الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصارف الاقتصادات الناشئة تهدد بإزاحة نظيراتها الغربية

مصارف الاقتصادات الناشئة تهدد بإزاحة نظيراتها الغربية
25 يناير 2011 23:00
تهدد المصارف العاملة في الاقتصادات الناشئة مستقبل وجود نظيراتها من البنوك الغربية في أسواق النمو الرئيسة في المستقبل، وذلك بالتزامن مع التحولات التي يشهدها العالم لبناء نظام عالمي جديد، وفقاً لدراسة حديثة صادرة عن مؤسسة برايس ووترهاوس. وقالت الدراسة إن البيئة التي قضى فيها المصرفيون معظم – إن لم يكن جميع – حياتهم العملية في العصر الحالي قد تغيرت بشكل كبير، وإن البحث لا يزال جارٍ حول تأثير الأزمة العالمية الاقتصادية على القطاع المصرفي وعلى خلفية ضعف النمو الاقتصادي في الغرب جنباً إلى جنب مع الصعود القوي للأسواق الناشئة مثل الصين. وأشارت الوكالة إلى أن الاحتمالات تتراوح بين الوضع الراهن المحتمل من جهة، والنظام العالمي الجديد المكتمل من جهة أخرى. وبالنسبة للسيناريو الأقل احتمالاً، والذي قد يكون الأعمال التجارية معتاداً، تستمر بموجبه المصارف الغربية في مواصلة مساق عملها الحالي، ويظل الغرب مركزاً لاتخاذ القرار والقوة الاقتصادية في القطاع المصرفي العالمي. وجاءت الدراسة التي قامت بها برايس ووترهاوس بهدف إجراء مراجعة متعمقة للأسباب المعروفة وغير المعروفة التي من شأنها أن تشكل التطور المحتمل للسوق المصرفية في العقد القادم. وأشارت الدراسة إلى أنه في حال وجود نظام عالمي جديد، والذي تبين من خلال البحث الذي قامت بإجرائه أنه يسير في هذا الاتجاه، سوف تشكل الأسواق الناشئة كتلة اكتفاء ذاتي في الوقت الذي تكافح فيه المصارف الغربية للبقاء وثيقة الصلة بالموضوع. سيكون بمقدار المصارف الناتجة عن الأسواق الناشئة الدخول بحرية إلى الغرب وسوف تفعل ذلك بقوة، في حين يجد نظرائهم الغربيون أنفسهم مبعدون من أسواق النمو الرئيسة الناشئة. وأوضح رون ماكميلان، نائب رئيس مجلس الإدارة، المسؤول عن خدمات التدقيق بمنطقة الشرق الأوسط إنه من المرجح أن تظل الآراء منقسمة وفي كثير من الأحيان معارضة تماماً، ولكن تأمل برايس ووترهاوس كوبرز من خلال نتائج البحوث التي خلـُصت لها أن توفر لصـُّناع القرار الحقائق والأفكار الجديدة لتمكينهم من اغتنام الفرص وتحديد التهديدات التي تواجه منظماتهم في تغيير المشهد المصرفي في الوقت الحاضر والمستقبل. وأضاف أنه من المؤكد اليوم أن هناك قطيعة بين المستقبل والماضي، وأن هناك برامج متعددة في العمل من شأنها أن تشكل الصناعة المصرفية، لافتاً إلى أنه في السنوات العشرين التي سبقت الأزمة المالية، أصبحت المصارف كبيرة ومعقدة بشكلٍ متزايد. وأصبح هذا الاتجاه واضحاً بشكلٍ خاص، حيث نمت أصول المصارف على نحوٍ غير متناسب في جميع أنحاء العــالم مقارنة مع نمو الناتج المحلي الإجمالي في الأسواق المحلية لكلٍ منها. في أوروبــا، على سبيل المثال، ارتفع الناتج المحلي الإجمــالي الاســمي بنسبة 5,9% سنوياً في المتوسط بين 1980 و2007، في حين ارتفعت أصول مصارف القارة بنسبة 19% سنوياً في المتوسط في غضون الفترة نفسها. وأضاف: “ثم كان بروز نموذج العمل المصرفي الشامل إلى السطح، حيث حاول المقرضون تحقيق ادخارات متناسبة في التكاليف عن طريق زيادة مستوى الإنتاج، وأصبح التحرير اسم اللعبة، الذي ساعد بدوره على إحداث الأصول ذات القيم المتضخمة وأدى إلى انفجار الديون. خلال تلك الحـِقبة، فـإن المصـارف الغربيـة – مثل سـيتي جروب و HSBC- لم تكن تدير عملياتها في أسواقها المحلية فقط، بل امتدت على نطاق العالم وسيطرت على الأعمال المصرفية الدولية”. وإن كان من المستحيل أن نعرف على وجه اليقين كيف سيبدو المشهد المصرفي في السنوات العشر المقبلة، إلا أن هناك العديد من العوامل المهمة التي تلعب دوراً حيوياً في تشكيل المصارف المستقبلية التي يمكن أن توفر الشعور