الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

منير الشعراني: الخط العربي تعامل صوفي مع الحرف

20 يناير 2007 00:57
أحمد خضر: منير الشعراني فنان سوري متطور في مجال الخط العربي، يرتشف من روحه الحية وجمالياته النابضة معاني عصرية خلاقة للحياة والإبداع ، ويستلهم من التراث الجديد المتجدد دوماً، حيث يرى أن الخط العربي تربية للذوق والوجدان، يعكس مقدار تقدم المجتمع وتطوره وإسهاماته المتواصلة في الحياة الإنسانية المعاصرة، تنقل بين عدة أقطار عربية، بعد أن غادر وطنه منذ أواخر السبعينات، وهو تلميذ كبير خطاطي الشام بدوي الديراني، له كتابات في النقد الفني والفن العربي الإسلامي، شارك كمستشار فني في أعمال الموسوعة العربية العالمية، وكتب مداخل الخط العربي وأعلامه فيها، وقد عرض لوحاته في العديد من بلدان العالم، ويعتبر أحد المجددين الكبار في مجال الخط، حيث تتجلى قدرته في التعبير عن التصور الفني للخط العربي، وإبحاره في جمالياته عبر آفاق واسعة، وكان أحد الفنانين الذين نالوا جائزة الاتجاهات في ملتقى الشارقة، وقد نظم الشعراني مؤخراً معرضاً في دبي ضم خمسة وثلاثين عملاً، حيث أجرينا معه اللقاء الآتي: المستوى الجمالي ما هي الرسالة التي يجب أن يؤديها الخط العربي من وجهة نظرك المتجاوزة لمفاهيم ومواقف معينة؟ الخط العربي يعبر عن المستوى الجمالي الرفيع للحضارة الإنسانية، لذا ينبغي أن ينسجم مساره الإبداعي مع مواقف فكرية واجتماعية مضيئة ومتجددة كي لا يبقى محنطاً داخل أسوار الماضي أو مقتصراً على التقنيات الدينية، لأن الحياة متجددة وينبغي ألا يغيب عنها فعل الإنسان الحي· لكن البعض يرى في ذلك نوعاً من الخروج عن التقاليد الموروثة؟ القيم الحداثوية تتضمن مستويات عالية من الفن والفكر والإبداع، كما أن الثقافة الإنسانية ملك للجميع، ويجب ألا نغمض أعيننا عن التطور والمفاهيم الثقافية الجديدة تحت ستار التمسك بالأصالة، لأن الماضي الذي يتحجر في حدوده يؤدي إلى التخلف، بينما المطلوب هو الاستفادة من الحضارة الإنسانية وتوظيفها لمصلحة المجتمع، وعلينا ألا نبقى في غربة عن العالم، وبقدر اعتزازنا بهويتنا العربية الإسلامية لا بد لنا من اكتساب المفيد من الآخرين· ما تقييمك لمستوى الخط العربي على المستوى الإبداعي؟ الخط العربي أهمل لفترة طويلة، لكن في الفترة الأخيرة هناك اهتمامات واضحة في هذا الخط في أكثر من بلد عربي وإسلامي، وما ملتقيات الخط العربي، والمعارض على أرض الإمارات إلا أكبر دليل على ما توليه الإمارات العربية المتحدة للخط العربي، وتقديرها لمزاياه الجمالية البديعة، وكذلك صدور مجلة (حروف عربية) التي تصدر من دبي، وكان لاستمرارها أثر كبير في إيصال بعض الثقافات الخطية والتعاريف للخطاطين والمساهمين بهذا الخط · المحاكاة والتقليد ما ملاحظاتك على المؤتمرات الدولية للخط العربي ؟ الجوانب الإيجابية متعددة، لكن لا بد من تجديد الفهم الذي تقوم عليه هذه الملتقيات، وهو تطوير الخط العربي والتعامل معه بصورة معاصرة، وليس النسج على منوال الأقدمين، إذ ليس المقصود هو عرض لوحات خطية عن الماضي، لكن لا بد أن يكون الحاضر والمستقبل حاضراً، والخط العربي تطور ولم يقتصر على المحاكاة والتقليد إلا في العصر العثماني· هل تعتقد أن الكمبيوتر يشكل خطراً على الخط العربي؟ الخطر يأتي من قبل النساخين والحرفيين، إلا أنه لا يمثل أي تهديد للفنانين، بل هو في مصلحتهم، لأن ثمة إمكانية كبيرة لأن يجعلهم يتجهون إلى الإبداع في اللوحة، وربما هذا يدفعهم لمحاولة ابتكار الأشكال الطباعية الملائمة للكمبيوتر· يقال إن الخط العربي والصيني لهما سمات جمالية دون بقية الخطوط ؟ الخط مرتبط ارتباطاً وثيقاً بكل الكتابات التي تتم بواسطة الخط العربي الذي يتفاعل مع المعطى الشعري والثقافي سواء كان نثراً أو شعرا أو حكمة أو مقولة، ناهيك عن الآيات القرآنية، ومن هنا يمكننا القول إن الخط العربي هو المعبر الحقيقي والأهم عن الهوية الثقافية العربية، لأنه فن خاص لم تعرف الحضارات الأخرى مثيلاً له من الناحية الفنية، وعدا ذلك فهو الخط الوحيد بين الخطوط، بالإضافة إلى الخط الصيني الذي يصنفه النقاد في عداد الفنون الجميلة، ومن هنا أستطيع القول إنني أرى فيه المظهر الأساسي لتجلي الشخصية الثقافية التي يمكننا من خلالها محاولة طمس هويتنا في زمن العولمة، وبذلك يمكننا القول إن الخط العربي يلعب دوره في حماية اللغة التي هي رأس الحربة لكل ثقافة كانت· ما الذي يحتاجه الخطاط من أجل الإبداع؟ الفن بشكل عام يحتاج في إنتاجه إلى حالة من حالات التعامل الصوفي معه، وأقصد بالصوفي حالة التوحد بين العمل وصانعه، وبين الحبيب والمحبوب، والخطاط خصوصاً بحاجة إلى هذه الحالة ليعطي عملاً إبداعياً حقيقياً، ولا بد له من أن يخلص لفنه حتى يعطي عملاً لم يسبقه إليه أحد وحتى لا يكون عمله تكراراً ونسجاً على منوال الآخرين، بل تعطيه هذه الحالة القدرة على تجاوزهم والإضافة إلى تجربتهم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©