الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفقر والاستعمار وتعدد اللغات أهم معوقات السينما الأفريقية

الفقر والاستعمار وتعدد اللغات أهم معوقات السينما الأفريقية
11 مارس 2009 23:33
عرفت افريقيا السينما بعد مرور نحو ستين عاماً من انتشارها في العالم·· ورغم ذلك استطاعت بعض الدول الافريقية تحقيق مكانة لافتة في صناعة الافلام مثل نيجيريا وجنوب افريقيا فيما يعرف بسينما نوليوود التي تعد ثالث اكبر جهة انتاج بعد بوليوود وهوليوود· وهناك كثير من الدول الافريقية مازالت تواجه تحديات في صناعة السينما· ظهر أول فيلم افريقي عام 1955 وهو ''افريقيا على نهر السين'' لمخرجه السنغالي بولين سوما نوفييرا والفيلم تم تصويره بالكامل في باريس· اما أول فيلم افريقي يتم تصويره في القارة السمراء فكان من اخراج الراحل عثمان سمبين الملقب بأبي السينما الافريقية والفيلم هو سائق الكارو · قد عرفت افريقيا السينما عن طريق الفرنسيين حين عرض الاخوان لوميير عام 1900 فيلما بعنوان ''ري الحديقة'' في احد اسواق السنغال ولقيت الافلام التالية اقبالا كبيرا· ويشير د· احمد شوقي عبدالفتاح المخرج والناقد الفني في دراسة بعنوان ''سينما اللؤلؤة السوداء'' الى ان احد اسباب تأخر صناعة الافلام في افريقيا هو سيطرة المستعمر الذي قدم في الفترة التي سبقت استقلال الدول الافريقية ما يعرف بالسينما البيضاء وهي سينما ترى ان افريقيا مجرد خلفية جميلة وهادئة للمغامرات العاطفية والبحث عن الثروات أو هي سينما تعليمية تستخف بالعقول وتقدم ما يريده المحتل· ويوضح ان السينما الافريقية اعتمدت في البداية على القصص الخيالية الاسطورية والاجواء الساحرة الغامضة التي تعبر عن عاداتهم وثقافاتهم ونطقت افلام المخرجين الاوائل باللغات المحلية لتحقيق مزيد من التقارب مع الشعوب والسينما كذلك تغيرت موضوعات الافلام واصبحت تتناول مشاكل الحياة المعاصرة والاساليب التي يجب ان تتبعها الشعوب للتخلص من عباءة الاستعمار الابيض· وتروي السينما الافريقية قصة الحياة قبل الاستعمار وكيف استولى المستعمر على كل ما يقع تحت بصره ويديه من ثروات وبشر· ويشير د·احمد شوقي الى أن المخرجين الأفارقة كان لهم تكنيك واسلوب مميز في افلامهم حيث اتسمت بالايقاعات البطيئة للقطات واهتموا بتصوير المناظر الطبيعية الصامتة والحوار المتداخل مع الصورة المغايرة حتى الموسيقى الافريقية جاءت ممتزجة بإيقاعات أوروبية· وأدرك الجيل الثاني من المخرجين والسينمائيين الافارقة اهمية ان تعبر السينما عن خصوصية كل بلد والتجارب التي مر بها تحت انماط مختلفة من الاحتلال واستطاعت السينما الافريقية ان تجد لها عوالم فردية مميزة وتجارب خاصة واساليب تعبيرية مدهشة وغير متوقعة· ومن التجارب السينمائية المتميزة في القارة السمراء سينما الديجيتال في نيجيريا والتجربة السينمائية المتطورة في جنوب افريقيا حيث انهما الوحيدتان اللتان تمتلكان صناعة سينما مستقلة قادرة على انتاج افلام بدون الاعتماد على التمويل الخارجي· وعن اهم مخرجي السينما في افريقيا يأتي المخرج السنغالي الراحل عثمان سمبية الملقب بأبو السينما الافريقية لانه صاحب اول فيلم افريقي ''سائق الكارو'' ومدته 19 دقيقة وهو ايضا صاحب اول فيلم روائي طويل ''فتاة سوداء'' عام ،1966 وهناك سليمان سيسيه ومدهو تدو وفلورا جوميز وصافي فاي اول مخرجة من جنوب