السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ساحلستان» ... إمارة المتطرفين في أفريقيا

«ساحلستان» ... إمارة المتطرفين في أفريقيا
4 أكتوبر 2013 23:21
تبلغ مساحة حزام أفريقيا الساحلي 600 ميل، وهي منطقة شبه قاحلة، أصبحت شاسعة وغير قابلة للحكم، وباتت أيضاً ملاذاً للمتشددين الإسلاميين. وبعد «الربيع العربي»، ومن ثم نهاية دكتاتورية القذافي، يأمل الكثيرون أن ينتهي الإرهاب في منطقة الساحل. وبدلاً من ذلك، فإن الأسلحة التي تنساب من ليبيا والجهود العسكرية المستمرة لطرد الجماعات المرتبطة بـ«القاعدة» من دول مثل مالي ونيجيريا قد جعلت المقاتلين الإسلاميين أكثر صلابة. وقد ساهم ذلك بدوره في ازدياد خطر القيام بأعمال عنف في المنطقة. وقد أطلق وزير الخارجية الفرنسي على هذه المنطقة اسم «ساحلستان» وشبهها بالمناطق النائية في أفغانستان، حيث كافحت القوات الأميركية لسنوات لتحديد مكان «طالبان» وقام الجيش الفرنسي في شهر يناير بالتدخل على نطاق واسع في مالي ل لإخراج المتشددين الإسلاميين منها. في 21 سبتمبر الماضي، قامت مجموعة صغيرة في الصومال تسمى «الشباب» بحصار دامي لمركز «ويستجيت» التجاري في نيروبي. ولكن بعد قيامهم بحصار قوات الأمن الكينية لمدة أربعة أيام، مخلفين ما يزيد على 61 قتيلاً من بينهم دبلوماسيون وشاعر غيني- أفريقي بارز، وضعت جماعة «الشباب» نفسها على خريطة الإرهاب بمنطقة الساحل. وبالمثل، قامت مجموعة «بوكو حرام» النيجيرية الإسلامية المتطرفة في 29 سبتمبر بعملية ذبح للأبرياء، حيث قتلت 50 طالباً أثناء نومهم في كلية الزراعة. ومجموعة «بوكو حرام»، ومعناها «التعليم الغربي خطيئة»، قد أصابتها موجة من القتل هذا الصيف شملت العشرات من تلاميذ المدارس وغيرهم من المسلمين المعتدلين الذين تم الهجوم عليهم أثناء تأدية الصلاة في مسجدهم. يُقال إن جماعات الساحل صغيرة، ولكن نفوذهم يمتد في المناطق التي يتمركزون بها في غينيا، ونيجيريا، وبوركينا فاسو، والنيجر، وموريتانيا والسودان. ويخشى الغرب من لجوء المتطرفين لهذه الجماعات لتنفيذ هجمات إرهابية عبر البحار. في شهر مايو الماضي، حذر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أن التمرد في تلك المنطقة «إذا ترك من دون رادع، فقد يتمكن من تحويل القارة إلى أرض خصبة للمتطرفين ونقطة انطلاق لشن هجمات إرهابية واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم.» إن النبضات «الجهادية» في منطقة الساحل تتجه تدريجيا نحو أماكن جديدة، كما تقيم هذه الجماعات علاقات مع نظرائهم الأكثر رسوخا في تنظيم «القاعدة». في شهر أغسطس الماضي، على سبيل المثال، أعلنت جماعتان إرهابيتان في الساحل، وهما المسؤولتان عن شن هجمات كبيرة في النيجر، أنهما توحدان القوات. وفي غرب أفريقيا، يكون هذا الاحتمال مدعاة للقلق. فالمجموعتان نشأتا من تنظيم «القاعدة» وحاربتا الفرنسيين في مالي في الشتاء الماضي. وهما الآن، في كيانهما الجديد تحت اسم «المرابطون»، تعدان بمهاجمة المصالح والبنية التحتية لفرنسا وحلفائها. ففي شهر مايو الماضي، هاجمت مشروع منجم اليورانيوم المملوك لشركة «أريفا» الفرنسية النووية العملاقة التي كان من المفترض أن تبدأ التشغيل في 2012. و أسفر تأخير المشروع عن خسائر بالملايين. وقال أحد مسؤولي صندوق النقد الدولي في النيجر إن «سياق الأمان ليس مواتياً لتحقيق النمو.» أصبحت الأوضاع في وعلى امتداد الساحل مصدراً للقلق: فهناك فوضى في بعض الأماكن. وعدد الشباب الغاضب آخذ في الارتفاع، وكذلك الخطاب المتطرف، كما يأتي الفقر والفساد وانعدام فرص العمل والتعليم في خلفية هذه المنطقة