الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«التكامل الحسي».. ثلاث تقنيات تصحح إدراك التوحديين

«التكامل الحسي».. ثلاث تقنيات تصحح إدراك التوحديين
1 أكتوبر 2015 22:40
خورشيد حرفوش (القاهرة) يعمل دماغ الإنسان وفق نظرية «التكامل الحسي»، التي تذهب إلى أن كل تصرفاته تعمل وفق إدراك العقل لمحيطه الناجم عن حواسه المختلفة، وفي حالة التوحد تضطرب هذه الآلية، إلا أن خبراء يؤكدون أنه يمكن تأهيل المصابين عن طريق استخدام «التكامل الحسي» وفق ثلاث تقنيات علاجية تتمثل في تعديل الاضطرابات الحسية، وتنظيمها ومعالجتها. حواس إضافية للإنسان ست حواس إضافية مهمة إلى جانب الحواس الخمس الأصلية، ومن أهمها الحاسة المسؤولة عن توازن الجسم، وسرعة واتجاه حركته، وإعطائه المعلومات اللازمة حول وضع الجسم نفسه في الفراغ. وهناك الحاسة، التي تزود الدماغ بمعلومات حول موضع عضلات الجسم ومفاصله في الفراغ الذي نتحرك فيه. أما الحواس الأخرى فتتعلق وظيفتها بالمشاعر، والإحساس بالألم، والشعور بالوقت، والاتجاه. ويقوم دماغ الإنسان في منطقة معينة منه باستقبال رسائل كل هذه الحواس ليترجمها ويتعامل معها من خلال إدراكه مضمونها وطبيعتها، ومن ثم يقوم بإصدار أوامره لتلك الحواس، وبالتالي تتكون استجابات الفرد على شكل أفعال وسلوكات، وفق آلية شاملة ومتكاملة، تعرف بالتكامل الحسي. وبلغة سيكولوجية تعرف هذه العملية بأنها عمليات عصبية تقوم بتنظيم الأحاسيس المختلفة القادمة من الجسم من خلال الحواس المختلفة والبيئة المحيطة، ومن ثم تكون الاستجابة الملائمة لهذه الإحساسات، والتي تكون عادة على شكل حركي وسلوكي. أي أنها عملية ربط ما بين الدماغ والسلوكات التي يقوم بها الإنسان، وهذه النظرية التي عُرفت للمرة الأولى عام 1972 على يد المعالجة الوظيفية الدكتورة جين ايرس، بنظرية «التكامل الحسي». وفي حالة أطفال التوحد، فإن هذه العملية تصاب بالاضطراب والتعطل في جانب معين، ويحدث نقص في عملية التواصل والتفاعل، نتيجة خلل في حاسة واحدة أو أكثر، فنهاك أطفال يتأثرون بالصوت بشكل شديد وآخرون يتصرفون وكأنهم لا يسمعون، وآخرون يكرهون اللمس، وهناك من يتفاعل مع الألم بشدة.. وهكذا. ردود فعل حول نظرية التكامل الحسي، يقول الدكتور نشأت رؤوف، أستاذ الأعصاب في كلية طب قصر العيني بجامعة القاهرة، إن كل ردود أفعال الدماغ واستجاباته التي تترجم إلى سلوكات ناتجة عن تكامل عمل الحواس التي أرسلت إشارات للدماغ تترجم بسرعة معينة، ليقوم بعدها بإرسال السلوك المناسب لكل حالة اعتمادا على ما أرسل إليه. ويوضح «إذا اقتربت يد الإنسان إلى لهب أو شيء ساخن، فإنها تستشعر الألم، وترسل برقية بمضمون ووصف الألم إلى الدماغ بسرعة هائلة، ومن ثم يترجمها الدماغ إلى أمر لحظي لليد بالابتعاد (رد الفعل)، وإلا طالها الضرر. وهو المعنى نفسه في حالة رؤية العينين لمصدر الخطر، أو عند سماع صافرة إنذار، أو شم رائحة حريق، وفي الشخص الطبيعي تعمل كل الحواس بتوازن وانسجام وتكامل، وبالتالي تكون ردود أفعال الإنسان متسقة ومنطقية. وإذا ما اختل جانب منها، فإن هناك خللا يحتاج تصحيحاً أو علاجاً». ويتابع «الشخص المصاب بواحدة أو أكثر من مشاكل التكامل الحسي سيكون لديه مشكلة في تصرفاته وسلوكاته، فإذا كان لا يشم الروائح بصورة طبيعية، أو لا يتذوق الطعام بصورة طبيعية، أو لديه خلل أو عيب في الرؤية، أو عدم إحساس بالألم. فكل تصرفات الإنسان وردود أفعاله منظومة متكاملة تعمل وفق إدراك العقل للأشياء ومكوناتها وطبيعتها، وللحدود والمسافات، والاتجاهات، والألوان، والأصوات، والمشاعر، والزمان، والمكان، والأوزان، والفضاءات، والفراغ، والطعم والمذاق، وكل ما يرتبط بسلوكه من فعل أو قول أو حركة، أو تواصل أو تفاعل». تعديل الخلل عن كيفية الاستفادة من نظرية التكامل الحسي في علاج ذوي التوحد، تقول الدكتورة شيرين أبو الدهب، اختصاصية العلاج الوظيفي والتوحد، بمركز الإرشاد النفسي بجامعة المنصورة، إن: «هذه الطريقة تعتمد على ثلاث تقنيات علاجية تتمثل في تعديل