تجارب لإنقاذ المؤسسات الصحفية بالأنشطة الاجتماعية و «المنتجات» الأكثر تخصصاً

أبوظبي (الاتحاد) - التساؤل حول إمكانية تحول صحف المستقبل من مطبوعات لجمهور عام إلى “منتجات” ومطبوعات متخصصة موجهة لشرائح قراء مختارة، بدأ يلح أكثر فأكثر على صناعة الإعلام الإخباري المكتوب ومرجعياته العالمية. هذا ما يمكن استنتاجه من إعلان الجمعية العالمية للصحف وناشري الأخبار (وان ـ إيفرا) يوم الثلاثاء الفائت، أنها باشرت الإعداد لتنظيم جولة من أجل دراسة هذا الاحتمال (الفرضية) من خلال تفقد تجارب نشر أوروبية جديدة استطاعات إنشاء سوق مربحة لمنتجاتها “الصحفية” المتخصصة. ورقية ورقمية من بين التجارب التي ينتظر أن تلقى اهتمام المشاركين في الجولة الدراسية، “منتجات” ورقية ورقمية، لاقت رواجا لدى مجموعات وفئات لها اهتماماتها الخاصة، وظهر حتى الآن أنها يمكن أن تكون مربحة للمؤسسات الصحفية التقليدية. ومن أبرز ما يمكن قوله لوصف هذه المشاريع- التجارب ـ هي أنها تجعل المؤسسات الصحفية في العصر الجديد أكثر اجتماعية والتزاما بالاهتمامات المباشرة والشخصية لأفراد جمهورها الذي قد يكون، على سبيل المثال، مهتما للغاية بتخفيف الوزن وبإصدارات ورقية أو رقمية ذات صلة، أو مهتما بأنشطة تربوية أو موسيقية وبتسجيلات الفيديو والمتابعات الإخبارية ذات الصلة. وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع توقعات مستقبلية متشائمة بشأن مصير الصحف اليومية الورقية كان من أبرزها تصريحات صحفية لمسؤول وكالة الأمم المتحدة لحقوق الملكية الفكرية فرانسيس غوري بأن الصحف الورقية ستختفي بحلول عام 2040 لتحل مكانها النسخ الرقمية، كما تزامن ذلك مع إعلان بيانات الربع الثاني من العام التي بينت هبوطا في الإنفاق الإعلاني في نحو نصف أهم الأسواق في العالم، بسبب تداعيات الأزمات الاقتصادية التي تشهدها عدة دول في العالم. وألقت هذه التصاريح بظلالها على الكثيرين من المعنيين بصناعة الصحف. وفي مواكبة لهذه التوقعات ومحاولة استيعابها كما يبدو، جاء إعلان الاتحاد العالمي للصحف وناشري الأخبار، في بيان، أن الجولة الدراسية التي سينظمها بدءاً من 13 الشهر الجاري وحتى 18 نوفمبر القادم، تشمل عدة تجارب جديدة في مؤسسات صحفية في كل من السويد وألمانيا والنمسا والمملكة المتحدة. وذكر البيان أن هدف الجولة هو الاطلاع على النجاحات التي حققتها مثل هذه الفئة من المنتجات والمطبوعات التي تصدرها الشركات الصحفية الورقية. كما سيتاح للمشاركين في هذه الجولات التعرف على الاستراتيجيات والنماذج التجارية التي تقف وراءها وأنظمة وأساليب إنشائها ومدى استدامتها إلى جانب قوة وفعالية التزام فئات القراء حيالها، ورقية كانت أم رقمية. وبحسب البيان، فإن عدة شركات صحفية في أوروبا نجحت من خلال أفكار إبداعية وغالبا ما تكون بسيطة للغاية في إصدار منتجات إعلامية خبرية جديدة تستطيع تشكيل سوق خاص بها. وسيقف المشاركون في هذه الجولات على بعض هذه التجارب المثيرة للاهتمام، وفق ما قاله دايتمر شنتين، المدير العام والرئيس التنفيذي المسؤول عن النشر والإعلان والتحرير في “وان ـ ايفرا”. ومن المنتظر أن يشارك في الجولة مسؤولون في المؤسسات الصحفية من حول العالم، وخاصة الرؤساء التنفيذيين ومسؤولي التحرير والمديرين الإداريين ومديري المنتجات والتسويق والتوزيع والنشر. ومن بين التجارب الجديدة التي سيطلع عليها مسؤولو الصحف تجربة نادي “أفوتنبلادت” في استوكهولم لتخفيف الوزن حيث أصدرت مجلات أسبوعبة أصبح لها رواج وتطبيقات على جهاز آيباد، وذلك بعدما شكل النادي حوله جمهورا واسعا من الناس الراغبين بتخفيف وزنهم حتى صدرت لهذا الجمهور مجلات أسبوعية لها تطبيقاتها على جهاز آيباد. منتجات إعلامية كما ستشمل الجولة سلسلة “دايزيت” في برلين، التي تصدر منتجات إعلامية موجهة للطلاب والمعنيين بالتربية، وحيث سيتم الاطلاع على هذه التجربة لناحية كيفية العناية بالعلامة التجارية وتطويرها وإدارة علاقات العملاء، وفي الصحيفة الألمانية الضخمة “بيلد” سيطلع المشاركون في الجولة على برنامج “اكسل برينغر” الرائد في تسويق واسع النطاق لمنتجات إعلامية جديدة. وفي لندن تشمل الجولة، مجموعة “الجارديان” الإعلامية لدراسة مجموعة من أنشطتها الاجتماعية التي أقامتها هذا الصيف تحت شعار “الموسيقى تحب الصيف”، ومن ضمنها الملاحق الورقية الخاصة بهذه الأنشطة، وإصدار وبث تسجيلات فيديو لحفل الأوبرا وبرنامج أنشطة اجتماعية عبر الإنترنت. وتمثل هذه الأنشطة نموذجا فعالا للتسويق وزيادة المبيعات وجذب الرعاة. كما تشمل الجولة زيارات لمؤسسات “زفينسكا داغبلاد” في ستوكهولم، “وكليني زيوتن” في النمسا، و”اسوشيتد نيوزبيبر” في لندن و”ارشنت” في نوربش في المملكة المتحدة. توقعات متشائمة يعتبر البحث عن نماذج جديدة للمؤسسات الصحفية هاجسا يوميا للقيمين على هذه المؤسسات التي تشكل قطاعا يُقيّم بعدة تريليونات دولار وتوظف مئات آلاف الصحفيين وغيرهم من العاملين في صناعة النشر. وفي مقابلة نشرتها صحيفة “لا تريبون دي جينيف” قال فرنسيس غوري، الذي يرأس المنظمة الدولية لحقوق الملكية الفكرية، إن الصحف الورقية ستختفي وتستبدل بنسخ رقمية من هنا وحتى حلول عام 2040، وإن الصحيفة الورقية في الولايات المتحدة قد تفعل ذلك قبل هذا التاريخ بـ(حلول عام 2017). غوري اعتبر أن ذلك ليس سيئا ولا جيدا. وأن عدد النسخ الرقمية التي تباع اليوم (اشتراكات أونلاين)، هو أكثر من عدد الورقية في الولايات المتحدة. كما توقع أن تتراجع أعداد محال بيع الكتب والصحف في المدن مستقبلا. ( مصدر الصورة : sv.wikipedia.org)