غير المستقرة. بالنسبة لهؤلاء الذين يرصدون الجهاد في منطقة الساحل، تعتبر دولة مالي التي تقع في غرب أفريقيا هي محور الاقتتال. فقد تم اختطاف الانتفاضة التي قامت في مالي العام الماضي من قبل جهاديين متصلين بتنظيم «القاعدة»، والذين استولوا على مساحات كبيرة من الأراضي في الشمال، كما قاموا بتطبيق الشريعة أو القانون الإسلامي وهددوا بإسقاط الحكومة. وفي يناير، أدى التدخل العسكري الذي قادته فرنسا إلى طرد معظم الإسلاميين من الشمال. غير أن العديد من المسلحين تمكنوا من الفرار. وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند من عاصمة مالي في 19 سبتمبر لولا تدخل فرنسا «لكان الإرهابيون هنا اليوم في باماكو.» ولكن، إذا لم تتمكن حكومة مالي المنتخبة حديثاً من استعادة النظام في شمال الدولة فقد يتمكن «الإسلاميون» من إحياء تمردهم. وهم بالفعل يحاولون تصدير وسائلهم والأيديولوجية الخاصة بهم إلى الدول المجاورة ذات الموازنات العسكرية المحدودة والتي هي عرضة للتطرف. فعلى سبيل المثال، تقوم جماعة «المرابطون» الجديدة بتوحيد جماعتين إسلاميتين صغيرتين ولكنهما قويتين وبدأتا في استغلال منطقة الساحل. إحدى هاتين المجموعتين تدعى «كتيبة الموقعين بالدم»، التي يتزعمها مختار بلمختار، الشهير بالسيد «مارلبورو»، وهو جزائري وكان المخطط الرئيسي للهجوم على مصنع للغاز في الجزائر في شهر يناير والذي نتج عنه مقتل 37 رهينة بينهم ثلاثة أميركيين. وهو يواجه اتهامات بالإرهاب، كما تم رصد 5 ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه. أما الجماعة الأخرى، فهي صورة مختلفة من القاعدة، وتدعى «حركة من أجل التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا»، ويتزعمها الموريتاني «حمادة ولد محمد خيرو». وفي شهر مايو، تحول التركيز من مالي إلى النيجر المجاورة، والتي ساندت التدخل الفرنسي في مالي. وفي 23 مايو جاء الرد، حيث قامت الجماعات بضرب منجم يورانيوم تديره شركة «سومير» التابعة لشركة «أريفا»، كما قاموا أيضاً بالهجوم على ثكنة عسكرية مما أسفر عن مقتل 35 شخصاً. كانت هذه الهجمات هي أول مثال على التفجيرات الانتحارية المسلحة في النيجر. وهكذا امتد التطرف الإسلامي إلى بلد يبلغ تعداد سكانها 17 مليوناً. وتتمثل المشكلة في النيجر في أن رئيسها «محمد إيسوفو» يريد تأمين إنتاج اليورانيوم الذي يمثل أكثر من 70 بالمئة من عائدات التصدير في بلاده. فهو يريد منع السكان الفقراء من الانجراف إلى التطرف الإسلامي. إن تزايد عمليات الرقابة المضادة في منطقة الساحل قد يساعد على الحد من قدرة الإسلاميين على التعبئة والعمل بأعداد كبيرة، ما يستلزم المزيد من التكتيكات الأكثر سرية. يقول «رودي باركلي»، محلل متخصص في شؤون غرب أفريقيا، «إن الهجمات الأخيرة في النيجر توضح أن القدرات والخبرة التشغيلية الكبيرة للإسلاميين تؤكد أن خطر الإرهاب الإقليمي، خاصة بالنسبة لأهداف غربية، ما زال قائماً». ويقول دبلوماسي في نيامي «تشكل تجارة المخدرات مشكلة كبيرة، فالإرهابيون يؤمنون مواردهم عن طريق الاتجار، سواء في التبغ، أو المخدرات أو الأسلحة أو البشر. وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب يحتاج إلى المال للجهاد. كما أن المهربين يحتاجون إلى الشبكات الإرهابية لتمكنهم من الاتجار بحرية. بدون وجود رقابة أفضل لحدود المنطقة بهدف تحصين البلاد ضد انتشار الإرهاب، وبذل جهود أكبر للتعامل الهجمات الإرهابية ضد شرطة مكافحة المخدرات، فإن خطر الإرهاب الإقليمي قد يستمر. جيليان باركر نيامى- النيجر ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©