السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الزهرة رميج: لا أستجدي الكتابة ولا أغريها

الزهرة رميج: لا أستجدي الكتابة ولا أغريها
11 مارس 2009 23:41
تقول الروائية والقاصة والمترجمة المغربية الزهرة رميج صاحبة ''أخاديد الأسوار'' و''نجمة الصباح'' و''عندما يومض البرق'' و''أنين الماء'': ليست لدي طقوس ثابتة للكتابة· ذلك أن الكتابة كما تبدت لي من خلال التجربة، حربائية لا يمكن الإمساك بها في صورة واحدة· فهي تخضع لحالات الكاتب النفسية وظروفه الاجتماعية والصحية والعمرية· في بداياتي، عندما كنت أربي أولادي وملتزمة بعملي اليومي، لم أكن أكتب إلا في الليل· بل أكتب أحياناً، وأنا نائمة! فعقلي الباطني يكون بدون شك، منشغلاً بالكتابة طيلة النهار، ويتحين الفرصة للاختلاء بها· ولهذا، كثيراً ما وجدت نفسي أستيقظ في عز الليل، وفي ذهني نص انكتب أو ينكتب وينتظر مني نقله إلى الورقة، قبل أن يتبخر مع طلوع النهار· لقد عشت هذه الحالة المؤلمة، ذات مرة· ومنذئذ، واظبت على وضع ورقة وقلم بجانب السرير، حتى لا تضيع مني تلك النصوص· وكانت هذه التجربة مع الشعر أساساً· وتضيف: مع تقدمي في العمر وتخففي من المسؤوليات المتعددة، صرت غالباً لا أكتب إلا في الصباح· لكن بشكل عام، أكتب عندما تدعوني الكتابة إليها· وأتوقف عندما تطلب مني التوقف· فكم من مرة، ترخي لي عنانها لفترة، قبل أن تفاجئني بشد اللجام· أنساق لها، لكني لا أرغمها أبداً، على الامتثال لأوامري· لذلك، لا أضع برنامجاً للكتابة، ولا أجلس أمام الورقة العذراء في انتظار ما ستوحي به إلي· لا أستجدي الكتابة ولا أمارس الإغراء عليها، بل أترك لها الوقت الكافي لتختمر في ذهني وعندما تلح في الخروج لمعانقة البياض، أرحب بها وأحاول توفير الأجواء الملائمة لاستقبالها استقبال الحبيب العائد بعد غياب طويل· أختلي بها بعيداً عن كل ما يشوش التفكير وينأى به عن عوالمها السحرية· أتعاطى كلية معها· حتى الموسيقى لا أستمع إليها وأنا أكتب·· أستمع فقط لنبض النص الذي يتشكل أمامي قطعة، قطعة· لذلك، غالباً ما تكون ولادة نصوصي طبيعية· لا أذكر أني أخرجت نصاً بعملية قيصرية أبداً· ولكن هذا لا يعني أن علاقتي بها علاقة العبد بسيده، بل علاقة متكافئة تماماً· فبقدر تحكمها فيّ أول الأمر، يكون تحكمي فيها بعد ذلك· وتتابع: لا أنشر عادة نصوصي قبل إخضاعها لقراءات متعددة ومنحها ما يكفي من الوقت لتستوي تماماً· أقول تماماً، وإن كان ذلك أمراً مستحيلاً· فكلما أعدت قراءة النص وجدت نفسي أنقحه من جديد··· ولو انسقت لرغبة الإتقان التي تسكنني، لما أخرجته أبداً· فالنص الأدبي بطبعه، يبقى ناقصاً· وبالعودة إلى لحظة الكتابة، أرى أنها حميمية بكل المقاييس· يمكنني تشبيهها بلحظة عشق حميمية تتم بين اثنين في خلوة تامة· عندما أختلي بالكتابة، لا أحتمل وجود طرف ثالث معنا عدا فنجان القهوة· وحده يكون شاهداً باستمرار، على هذه اللحظة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©