الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخميري: أضعت أوراقي في مطار شيكاجو والغربة علمتني الكثير

الخميري: أضعت أوراقي في مطار شيكاجو والغربة علمتني الكثير
9 أكتوبر 2011 17:22
الكثير من المشاعر المتضاربة التي حاول المبتعث حسن أحمد الخميري ذو التسعة عشر ربيعاً، أن يتغلب عليها ويغالبها، وخاصة لحظة الوصول إلى المطار نقطة الانطلاق من أبوظبي، وبالرغم أنه كان يتلقى التشجيع والكلمات المليئة بالنصائح والحنان من والده الذي رافقه إلى المطار لشد أزره، إلا أن الندم نال منه في اللحظات الأخيرة بسبب اختياره السفر، وراودته فكرة التراجع عن الرحلة لطغيان الحس بالتسرع في اتخاذ هذا القرار الذي سيتسبب في بقائه وحيداً بعيداً عن تراب طالما عشقه وأحضان دافئة طالما ألقت في باله السكينة والهدوء. وكان أبواه هما أكثر الأشخاص اللذين يفتقدهما المبتعث الإماراتي حسن أحمد الخميري في بلاد الغربة، وتعتبر أبوظبي المدينة الأدفأ والتي يحن إليها أكثر من أي مكان آخر في العالم. بعد نجاحه في الثانوية العامة، وعندما قدم الطالب حسن أحمد الخميري أوراقه لوزارة التعليم العالي، بالتزامن مع تقديمه في كليات التقنية، لم يتخيل أنه سيكون أحد المقبولين في الابتعاث، وكان يعول على إكمال دراسته في كليات التقنية، خاصة أن عدم سفره لأي دولة أجنبية في السابق ارتبط في مخيلته بعدم قبوله في الابتعاث، ولكن أصدقاءه الدارسين في الخارج كان لهم الأثر الأكبر في تشجيعه للتقدم إلى منحة الابتعاث، بالإضافة إلى أهله خاصة عمه، «وتم قبوله في البعثة كاختيار اول وهو سعيد بهذه التجربة حتى الآن، حسبما يقول الخميري. حرية الاختيار قام المبتعث الخميري باختيار الجامعة بنفسه، فكانت أحد أهم المقومات التي يبحث عنها في الجامعة أن تكون من المؤسسات المميزة أكاديمياً، وبعد بحث مضن وقع اختياره على W.P. CAREY SCHOOL OF BUSNIESS، التي تعتبر إحدى أبرز كليات التجارة التابعة لجامعة أريزونا في الولايات المتحدة الأميركية والمشهود لها في هذا المجال، لما تطرحه من التخصصات المميزة والجديدة، ويشير الخميري إلى أنها مصنفة من أحسن 100 جامعة في الولايات المتحدة الأميركية. ويضيف: «أشكر التعليم العالي للسماح لنا بحرية اختيار الجامعة، سأتخصص بإذن الله في مجال تجاري، ذلك هو طموحي، وشهادتي ستكون من أهم مدارس التجارة والأعمال في الولايات المتحدة». ويدرس الخميري حالياً في جامعة «ولاية أريزونا»، بمدينة تيمبي بولاية أريزونا الأميركية، وهو في السنة الأولى قسم «الاتصالات التجارية والأعمال»، وهو نفس التخصص الذي طالما حلم به واكتشف ولعه بهذا المجال حين كان في الثانوية، يقول الخميري: «كانت التجارة بشكل عام هي التخصص الذي أحببته، وعلى مختلف فروعه من المحاسبة والاقتصاد وإدارة الأعمال.. واكتشفت ذلك في مرحلة الثانوية العامة». بداية ميسرة لم يتعثر المبتعث حسن الخميري بأي صعوبات لأنه وحسب قوله: «بدايتي كانت ميسرة وسهلة قبل السفر، الإجراءات مرت بسرعة في السفارة الأميركية، كما أسهمت وزارة التعليم العالي بتفادي بعض المعوقات بسبب نصائحهم التي أذكرها وأطبقها لغاية الآن، ومر على وجودي سنة في الولايات المتحدة، وتعلمت أكثر مما كنت أتوقع». ولكن وإن كانت الرياح تجري بما تشتهيه السفن، فإن شعور الغربة والابتعاد عن الأهل والوطن لايفارق الخميري، موضحاً أن أصعب شيء هو شعور فراق الإمارات الغالية التي عشت فيها طوال حياتي ولم أغادرها قط، وابتعاد أهلي عني». بعد الوصول استقل الخميري رحلتين للوصول إلى وجهته