بالاتجاه. أولاً، سيكون نمو الناتج المحلي في الغرب أكثر هدوءاً بعد 30 عاماً من النمو المطرد. في أعقاب الأزمة العالمية، أصبحت الدول الغربية في مواجهة توقعات اقتصادية ضعيفة، تميزت بارتفاع أرقام البطالة، وتدابير التقشف والاحتياجات الضخمة لإعادة التمويل. بالإضافة لذلك، فإن القطاع المالي الغربي، وبعد التفوق المستمر للاقتصاد ككل، من المتوقع أن يتوسع الآن بالوتيرة نفسها أو أبطأ. ثالثاً، من المرجح أن تقوم الأسواق الناشئة بتنفيذ إغلاق على المصارف التي تسعى للقيام بأعمال تجارية هناك، بل وقد تقوم بتحدي تلك المؤسسات المالية في أراضيها. في غضون ذلك، وضمن القطاع المصرفي نفسه، فإن التركيز يتمحور حول ثلاثة مجالاتٍ رئيسة وهي: التنظيم، والتغير السريع في البيئة الخارجية ومسألة الضوابط الداخلية. من حيث التنظيم، يرى ماكميلان أن التهديد بانهيار المصارف العالمية لا يزال يلوح في الأفق. كما تتعرض المصارف أيضاً للضغوط، حيث أصبحت متطلبات السيولة ورأس المال أكثر صرامة. علاوةً على ذلك، يسعى المنظمون أيضاً لفرض المزيد من التنظيمات على ما يسمى بـ”ظل الصناعة المصرفية”، على سبيل المثال صناديق التحوط وبنوك الاستثمار التي كان يعتبرها البعض بوصفها جزءاً من المتهمين بالتسبب في الأزمة العالمية. أخيراً وليس آخراً، يتعين على المصارف تطبيق اتفاقية بازل (3)، مما يشكل مزيداً من التحديات لها. ويشير ماكميلان إلى أن الخلفية التي تعمل البنوك ضمنها لا تزال صعبة. استمرت حالة عدم اليقين الاقتصادي، وواصلت الصين في تعزيز مكانتها باعتبارها مركزاً اقتصادياً عالمياً. وهناك شكوك أيضاً حول ما سيحدث مع الفوائد التي قامت العديد من الحكومات بأخذها من المصارف المحلية لمساعدتها على الحماية أثناء الأزمة المالية. ولفت إلى أنه سيتعين على المصارف أيضاً تولي نظرة أكثر تعمقاً، على سبيل المثال، النظر في الأجور ونظام المكافآت، التي كانت تحت الاستقصاء أيضاً خلال الأزمة العالمية. إضافة لذلك، هناك المزيد من التركيز على المخاطر، والرقابة وحوكمة الشركات، وجميع المجالات التي يتعين على المصارف الاستجابة لها لخفض تعقيدها. وبسبب اندماج المؤسسات المالية للنظام العالمي الجديد، فإن التغيير الهيكلي بعيد المدى سيكون النتيجة المنطقية الناشئة من الحاجة إلى التقليل من النفوذ. تواجه الاقتصاديات والمصارف الأوروبية أيضاً احتمال حدوث فترة طويلة من ضعف النمو أو الركود بسبب زيادة الضغط المالي والترابط بين الديون السيادية والمخاطر المصرفية. ويشير ماكميلان إلى أن التنظيمات سوف تعمل على تغيير طريقة تعامل المصارف والاستمرار في استهلاك أجزاء كبيرة من إدارة الوقت والطاقة. لن تكون البنوك قادرة على استعادة ثقة المساهمين من دون تغيير جذري في طريقة إدارة عملياتها وتسويق منتجاتها. إن اعتماد التكنولوجيات الجديدة وتحديث الأنظمة القديمة سوف يؤثر حتماً على الأرباح. ستقوم أفضل المواهب الشابة بالهجرة إلى الأسواق الناشئة، بينما نشهد في الوقت نفسه بأن القوى العاملة المصرفية القائمة في الغرب قد أصابها الهرم والشيخوخة. على المدى القصير، هناك عوامل إضافية يمكن أن تعمل على تعطيل الصناعة: الضغط المالي ومحاولة استعادة ثقة أصحاب المصلحة. وفقا للدراسة فإنه سيتعين على الحكومات النظر إلى المصارف بشكلٍ مختلف، وربما أكثر من وصفها مرافق اجتماعية يتعين عليها تقديم خدمات لأولئك الذين لا يملكون حسابات مصرفية وربما للعملاء ذوي الربحية الأقل. دعونا لا ننسى الاتجاهات الديمغرافية للسكان المـُسنـّين في الغرب وهذا يعني بأن تلك الأسواق تحمل أقل إمكانات النمو. وخلصت الدراسة إلى أن المصارف التي أعدت عدتها لجميع مـُحفـّزات التغيير هذه هي بالتأكيد في وضعٍ أفضل للخروج من هذا المنعطف، وسوف تكون قادرة على البقاء والازدهار حتى في نظام عالمي جديد للأعمال المصرفية.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©