الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الدول الغنية بمصادر الطاقة ضحية ثرواتها الطبيعية

20 يناير 2007 22:46
الثروات الطبيعية الضخمة كثيراً ما تنعكس سلباً على أصحابها نتيجة الأطماع الاستعمارية الخارجية الباحثة عن مصادر الطاقة للهيمنة عليها· ومن المفارقات الكبرى المثيرة أنّ معظم الدول الغنيّة بالثروات الطبيعية النادرة والثمينة تعاني شعوبها من الفقر والتخلّف ومن الأمّية وانتشار الأوبئة القاتلة، كما هو الحال في دول القارة السمراء وفي أميركا اللاتينية عموماً، حيث تغرق الشعوب بمزيد من الفقر والتخلّف والصراعات العبثية· والسؤال البارز: متى تصبح الثروات الطبيعية ملكاً لأصحابها وعاملاً لتطوير الشعوب وتوفير التنمية ومحو الأمّية ومكافحة الأوبئة الفتاكة بعيداً عن النزاعات المدمّرة لهذه الشعوب؟ كثيراً ما يترافق وجود الثروات الطبيعية في مختلف بلدان العالم مع لعنة الحروب والنزاعات التي تحلّ به، إلى جانب الفقر المدقع وانتشار الأمراض والأوبئة، هذا فضلاً عن أطماع الدول الأخرى التي تتربّص به من كل حدب وصوب بانتظار حلول الفرصة السانحة لتنقضّ عليه وتنهش مواده الأولية تلبية لمطامعها· وليس من المبالغ فيه القول إنّ هذه الدول الغنيّة بالثروات الطبيعية تعاني شعوبها من الفقر والأمّية والصراعات على السلطة وغيرها، وهي غير قادرة على توفير الحدّ الأدنى من الحياة الطبيعية، رغم أنّ كل فرد منها له الحق الشرعي في الاستفادة من هذه الثروات الطبيعية كالألماس والذهب والنفط والغاز والمعادن، كونها ثروات وطنية تؤكد الدساتير وجوب إفادة الشعوب التي تمتلكها من إيراداتها· نماذج متعدّدة ضمن سلسلة الشعوب الفقيرة التي تعيش فوق أراض غنية بالثروات الدفينة تطالعنا جمهورية الكونغو التي تملك 26 في المئة من مخزون الألماس العالمي، بالإضافة إلى كميات كبيرة من المعادن الثمينة، خصوصاً الذهب والنحاس، في حين تشتعل البلاد في نيران الحرب الأهلية منذ سنوات طويلة حاصدة نحو 4 ملايين شخص منذ العام 1998 حتى اليوم· بالإضافة إلى ذلك، فإن انتشار سوء التغذية والأمّية والأوبئة إلى جانب تمحور معدل حياة السكان عند الأربعين عاماً والغرق في الديون، دليل ساطع على أنّ هذه الثروات تحوّلت إلى لعنة· إنه واقع مرير تعاني منه معظم دول القارة الافريقية ''الشهيرة'' بثرواتها الضخمة وفقرها الشديد· والمشهد نفسه يتكرّر في نيجيريا التي تملك 2,8 في المئة من مخزون النفط العالمي، والتي تُعتبر سادس أكبر الدول المصدرة للنفط، ولكن معظم مواطنيها يعيشون بدون كهرباء وبنى تحتية جيدة نسبياً، وهم محرومون من الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والصحة ومكافحة البطالة· وحالياً هناك أكثر من 130 ميليشيا مسلحة في نيجيريا تتصارع على السلطة منذ سنوات عدة من أجل فرض سيطرتها على شؤون البلاد والعباد، في الوقت الذي تملك النفط والغاز الطبيعي والمعادن الثمينة كالذهب والفضة والنحاس والأحجار الكريمة· وليس الوضع أفضل من ذلك في أنجولا أو سيراليون حيث اشتهرت عبارة ''الألماس الدموي'' للتعبير عن النزاعات اللامحدودة للسيطرة على هذه الثروات والأحجار الكريمة والتي تودي سنوياً بحياة عشرات الآلاف من الأبرياء· الثروات والمساعدات وبعيداً عن القارة الافريقية السمراء تتخبّط بلدان أخرى في مستنقع الفقر والتخلف والأمّية، وامتلاكها لثروات طبيعية ضخمة جداً كان من المفروض أن تساهم في رفعها إلى مستوى الدول المتطوّرة والراقية في العالم، ومن أبرزها بوليفيا الملقبة بـ ''المتسولة التي تجلس فوق عرش من الفضة''· ومن المفارقات الغريبة والمثيرة أن تُعتبر اليوم من أفقر دول جنوب أميركا اللاتينية رغم امتلاكها لثروات طبيعية ضخمة خصوصاً من الفضة· من جهة أخرى، فإن نسبة الوفيّات بين العمّال وخصوصاً من الأطفال مرتفعة جداً بسبب عملهم الخطر في المناجم الثمينة لتأمين لقمة عيشهم· و هناك فنزويلا (وهي من دول أميركا الجنوبية أيضاً) التي تملك 2,6 في المئة من النفط العالمي، في حين أنّ الدخل الفردي لمواطنيها يكاد يوازي ما كان عليه قبل 25 عاماً، أي أنها لم تحرز أي تقدم ملحوظ رغم ثرواتها الطائلة· فضلا عن روسيا التي كانت تشكل قوة عظمى في الماضي ولاسيما أنها تملك 27,5 في المئة من الغاز الطبيعي العالمي، والتي يعيش غالبية المواطنين فيها في ظروف صعبة (70 في المئة منهم لا يزيد معدل الدخل الفردي لديهم عن 300 دولار في الشهر!)· وتجدر الإشارة إلى أن روسيا تستهلك ثرواتها بشكل مكثف، بحيث إنها تصدّر يومياً ما قيمته 500 مليون دولار من النفط والغاز الطبيعي، مما أدى إلى التضخم في قطاع الطاقة، وتدهور حال القطاعات الإنتاجية الأخرى· ''أورينت برس''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©