الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرية الصحافة في المكسيك...هل باتت على المحك؟

16 فبراير 2010 20:19
في الثاني من نوفمبر الماضي، عُثر على جثة خوسي بلاديمير أنتونا جارسيا، محرر الجرائم والشؤون الأمنية بصحيفة "إيل تيمبو دي دورنجو" ملقاة أمام أحد مستشفيات مدينة دورنجو المكسيكية وسط البلاد. وكان أنتونا، 39 عاما، قد اختُطف في طريقه إلى العمل في وقت سابق من ذلك اليوم؛ وأُعلن أنه مات "خنقا"، وإن كانت جثته تحمل أيضاً، حسب بعض التقارير، جروحاً نتيجة تلقيه رصاصات في الرأس والبطن. وإلى جانب الجثة وُجدت رسالة كُتب عليها: "هذا ما حدث لي جزاء لي لتقديمي معلومات للجنود ولأنني أكتب كثيرا". والحقيقة أن المكسيك تعد من بين أخطر البلدان في العالم حيث يمكن أن يعمل المرء صحافياً، إذ قُتل خلال الفترة الممتدة ما بين يناير 2004 وديسمبر 2009 ما لا يقل عن 27 كاتبا – 26 صحفيا في الصحافة المكتوبة ومؤلف – لقي تسعة منهم حتفهم في 2009 فقط في حين اختفى خمسة آخرون. والشهر الماضي فقط، قُتل صحافيان مكسيكيان آخران. ومع ذلك، فإن عددا قليلاً جداً من هذه الجرائم كانت موضوع تحقيقات ومتابعة قضائية جادة. وتعتقد منظمة الكُتاب العالمية "إنترناشيونال بان" أن هؤلاء الصحافيين استُهدفوا على الأرجح رداًّ على كتاباتهم المنتقِدة، وبخاصة حول تهريب المخدرات. غير أنه إذا كان يُعتقد أن عصابات الجريمة المنظمة هي التي تقف وراء العديد من الهجمات التي تستهدف الصحافيين، فإنه يُعتقد أيضا أن مسؤولين حكوميين وأفراداً من الشرطة قد لعبوا دوراً ما في بعضها. وعلى سبيل المثال، كان خوسي أنتونا خلال الأسبوع الذي سبق مقتله قد كتب قصة حول فساد الشرطة في دورنجو، كما كان يحقق في جريمة قتل لم تحل بعد ذهب ضحيتها صحافي آخر في جريدته هو كارلوس أورتيجا سامبر، الذي اختُطف وقُتل في مايو 2009. وكان أنتونا قد تلقى تهديدات متكررة بالقتل بدءا من 2008، كما شكل هدفاً لما يبدو محاولة اغتيال في أبريل 2009. وعلى الرغم من أنه بلغ مكتب المدعي العام في ولاية دورنجو بذلك، فإن "أنتونا" لم يُمنح أي حماية واستمر في تلقي التهديدات. وفي السادس والعشرين من مايو الماضي، وهو اليوم نفسه الذي تم فيه العثور على صحافي آخر من مدينة "دورنجو"، وهو، إيليسو بارون هيرنانديز، مقتولاً بعد أن تعرض للاختطاف من منزله، وتفيد مصادر بأن مكتب "إيل تيمبو" تلقى مكالمة هاتفية من شخص مجهول يقول إن "أنتونا" هو التالي على القائمة. وقد قدم المتصل نفسه على أنه عضو في "لوس زيتاس"، وهي مجموعة برلمانية يقال إنها على علاقة بعصابة مخدرات. من جهة أخرى، تم في فبراير الماضي بحث سجل المكسيك في حقوق الإنسان لأول مرة من قبل الأمم المتحدة في إطار "المراجعة الدورية الشاملة"، وقد اغتنمت عدد من الدول الأعضاء هذه المناسبة للتعبير عن قلقها إزاء أعمال العنف الصادمة لتي يواجهها الصحافيون في البلاد وما يبدو حصانة يتمتع بها الأشخاص الذين يقفون وراء تلك الهجمات. والواقع أن الحكومة المكسيكية أخذت توصيات المجتمع الدولي على محمل الجد ووعدت بتوفير حماية أفضل للصحافيين والتحقيق في التهديدات التي يتلقونها وأعمال العنف التي يتعرضون لها على نحو أكثر حزما وصرامة، وبالحرص على أن يصبح التحقيق في هذه الجرائم ومتابعتها قضائيا مسألة فدرالية، وليست محلية. غير أنه بعد عام على ذلك، لم يتغير الكثير. ذلك أنه منذ المراجعة الأممية، قُتل ثمانية صحافيين جدد من الصحافة المكتوبة في المكسيك في حين اختفى آخر. وعلاوة على ذلك، فإن عددا من هؤلاء الصحافيين تلقوا تهديدات قبل قتلهم أو اختفائهم، ومع ذلك فلا أحد منهم على ما يبدو عرضت عليه الشرطة حمايتها أو تدابير أخرى لضمان سلامتهم. كما أنه لم يتم في أي من هذه القضايا جلب المذنِب إلى العدالة. وفي مقال نشر حديثا حول مخاطر أن يكون المرء صحافيا في المكسيك، انتقدت الناشطة والصحافية المتخصصة في التحقيقات والحائزة على جوائز عالمية ليديا كاتشو وسائلَ الإعلام المكسيكية لفشلها في عكس الواقع الحقيقي للبلاد، مما يترك المجتمع الدولي غير مدرك لحقيقة ما يجري في المكسيك. ودعت كاتشو الصحافيين الأجانب إلى سد هذه الثغرة من خلال الكتابة حول العنف الذي يواجهه نظراؤهم المكسيكيون ، وذلك "لأن الحديث عنا يحمي حياتنا ويسمح لنا بمواصلة التحقيق والاشتغال في الصحافة". ولذلك كله، يتعين علينا جميعا أن نكسر جدار الصمت الذي يحيط بجرائم القتل التي يتعرض لها الصحافيون في المكسيك، وأن نطالب بمحاسبة الدولة المكسيكية بشأن مقتل الكتاب المكسيكيين الأربعة والثلاثين الذين دفعوا منذ 2004 أرواحهم في سبيل كشف الحقيقة ولأنهم "يكتبون كثيرا". توني كوهان - مؤلف مصنفات في أدب الرحلات تامسن ميتشل - باحث وناشط حقوقي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم سي تي إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©