الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخدم والأطفال في الملاهي

10 أكتوبر 2011 21:34
تعثرت خطاي وأنا أدخل مدينة ملاهٍ إلكترونية، يعلو ضجيج الآلات، وتتصاعد الأصوات، كل يتحدث بكل قوة ليسمعه الآخر، لا أحد يكاد ينصت لغيره، لا أريد إظهار نفوري من هذا المكان تحت إلحاح أطفالي، لا شيء فيه يوحي بالراحة النفسية، هدير الدوامات والسيارات والطائرات الصناعية والقطار، ناهيك عن صراخ الأطفال، يطلقون أصواتا عالية يفرغون مكبوتاتهم المخنوقة طوال الأسابيع في صدورهم. تتمازج مكونات هذا المكان، مما لا يشجع على ولوجه مرات أخرى، لكن مع ذلك نرافق الصغار ونحاول المرور بهم على كل الألعاب، وبرغم ما نقضيه معهم في رحاب هذه الفسحة الزمنية فإنهم لا يخرجون راضين دائما. ربما هذا ما يجعل بعض الآباء يتخلصون من هذا العبء فيلقونه على ظهور الخادمات، وهذا لافت جدا للنظر، فما إن تطأ قدماك هذه الرقعة، حتى تجد ألوانا مختلفة وجنسيات متعددة منهن مع صغار من مختلف الأعمار، من الرضع إلى المراهقات والمراهقين، يرافقنهم إلى هذه المدينة، طلبا للترفيه والاستجمام، تنساب الساعات، من دون أن يدرك الجميع ذلك، فالأضواء شموس تحول الليل نهارا دائما.. ضجيج تختلط به موسيقى عالية الصوت. هكذا تجدهن يرابطن في المكان، يتحلقن، يتحدثن مع بعضهن بعضاً على الرغم من اختلاف ألسنتهن، لا يبالين بما يروج حولهن، يختار الطفل اللعبة التي يريدها، وإن كان أكثر من صغير، فإنهم يتوزعون على اختياراتهم، بينما هن لاهيات في أحاديثهن. انسحب أحد الصغار وذهب بعيدا، اختلط بكاؤه بصوت الآلات، غسلت دموعه وجنتيه، بحث في كل مكان، لكن لا باحث عنه، بعد أكثر من ساعة استفاقت الخادمة على نداء أحد المراقبين في مدينة الملاهي، يعطي مواصفات عن طفل مفقود، عمره لا يتجاوز 4 سنوات، يلبس قميصاً أحمر وو.. التفتت حولها لتجد أن أحدهم غائب. هي مواقف صادمة فعلا، تلك التي نصادفها في حياتنا اليوم، أمهات يلقين بأطفالهن في أيادي الخدم، يبحثن عن سعادتهن بعيدا عن ضوضاء المكان والصغار، يغيب اهتمامهن بتفاصيلهم، وجزئيات حياتهم. لكن كيف يمكن الاعتماد على مثل هذه الفئة من الناس التي لا تربطها أي عاطفة مع هؤلاء لتحل محل الأسرة، التي تتواكل وتعتمد على الغير في ترتيب كل أمورها، قد يقول البعض إن هذا دور الخادمة في خدمة أصحابها، وقد يقول البعض الآخر إن الخادمة والسائق باتا من الوجاهة الاجتماعية، ولكن القول الفصل إن التمادي في الاعتماد على الخادمة أصبح عائقاً في وجه النمو النفسي والفكري والاجتماعي للصغار، وأصبح سبباً من أسباب شلل التفكير ومن ثم إعاقته، وحاجزاً أمام التطور الذاتي بطرقه السليمة المتدرجة التي بها يختبر الإنسان حياته الشخصية ويكتسب مهارات معرفية تنفعه في حياته وتجعل له مخارج من كل ضيق، بين هذا وذاك فالصغار هم الضحية في بعض البيوت وخارجها. لكبيرة التونسي | lakbira.to nsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©