أريزونا، استغرقت الأولى نحو ست عشرة ساعة من مطار أبوظبي إلى مطار شيكاجو، وكان الجهد والتعب قد أخذا منه، وهو لم يعتد السفر الطويل، وعن لحظة وصوله إلى أول مكان غريب يصف الخميري مشاعره: «وصلت منهكاً، وبعد رحلة طويلة في أكبر مطارات الولاية وصلت الى نقطة التفتيش، وهنا وكأني صحيت من غفوتي فقد أحسست بأني في عالم آخر، الناس تختلف في أشكالها كلياً عن الناس على أرض وطني الغالي، أنهيت إجراءات الوصول، وأخذت حقائبي متوجهاً إلى رحلتي الثانية إلى فينكس عاصمة ولاية أريزونا»، وبعد وصوله يضيف الخميري : «هناك وجدت بعض أصدقائي الذين كانوا بانتظاري، وأثناء رحلة الذهاب إلى المنزل، أخذت في مراقبة المناظر والأبنية على طول الطريق في المدينة، ووجدت كل شي في منتهى الغرابة، واعتقد أن السبب أنها السفرة الاولى لي». وعن المعوقات والصعوبات التي تواجه المبتعث بعد الوصول لمكان دراسته، يرى الخميري أن الشعور بالاستقرار هو الأساس في بداية هذا المنعطف الجديد في حياة المرء، ويؤكد أن إيجاد السكن المناسب سيبعث على الشخص الإحساس بالاستقرار، كي يبدأ الطالب تنظيم حياته ما يسهم في تركيزه الدراسي، كما يشير إلى بعض المنغصات التي قد تبدو بسيطة ولكنها مهمة جداً، ويوضحها: «الخطوه الثانية بعد السكن، يجب ان يقوم الطالب بالتعرف على الجامعة ومقرراتها ويحفظ الطرق المؤدية إليها، لأن من المحتمل أن يضيع المرء الطريق الى الجامعة والكليات فيها، لأنها جامعات كبيرة وبمستوى مدن صغيرة، كما أن الحساب البنكي من أهم الخطوات، وذلك لتسلم الراتب الشهري». صدمة حضارية وقد بدأ المبتعث الخميري التأقلم بسرعة مع البيئة الجديدة التي يعيش فيها، وسار في تكوين بعض العلاقات مع أصدقاء جدد، ومن جنسيات مختلفة، وينصح الخميري الطلبة وخاصة حديثي الاغتراب مثله بسرعة التأقلم مع البيئة الجديدة التي سيعيش فيها الطالب، لأنه سيصادف العديد من الجنسيات، وسيضطر للتعامل مع عادات وتقاليد وثقافات متعددة، وقد يشعر الطالب آنذاك بصدمة حضارية، وفي بداية الأمر قد يراوده شعور بالتراجع. واكتسب الخميري خبرة في التعامل مع الشعب الأميركي خاصة، حيث يصفهم بأنهم شعب لطيف المعشر، مشيراً إلى أنه عانى بداية الأمر في الاندماج معهم، ويقول: «تختلف المعاملة بين الناس بشكل كبير، وجدتهم شعبا غريباً في البداية، ولكم مع مرور الأيام، وبحكم التجارب، اكتشفت أنهم شعب مرح ويسهل التعامل معهم لأنهم واضحين جداً». موضحاً: «إذا التزمت بالقوانين بشكل صحيح، فلن يعترضك أحد، فالعادات الأميركية واضحة، وإذا التزمت بها لن ينظروا إليك كغريب. مواقف لاتنسى بعد فترة طويلة نسبياً لمن لم يعتد الاغتراب، قرر الخميري زيارة الوطن في فترة الإجازات خلال الصيف، ووصل إلى مطار شيكاجو متأخراً، حيث لم يتبق على إقلاع الطائرة إلا ساعة، ليفاجأ بطابور طويل وعليه أن يجتازه للتفتيش، شعر عندها بالاحباط وقرر الخروج من الطابور للعودة إلى أريزونا، عندها تقدمت إليه امرأة شرطية وسألته عن سبب خروجه من الطابور، فشرح لها مرتبكاً سبب مغادرته الطابور، وأنه قطع الأمل بلحاق الطائرة، فما كان منها إلا أن أخذت بيده وذهبت به إلى الشرطي المسؤول عن الطابور الذي بادر بالسماح له بالدخول إلى نقطة التفتيش فوراً، ويضيف الخميري: «هناك حدث مالم أتوقع حصوله، حيث إنني اكتشفت ضياع ورقة I-20 وهي بمثابة الإقامة التي تثبت أني طالب ومن دونها لا أستطيع دخول الولايات المتحدة عند العودة، زاد ارتباكي آنذاك وبدأت أتصبب عرقاً، حاولت الخروج من نقطة التفتيش والعودة إلى الطابور