الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترسانة روسيا «التكتيكية»... معضلة ما بعد «ستارت 2»

1 يناير 2011 00:14
لقد كان التفكير في ما يجب فعله بالتفوق الروسي الكبير على أميركا في مجال الأسلحة التكتيكية النووية، ضمن عدد من القضايا الساخنة التي أثيرت في الحوارات التي دارت في مجلس "الشيوخ" أثناء عملية المصادقة على معاهدة "ستارت" الجديدة. وعلى الرغم من أن الرأي العام الأميركي لم تكن له أي صلة بالحوار العام الذي دار بشأن معاهدة "ستارت"، فإن هناك تأييداً شعبياً كبيراً لمعاهدة الحد من الأسلحة النووية الاستراتيجية التي تمت المصادقة عليها للتو. وخلال هذه المناقشات المذكورة، كثيراً ما أثيرت الأسئلة عن مدى حزم أوباما في التعامل مع موسكو. وفي تلك الأسئلة عودة مؤكدة لإحدى أهم قضايا الأمن القومي التي يرجح أن يثيرها "الجمهوريون" في انتخابات عام 2012 الرئاسية المقبلة. وفيما يتصل بالأسلحة التكتيكية، صرحت مسؤولة من وزارة الخارجية الأسبوع الماضي بتعليقات تشي بمحاولته كبح أي توقعات بإحراز تقدم قريب أو سريع في حل معضلة الأسلحة التكتيكية النووية. ونقل الصحفيون عن "روز جوتيمولر" -مساعدة وزيرة الخارجية بمكتب التحكم بالأسلحة- قولها: "لا أريد لأحد أن يعتقد أن بإمكاننا التوصل إلى حلول واضحة أو قريبة خلال يناير 2011 لمسألة الأسلحة التكتيكية. والسبب أن علينا واجباً مكثفاً القيام به قبل التوصل إلى الحل المطلوب. ومما لا شك فيه أن الروس أيضاً ينتظرهم القيام بهذا الواجب قبل أن يخطوا أي خطوة أخرى للأمام. ذلك أن إجراء أي عمليات تفاوضية واسعة يتطلب أن يسبقه عمل تحضيري جيد، إضافة إلى الأخذ بجميع الاعتبارات والعوامل، بما يلزم من حذر". وأضافت "جوتيمولر" إن على الخارجية أن تنسق جهودها مع وزارتي الدفاع والطاقة في عملية تحديد المعايير والموجهات المتعلقة بالمفاوضات المقبلة بشأن الأسلحة التكتيكية. بيد أن للسيناتور جيم ريسش -وهو "جمهوري"- رأياً آخر مفاده أن ثمة فشل في محاولة تضمين مسألة الأسلحة النووية التكتيكية إلى ديباجة معاهدة ستارت الجديدة: "إني آمل وأحث الرئيس ووزارة الخارجية وكل الجهات ذات الصلة أن تواصل اهتمامها وتكثف جهودها في هذه المسألة بأسرع ما يمكن، بمجرد الانتهاء من إجراءات المصادقة على معاهدة ستارت الجديدة". وأضاف ريسش قائلاً إن لروسيا نحو 3800 قطعة من الأسلحة النووية التكتيكية، مقارنة بـ 500 فحسب للولايات المتحدة الأميركية من الأسلحة نفسها. يذكر أن اتفاقية أبرمت عام 1991 بين بوش الأب ونظيره السوفييتي حينها جورباتشوف، كانت قد دعت طرفي الاتفاق على نقل أسلحتهما التكتيكية النووية إلى عمق أراضيهما، وتدمير كافة المدفعيات النووية، إضافة إلى تدمير كافة الرؤوس الحربية قصيرة المدى. ولكن العيب في تلك الاتفاقية أنها لم تتضمن نصوصاً على التحقق من التزام الطرفين بما نصت عليه، بينما لم يلتزم أي طرف من طرفيها بما تضمنته من نصوص. عليه، فإن من رأي السيناتور "ريسش" وغيره من "الجمهوريين" أن القيادة العسكرية في موسكو ستعول كثيراً على دور الأسلحة التكتيكية