القارة· وحققت السينما الافريقية بعض النجاح في المهرجانات الدولية وحصدت العديد من الجوائز مثل فيلم ''الأمس'' للمخرج دارسيل رودت والذي رشح لجائزة افضل فيلم اجنبي في الاوسكار عام ·2005 كما فاز فيلم ''كارمن في خايلتشا'' للمخرج مارك دور نفورد ماي بالدب الذهبي في مهرجان برلين في دورته الخامسة والخمسين وفاز فيلم ''الطبلة'' من جنوب افريقيا بجائزة افضل فيلم في مهرجان فيسبا كوفي ''واجادوجو'' عام ·2005 وتحت عنوان ''السينما الافريقية·· دعوة لفك العزلة'' كان مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الثاني والثلاثون قد نظم ندوة حول اهم المعوقات امام صناعة السينما في الجنوب الافريقي وطرحت الندوة العديد من المقترحات لتخرج السينما الافريقية من عزلتها الى العالمية من خلال افلام تحكي قصصا افريقية خالصة تشبه ابناء القارة السمراء وبلغة فنية تناسب العصر وتسهم في خلق واقع افريقي جديد· وأرجعت المخرجة فردوز بالباليا من جنوب افريقيا اسباب تعثر انتشار الفيلم الافريقي الى تعدد اللهجات واللغات المختلفة في دول القارة بسبب الاستعمار الذي فرض لغته، كما ان سيطرة الفيلم الاميركي على اسواق العالم احد المعوقات بما يملكه من انتاج ضخم في مقابل فقر البنية الاساسية لآليات الانتاج والتوزيع في دول أفريقيا كذلك فرض الوجود الاستعماري لفترات طويلة العزلة بحيث لم يعد هناك حوار بين السينمائيين الافارقة· وكشفت المنتجة باترشيا مون من الكاميرون عن ان السينما الافريقية ظلت تعاني من إشكالية التمويل الاجنبي وخاصة الفرنسي الذي يفرض رؤيته ووجهة نظره بعيدا عن الثقافة الافريقية وقد عارض سيرجيز توبيات رئيس مركز سينماتيك الفرنسي ذلك الاتهام مشيراً الى تجارب المخرج المصري الراحل يوسف شاهين الذي حصل على تمويل للعديد من افلامه من فرنسا ولم يتدخل احد في فرض اي شيء عليه· وذكرت المنتجة ناكي سيسفانو من كوت ديفوار ان السينما في أفريقيا تواجه بنظرة قاسية من قبل بعض رجال الدين مشيرة الى استيلاء الكنائس على دور العرض السينمائي الى الحد الذي يلجأ فيه بعض رجال الدين لإقامة الصلاة وقت عرض الفيلم مما ادى الى تدهور حال السينما في بلادها· وقال الناقد المصري د·احمد شوقي عبدالفتاح إن المعوقات التي تواجه السينما الافريقية تحتاج الى تكاتف كافة رموز المجتمع بما في ذلك النخب السياسية والاقتصادية للتوعية باهمية السينما كصناعة وفن· وقال المنتج النيجيري تيكي روبنز إن السينما في بلاده تعتمد على الانتاج المحلي مما جعل السينمائيين يقدمون افلاما تتحدث عن الواقع السياسي والاجتماعي بحرية وحققت تلك الافلام رواجا ساهم في زيادة الانتاج بحيث اصبحت نيجيريا تنتج نحو 80 في المئة من اجمالي الافلام التي تنتجها القارة· يذكر أن مهرجان القاهرة الاخير عرض مجموعة من الافلام الافريقية في المسابقة الدولية لافلام الديجيتال منها ''السحاب فوق كوناكري'' انتاج غينيا والذي يطرح الصراع بين الفكر التقليدي والموروث الشعبي ورغبة البعض في التقدم· وفيلم ''مواسم الحياة'' من مالاوي للمخرج شيموجايا والذي اعترف عقب عرض الفيلم بأنه قام بكتابة وتأليف واخراج الفيلم ليوفر في التكاليف واستعان بسيارة زوجته للتصوير مشيرا الى ان فيلمه الافريقي ناطق بالانجليزية لان مالاوي ظلت فترة طويلة مستعمرة بريطانية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©