يقيناً مني أني أضعتها هناك، ليعترضني شرطي، وهو متجهم مستفسراً عن سبب عودتي المفاجئ للطابور خاصة وأن التجول في نقطة التفتيش ممنوع، وأخذ يرمقني بنظرة غريبة جداً خاصة بعد رؤية تذكرتي، ولم يبق سوى دقائق معدودة على إقلاع الطائرة.. شرحت له الموقف وأنا أتصبب عرقاً.. فوعدني بأنه سيبحث عن الورقة وسيرسلها لي، وطلب مني الذهاب إلى الطائرة فوراً»، وفي هذه الأثناء تقدمت إليه المضيفة التي طلبت منه التوجه إلى الطائرة فوراً كي لايتسبب بتأخير الإقلاع، ولم يعد إليه الشرطي الذي وعده بالورقة، وهنا أحس الخميري بأن أضاع فرصة عمره في العودة لإكمال دراسته في الولايات المتحدة. تنفست الصعداء داخل الطائرة تصادف جلوسه بجوار أحد المبتعثين السعوديين، وتلمس قلقه الواضح، فبادر بالسؤال عن السبب، وهنا يقول الخميري: «صار زميلي السعودي يمازحني وأنا أغلي كالمرجل من الداخل، وصار يؤكد لي بأني لن أستطيع العودة، وعندما نظر إلى وجهي الممتقع، ضحك وطلب مني عدم القلق، لأن الحل بسيط وهو مراسلة الجامعة حال وصولي الدولة، وهم سيرسلون لي ورقة جديدة إلى الامارات»، ويضيف قائلاً «عندها. شعرت بفرحة لاتوصف وتنفست الصعداء، وكأن الروح عادت لي، وضممت زميلي السعودي فرحاً، وبالفعل عند وصولي أول شيء فعلته هو مراسلة الجامعة، لتصلني الورقة بالفعل بعد أسبوعين فقط». ويوكد الخميري أن هذا الموقف علمه الكثير قائلًا: «تعلمت أن أكون نظامياً وأحافظ على أغراضي المهمة خصوصاً في المطارات الأميركية، فإذا فقدت جوازك أو أحد أوراقك المهمة، فقد تتعرض لمواقف حرجة، وقد تؤدي هذه الأخطاء الى إلغاء البعثة أو وقوعك في مشاكل لا حصر لها». ومن المفاجآت غير المتوقعة التي صادفت الخميري أيضا، هي حصوله على «التوفل»، ومع أن بعض الطلبة في الفصل الخاص بتعليم اللغة الانجليزية بعثوا الخوف في نفسه من صعوبة الحصول على التوفل بالعلامة المناسبة واللازم لإكمال الدراسة في الجامعة، خاصة أن معظمهم كان يتقدم للامتحان للمرة الثانية، إلا انه وكما يقول: «اجتزت الامتحان متفوقاً رغم أني دخلت الامتحان وكنت اشعر بالخوف الشديد، وتعلمت أن أثق بقدراتي وأن لا أستهين بنفسي، فالثقة بالنفس هي أحد أساسيات الطالب الراغب بالنجاح». مسؤوليات الغربة وأكلة الهريس كمعظم الطلبة تحمل الخميري مسؤوليات الغربة من تنظيف وطبخ وغيرها من الأعمال المنزلية، التي كان يعتقد أنها مهمة سهلة عند وجوده مع الأهل ويضيف: «أعمال البيت التي لم أكن أفكر بها أثناء وجودي في وطني، وأعتقد أنها بسيطة، علمتني هنا الاعتماد على النفس والشعور بالاستقلالية والمسؤولية في حياتي اليومية». ومن هوايات الخميري الابحار في الشبكة العنكبوتية، لما فيها من معلومات غنية لاتنضب، ويطالع الكتب المتعلقة بالتجارة، لأنها مركز اهتمامه، كما يقوم ببعض الأنشطة الترفيهية مع الأصدقاء مثل لعب كرة القدم أو ارتياد أحد دور السينما. ويتواصل مع أصدقائه في الولايات الأخرى من خلال تبادل الزيارات فيما بينهم، وذلك في الإجازات وهذا مايفعله معظم الطلبة. ومن اكثر المأكولات الإماراتية التي يشتاق لها الخميري هي الهريس، خاصة أنه من المستحيل أن يأكلها في أميركا. ويزور المبتعث الخميري دولة الإمارات والأهل بمعدل مرتين سنوياً، ويطمح بعد التخرج بأن يرد ولو جزءاً يسيراً من الجميل إلى وطنه الغالي الذي أعطاه من دون حساب، ويحلم بأن يكون له باع في تطوير التجارة في الدولة، وذلك من خلال الخبرة الدراسية التي سيحصل عليها من أميركا.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©