الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكذب··· وعادات العصر

الكذب··· وعادات العصر
11 مارس 2009 23:52
الكذِب صفة مذمومة منبوذة؛ يأباها التعامل الشريف بين الناس في جميع المجتمعات عبر جميع الأمكنة والأزمنة· وللكذب مظاهر كثيرة، تفرضها مواقفُ محرجةٌ على المرء فيُضطرّ إلى هذا الكذب· وقد تبتدئ آفة الكذب في السّنّ المبكّرة فإذا الصّبيُّ يكذب على والديه لينجوَ من ورطة· كما نجد بعض البنات يكذِبن على أمهاتهنّ حين يُحْرجْنَهُنّ بأسئلة مزعجة لهنّ؛ ثمّ يمتدّ ذلك إلى المدرسة فترى تلامذةً يكذبون على معلّميهم· غير أنّ الكذب، صفة مذمومة، ويجب أن ننبذها على سَواء؛ كما يجب على الآباء والمربّين أن ينصَحوا الأبناءِ والتّلاميذ من أجل تجنّب هذه الآفة؛ فالصّدق هو الصّفة السّامية الباقية، لأنّ الصّدق شجاعة أخلاقيّة ومعنويّة؛ على حين أنّ الكذب يدلّ إمّا على جبن صاحبِه وعدم قدرته على المواجهة، وإمّا على رغبته الجامحة في دَسّ الشّرّ للآخرين· ومن آثار الكذب السّيّئة على المكانة الاِجتماعيّة للشّخص أنّه حين يتعوّد الكذبَ يصبح له عادةً؛ كما يصبح معروفاً لدى النّاس بتلك العادة السّيّئة؛ فيشتهر بالكذب· وحينئذ حتّى إذا حدّث الناس بالصدق فإنّهم لا يصدقونه· من أجل ذلك نجد الْمَحاكِم والهيئات التي تستعين بالشّهود تشترط الصّدق في سيرتهم؛ لأنّ الذي يسمح لنفسه بالكذب الأبيض، لا يرعوي أن يسمح لها بالكذب الحقيقيّ كشهادة الزّور· غير أنّ كثيراً من النّاس، في زمننا المعاصر، لا يرى في بعض الكذب الذي يسمّونه أبيضَ بأساً ما دام لا يُفضي إلى إيذاء أيّ أحد· ومن أكثر النّاس كذِباً على النّاس الأزواجُ على زوجاتهم، وربما الزّوجات أيضاً على أزواجهنّ، وخصوصاً في المجتمعات الغربيّة التي تسمح بالاِختلاط؛ فيفشو الزّنا، ويكثر الأخدان؛ فالزّوج إذا تأخّر عن الرّجوع إلى البيت؛ وكان يخشى أن تنزعج حليلتُه لذلك، كأنْ تكونَ رافضة لربط علاقة زوجها مع أناس معيّنين، فلا ينقذه ممّا استورَطَ فيه إلاّ الكذِب الأبيض: كأن يختلق وقوع اجتماع مطوّل في العمل، أو تعطّل سيّارته في الطّريق، أو مصادفته لازدحام غير عاديّ في شوارع المدينة، أو أيّ كذبة أخرى تنقذه من موقف يخلّصه من كثرة السّؤال، وتجنّبه معركة حامية من الكلام والانفعال· ومن دواعي الكذب في مألوف العادة الخوفُ من الآخرين كما مثلنا لذلك بالأطفال والتّلاميذ، أو الخوف من العاقبة السّيّئة في المحاكم كما يحدث ذلك في تحقيق رجال الأمن مع المشتبه فيهم· كما قد تكون الرّغبة الشّديدة عاملاً من عوامل الكذب من أجل الحصول على شيء محبوب، أو تحقيق غاية من الغايات· وأيّاً ما تكُنْ دواعي الكذب وأسبابُها وظروفها، فإنّ الكذب يظلّ مذموماً مرفوضاً؛ ومن الأفضل أن نعوّد أبناءَنا وبناتِنا، وقبل ذلك نعوّد أنفسَنا قبلهم، على قول الصّدق الذي يدلّ على شجاعة النّفس، وصفاء السّريرة، وشدّة العزيمة، وقوّة الشّخصيّة· فالحضارات والقيم لا يجوز أن تبنى على الكذب أبداً، وإلاّ أمست الدّيار كلُّها بَلاقِعَ·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©