الاضطرابات الحسية، وتنظيمها ومعالجتها، لأن أغلب حالات التوحد تعاني من خلل أو عجز في التواصل مع الآخرين، أو من وجود اضطراب في إحساس واحد أو أكثر، فهناك أطفال يتأثرون بالصوت بشكل شديد، وآخرون يتصرفون وكأنهم لا يسمعون، وآخرون يكرهون اللمس، وقد يكرهون نوعاً معيناً من الملابس، حتى علاقتهم بالطعام مضطربة، وهناك من يتفاعل مع الألم بشدة، وهناك من لا يتأثر به. كذلك هناك أطفال يحبون حركات تنبه التوازن فكثير من الأطفال يحبون الدوران حول أنفسهم أو الهز إلى الأمام والخلف أوالتسلق. وإذا أردنا تصحيح هذا الخلل علينا أن نصحح إدراك الطفل لهذه الجوانب، وتعديل ردود أفعاله تجاهها، وتعليمه كيف تكون ردود أفعاله سليمة، وهذا يتوقف على التقييم الدقيق للحالة»، مضيفة «إذا كان الطفل يعاني مشكلة عدم تقبل اللمس مثلا، فيمكن للأم أن تعدل هذا الخلل من خلال الحرص على استخدام ملابس قطنية ناعمة ومريحة، وتعويده على تحسس أشياء ناعمة، والاستفادة من ألعاب تشكيل الطين الصناعي، أو الأوراق المصقولة. وإن كان لديه مشاكل في الاتزان والحركة، فهناك الألعاب الحركية، وألعاب الاتزان والدوران والمهارات الحركية التي يستعان فيها بأخصائي تأهيل وعلاج وظيفي لتطبيق العلاج الموجه للاستفادة من النشاط الحركي للطفل، مثل الزحف والمشي والجري والتسلق والهز والدوران، واللعب في الماء، والتزلج، واللعب بالرمال، وكلها ألعاب ممتعة للأطفال، ومن خلالها يمكن تأهيل الطفل تأهيلا حركيا سليما، وتنمية قدراته المختلفة، وإشباع شغفه باللعب». أسلوب شمولي من جهتها، تؤكد الدكتورة رباب عيسى، اختصاصية العلاج الوظيفي، وعضو الجمعية المصرية للتوحد، أهمية وتوظيف رغبات الطفل، في تحفيز الحواس، وتنمية مهارة العناية الذاتية خلال تنفيذ العلاج بالتكامل الحسي. وترى أن تطبيق مثل هذا البرنامج يؤتي ثماره ويحقق أعلى معدلات النجاح إن تم بطريقة شمولية تستهدف استثمار كل حواس الطفل التوحدي، حيث تستخدم مجموعة تقنيات تعمل على تحسين قدرة الدماغ على تفسير الإشارات المتعلقة بتلك الحواس وتكامل المعلومات المتعلقة بها، حيث يرتكز البرنامج على معرفة قدرات الطفل على مواجهة التحديات، وتحقيق استجابات التكيف الفورية، واستغلال رغبات الطفل وتفضيلاته، كذلك يمكن توظيف غرف العلاج الحسي المصممة بطريقة علمية لتحفيز الحواس، فهي تحتوي على كم كبير من الأدوات والأجهزة والألعاب التي تعمل على إثارتها، شرط أن تكون مناسبة لقدراته الحسية، وخاصة الألعاب التي تستخدم اللمس، مثل الكرات البلاستيكية أو حبات الخرز والمجسمات، ونماذج الحيوانات التي تستهوي الطفل وتسليه. كذلك الألعاب التي يصدر منها أصوات محببة. كما يمكن توظيف رسوم ونماذج الحيوانات والطيور والفواكه في تنمية مهارات التحدث والتواصل، وتوظيف السرد والقصص على لسان تلك الحيوانات. وتشير إلى أن هناك أطفالا يفضلون ألعاب التقمص للقيام بأدوار الكبار، مثل أعمال التنظيف، وقيادة السيارات، ودفع عربة التسوق، أو الأعمال المنزلية، وحمل الحقائب والأكياس، وأعمال الزراعة، ويجب تشجيعهم وتحفيزهم، والتركيز على الجانب الذي يعانونه لتنشيطه وتنميته. مخاطبة الأحاسيس يتفق خبراء العلاج الوظيفي على أن توظيف العلاج بالرسم والموسيقى لتحسين وتنمية مهارات ذوي التوحد لا يقل أهمية عن العلاج باللعب، لأن كليهما فن يخاطب الإحساس والمشاعر، ومن طبيعة الأطفال التعلق بهما، ومن ثم يمكن استثمارهما في تنمية حواسه المضطربة. ويمكن استغلال حصص الغناء، وجهاز الأشعة الصوتية الموسيقية، لأن الأصوات الصادرة عن هذا الجهاز تروق للطفل وتشجعه على التواصل، مع إمكانية ربط الطفل وحركته مع الصوت الذي يصدره الجهاز، ويتعلم بعد ذلك أن كل فعل له ردة فعل ويبدأ بعدها بالتواصل مع المعلم والاستجابة للتوجهات. كما أن الرسم يحتاج إلى قدرات فنية تساعد الطفل التوحدي على أن يتعود على التفكير عن طريق اللعب بالألوان والتعبير بالرسم، وتوظيف الألوان لتنمية مهارات الطفل المعرفية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©