسديّة أو الكيميائية – إلى تجنّب عدد كبير من المسائل الأخلاقيّة المزعجة المرتبطة بالقسوة حيال الحيوانات، بالنظر إلى أنّه لا يمكن الكلام طبعاً عن القسوة حيال الآلات. ولكن بين القرنين السابع عشر والثامن عشر، كثر معارضو وجهة النظر هذه، قائلين إنّ التفاوت بين الإنسان والحيوان هو تفاوت في الدرجات ليس إلاّ، ما يفسح المجال أمام ظهور وجهة نظر باتت تدخل، منذ ذلك الحين، في عداد الآراء الأساسيّة حول التطوّر، التي تفيد بأنّ الحياة عبارة عن سلسلة تطوّريّة لا منقطعة ومستمرّة تجمع بين الجسد «resextensa» والروح أو العقل «rescogitans». وتأتينا إحدى أقدم المساهمات في هذا النقاش من القس غيوم- هياسينت بوجانت اليسوعي الذي أصدر في عام 1739 كتاباً بعنوان «ترفيه فلسفي حول لغة الحيوانات المفترسة». وقد نخال أنّ بوجانت كان يرفّه عن نفسه وحسب، بيد أنّ وجهة نظره مثيرة للفضول، وهو سأل قائلاً: «في حال أقرّينا بأنّ الحيوانات قادرة على التصرّف بذكاء - والتحاور في ما بينها والتواصل مع البشر – فهل لديها جنّة وجهنّم مصمّمتين لأجلها؟ في ردّه عن هذا السؤال، قال بوجانت إنّ الحيوانات يسكنها الجنّ، ويرغمها على اختبار جحيمها الخاص على الأرض. وأفاد بأنّ ذلك يشرح السبب الذي يجعل الحيوانات سيّئة إلى هذا الحد (فلا يمكن الوثوق بالهررة، في حين تعمد الحشرات إلى التهام بعضها البعض)، ويفسّر السبب الذي يجعلها عرضة للعذاب على يد البشر». لقيت فكرة بوجانت معارضة غير مباشرة في حقبتنا الراهنة من المحامي والكاتب باولو دي بينيديتي. وفي كتابه «TeologiaDegliAnimali» (لاهوت الحيوان)، جادل بينيديتي قائلاً: «إنّ الحيوانات تملك الحق بحياة أبدية. وقد لاحظ أنّ الصعوبة الحقيقيّة تمكن في أن نؤمن بوجود الجنّة فعليّاً، وليس في أن تعاني لاستحالة ترك هرّك على حضنك – عند وصولك إلى الفردوس».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©