النووية، بعد أن تضاءلت بدرجة ملحوظة أعداد ومستويات الجنود في الجيش الروسي التقليدي. وقال "ريسش" في معرض تنبيهه إلى هذا الخطر الأمني الروسي: سوف يواصل الروس تطويرهم لتصاميم جديدة، وتكنولوجيا جديدة، واستحداثات جديدة لهذه الأسلحة التكتيكية. ويعني ذلك توسيع الفجوة الموجودة أصلاً بين موسكو وواشنطن في هذا النوع من الأسلحة". وأضاف "ريسش "قائلاً: "لقد كتب بعض الخبراء والمحللين العسكريين الروس سلفاً عن احتمال استخدام بلادهم لطرازات حديثة من الأسلحة النووية غير الثقيلة لهزيمة قوات حلف الناتو". وكذلك أدلى السيناتور جون كايل -جمهوري من ولاية أريزونا، قادة معارضة معاهدة ستارت الجديدة- "لا أتصور أن أحداً يستطيع أن ينكر مدى أهمية حجم ترسانة أسلحتنا التكتيكية النووية، إثر تخفيضنا لترسانة أسلحتنا الاستراتيجية وفقاً لما نصت عليه معاهدة ستارت الجديدة، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار بالفجوة الكبيرة بين روسيا وأميركا فيما يتعلق بالأسلحة التكتيكية". يذكر أن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قد هدد أكثر من مرة بنقل موقع صواريخ بلاده التكتيكية غرباً، رداً منه على خطط أميركية تهدف إلى بناء نظام دفاعي صاروخي في عدد من دول أوروبا الشرقية تحسباً من خطر أمني إيراني محتمل. وعلى سبيل المثال، فقد عمت أوروبا كلها موجة من القلق مؤخراً إثر الكشف عن مخططات روسية تهدف إلى نقل أسلحة تكتيكية إلى مناطق قريبة من حدود دول حلف الناتو. وخلال مناقشات مجلس الشيوخ التي جرت الأسبوع الماضي بشأن معاهدة ستارت الجديدة، كان قد تعين على وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع روبرت جيتس أن يوضحا كتابة للسيناتور سوزان كولينز -"جمهورية" من ولاية مين- مدى صحة نصب موسكو لوحدة من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى قرب حدود إستونيا منذ فترة طويلة. وأضاف كلاهما في الرسالة المذكورة أن موسكو قد أعلنت أن عدداً من أحدث صواريخها من طراز SS-26 القصيرة المدى سوف ينصب هناك. وإدراكاً لمدى القلق الذي تثيره مثل هذه الأفعال الروسية، مضى الوزيران -كلينتون وجيتس- إلى القول في رسالتهما: على الرغم من أن نشر وحدات الأسلحة التكتيكية الروسية هذه، ليس متوقعاً له أن يحدث تغييراً في التوازن العسكري الحالي في أوروبا، ولا في التوازن العسكري الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وروسيا، فقد أوضحنا من جانبنا قناعتنا القائلة بضرورة أن تحصر روسيا وحدات أسلحتها الاستراتيجية هذه في عدد أقل وأن تنقلها إلى منشآت تقع في عمق الأراضي الروسية وليس في أطرافها القريبة من أي دولة مجاورة لها. ومما لا شك فيه أن تعليق الوزيرين عن نوايا موسكو ونصب عدد من وحدات أسلحتها التكتيكية النووية شرقاً، وفي مواقع بعيدة جداً من العمق الروسي باتجاه الحدود المشتركة بينها وعدد من دول حلف "الناتو"، سيكون بمثابة اهتمام محوري في المناقشات والحوارات العامة المقبلة بشأن التعامل مع موسكو. والتر بنكوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©