الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«جيبينج» في واشنطن.. وغياب القضايا المركزية

30 سبتمبر 2015 23:25
تعكس زيارة الرئيس الصيني «شي جينبينج»، زعيم ثاني أضخم قوة في العالم، إلى واشنطن الأسبوع الماضي، مقولة ليندون جونسون بأن على السياسيين أن يتعلموا كيف «يمشون ويمضغون اللبان في الوقت نفسه». وكانت الاجتماعات التي عقدها أقوى زعيم صيني خلال عدة عقود، مع الرئيس أوباما، أقرب إلى العبث عندما ركّز جلّ اهتمامه على «الإرهاب الإسلامي»، والمآسي وغياب الحلول السياسية لمشاكل الشرق الأوسط، وأسلوب إدارة الرئيس بوتين لروسيا. وربما كانت هذه القضايا تمثل تحديات حقيقية للولايات المتحدة، إلا أن ما يهم الجيل المقبل بشكل أكبر هو طبيعة العلاقة الجيوسياسية التي يجب أن تقوم بين القوتين العظميين الأضخم في العالم. ولم يكن البحث في هذا الموضوع سهلاً لأن الصينيين متأكدون من أن الولايات المتحدة تسعى لاحتوائهم وعزلهم، وتعمل على تقويض الأسس التي يقوم عليها الحزب الشيوعي ونموذجه الاقتصادي الهجين. وهم يعتقدون أيضاً أن الولايات المتحدة اتخذت قرارها بفرض نفوذها على المناطق الآسيوية التي يعتقد الصينيون أحقيتهم في إدارتها. ويرى أصحاب القرار في الولايات المتحدة أن الصين ما فتئت تسجل خروقاتها المتكررة فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية لمواطنيها. ولا تتوقف عن تنظيم الحملات العدائية الممنهجة ضد الشركات الأميركية، وتنتهج السلوكيات الاستفزازية التي تهدد جاراتها من دول بحر الصين الجنوبي، وتتلاعب بتسعير عملتها من أجل تحقيق مآرب اقتصادية. ويعتقد «روبرت بلاكويل»، السفير الأميركي السابق في الهند، أن على الولايات المتحدة أن تتبنّى أسلوب التحدي والتلويح باستخدام القوة. وهو ينظر إلى الصين باعتبارها تشكل تهديداً للمصالح الاقتصادية للولايات المتحدة لأنها تطور قدرتها العسكرية إلى الحد الذي يسمح لها بالانتصار على خصومها ومنع الولايات المتحدة من استخدام قواتها الدفاعية عند نشوب الأزمات. ويقول بلاكويل: «لقد أصبح توازن القوى في آسيا معرضاً للخطر». وهناك العديد من الدول الآسيوية التي تنتظر من الولايات المتحدة التصدي لمشكلة تنامي القوة العسكرية للصين، إلا أن معظم تلك الدول ترتبط مع الصين بعلاقات تجارية تفوق تلك التي تربطها بالولايات المتحدة. ويقول أحد الخبراء في السياسات الصينية، وهو رئيس الوزراء الأسترالي السابق «كيفين رود»، إن الصينيين زادوا من حجم إنفاقهم العسكري بشكل هائل، إلا أن الإنفاق العسكري للولايات المتحدة لا يزال متفوقاً بأربع مرات. ويضيف: «لا يوجد أي احتمال حقيقي لأن تتمكن الصين من بلوغ حالة التكافؤ في القوة العسكرية مع الولايات المتحدة قبل منتصف القرن الجاري». ولقد وردت هذه النبوءة في ورقة بحثية قدمها «رود» هذا العام إلى معهد جون كنيدي للبحوث الحكومية التابع لجامعة هارفارد. ويعتقد «رود» أن على الطرفين البحث عن إقامة «حوار بنّاء» يضمن تحديد القواعد التي تنظم العلاقة بينهما في المستقبل. وتكمن أهم المشاكل بينهما في الاختلاف الكبير بين النظامين السياسيين، إلا أنه من المؤكد أن الصين لا تعتزم تغيير نظامها. كما أن القوتين العظميين تتنافسان على المصالح عندما يتعلق الأمر بقضايا الأمن الوطني والمزايا الإقليمية الاستراتيجية. وفي المقابل، هناك أيضاً اهتمامات مشتركة بينهما مثل التكامل، الاقتصادي، والتغير المناخي، ومواجهة التهديدات الإرهابية. ويمكن للاعتبارات الوطنية أن تلعب دورها في تغيير الوقائع القائمة. ففي الصين، تمكن الرئيس «زي» من بسط نفوذه القوي على الدولة، إلا أن نمو الاقتصاد الصيني انخفض إلى 6 بالمئة سنوياً بعد أن بلغ قيماً تتراوح بين 10 و12 بالمئة سنوياً خلال السنوات الماضية، ثم إن القادة الشيوعيين غارقون في قضايا فساد لم تعد خافية على أحد. ويمكن لهاتين الظاهرتين أن تتسببا في اندلاع اضطرابات داخلية. ويضاف إلى كل ذلك الأخطار التي يمكن أن تترتب على الخروقات الصينية المتواصلة للحقوق المدنية والسياسية لمواطنيها، والسياسية العدوانية في بحر الصين الجنوبي وضد تايوان. وفي الجانب الآخر البعيد للمحيط الهادئ، لو كُتب للمرشح «دونالد ترامب» أو الجناح اليميني للحزب الجمهوري الفوز بالانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، فمما لا شك فيه أن التوتر في العلاقات الأميركية الصينية سوف يزداد حدّة. وخلال اجتماع الأسبوع الماضي، صدرت عن الطرفين تصريحات مشجعة عندما تعهدت الصين بالتعاون في محاربة الهجمات الإلكترونية والمساهمة بشكل أكبر في مواجهة ظاهرة التغير المناخي، إلا أن التنافس العسكري والاقتصادي هو المصدر الرئيس للتوتر القائم بين البلدين. ألبرت هنت* * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©