الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طلاب يبتكرون جهازاً لتوليد الكهرباء عبر الخلايا الشمسية

طلاب يبتكرون جهازاً لتوليد الكهرباء عبر الخلايا الشمسية
10 أكتوبر 2011 21:35
طلاب ثانويات التكنولوجيا التطبيقية في مختلف إمارات الدولة يسابقون الزمن ويتحدون أنفسهم ويجتهدون رغم صغر سنهم، من أجل عمل مشاريع مميزة يتوصلون من خلالها إلى ابتكارات علمية يشار إليها بالبنان في مجالات عدة، مثل الصناعة والطاقة البديلة ونحوها، ما يبشر بالخير، ويؤكد أن الأجيال الإماراتية، تتجه نحو الوصول إلى القمة.


في إطار تمركز الكثير من مشاريع الطلبة في المعاهد والجامعات حول مصادر الطاقة المتجددة، خصوصاً الطاقة الشمسية وكيفية استغلالها بأكثر من طريقة وأسلوب، نجد طلاب ثانوية التكنولوجيا التطبيقية في العين ينجحون في تصنيع جهاز جديد لتحديد نقطة تمركز الطاقة القصوى للشمس وتوجيه الخلايا الشمسية نحوها من أجل توليد الطاقة الكهربائية، في اكتشاف ونجاح علمي جديد يقدمه أبناء الإمارات لخدمة الناس.

تكنولوجيا بأيدٍ إماراتية

يقول الدكتور عبداللطيف الشامسي مدير عام معهد التكنولوجيا التطبيقية لـ«الاتحاد»، إن استراتيجية عمل ثانويات التكنولوجيا التطبيقية التابعة للمعهد تنطلق من شعار رئيسي مفاده «التكنولوجيا بأيدٍ إماراتية»، حيث يهدف هذا الشعار إلى تشجيع الطلاب على الابتكار والإبداع حتى تصقل هذه الملكة في أنفسهم وقدراتهم، ما يجعلهم أرضاً خصبة خلال مراحلهم العمرية والجامعية لأن يكونوا مخترعين ومبتكرين تفخر بهم الإمارات أمام العالم، ومن ثم فإن المشروعات الإلكترونية والهندسية للطلاب تشكل جزءاً رئيساً من المناهج المتبعة في ثانويات التكنولوجيا التطبيقية، وذلك بهدف تنمية قدرات الطلاب ومهاراتهم العلمية ونقلهم من مرحلة الدراسة النظرية إلى العملية، علماً بأن هذه المرحلة ينظر إليها المعهد على أنها ليست مجرد تجربة محددة الخطوات ينفذها الطلاب، بل إنهم يعيشون مرحلة صعبة يحولون فيها التصورات إلى واقع ملموس مروراً بكثير من التحدي والابتكار أثناء تجاربهم العلمية والعملية، مستعينين في ذلك بمهاراتهم الهندسية والكهربائية والميكانيكية التي تعلموها في كثير من المساقات خلال دراستهم في ثانويات التكنولوجيا التطبيقية، كما أن معهد التكنولوجيا التطبيقية يحرص على اقتراح مشاريع جديدة على الطلاب تتحدى قدراتهم ولم تطبق من قبل على طلبة غيرهم وتنسجم مع توجهات الدولة في مجالات الصناعة والطاقة بأنواعها وبما يلبي متطلبات التنمية والاقتصاد المعرفي.

اختيار المشاريع

الاختراع العلمي المشار إليه قام به أربعة طلاب من «ثانوية التكنولوجيا التطبيقية» في مدينة العين، وهم سلطان البريك وأحمد نور وسيف الظاهري وسلطان البلوشي من فرع العلوم الهندسية، بأشراف المهندس أسامة أحمد عزيز.

ويتحدث المهندس أسامة أحمد عزيز، المشرف على المشروع، حول طبيعة اختيار المشاريع التي سيطبقها الطلبة وما أهميتها بالنسبة لهم، ويقول: «في كل عام نطرح نحن المدرسون المهندسون على طلبة الثاني عشر مجموعة من المشاريع، ويختار كل فريق منهم مكون من 3 أو 4 طلاب أحد هذه المشاريع ونساعدهم في اختيار ما يناسبهم في ضوء قدراتهم المتفاوتة فكل طالب لديه تميز وبراعة في جانب أكثر من الآخر، بالتالي نشير عليهم في ضوء معرفتنا للجانب الذي يتميز به كل طالب بأن يجتمعوا على مشروع ما، فنضمن بذلك أن يعمل الجميع في المشروع، ولا يكون الجهد على طالب واحد، بل إنهم جميعاً يكملون بعضهم بعضاً».

أفكار مفككة

أما الطالب سلطان البريك، فيعرفنا بالمرحلة الأولى التي مر بها المشروع قائلاً: «المشروع استغرق فصلين دراسيين، في الفصل الأول كانت مرحلة الدراسة والإعداد النظري للجهاز، وفي الفصل الثاني كانت مرحلة التطبيق العملي له، أما بالنسبة للمرحلة الأولى النظرية فتمثلت في جلوسنا مع المهندس أسامة المشرف على المشروع والتحاور والتناقش حول ماهية المشروع الذي سنقوم به وأهميته والمواد التي نحتاجها والخطوات التي سنمر فيها ودور كل منا فيها وكيفية التنفيذ وتجاوز العقبات، بالإضافة إلى قيامنا بدراسة مستفيضة وبحث في الإنترنت عن وجود أجهزة مماثلة للجهاز الذي نود صناعته، فوجدنا أفكاراً مفككة غير مترابطة استفدنا منها وعدلناها بما يتناسب مع مشروعنا، فالإنترنت لا تقدم تصميماً متكاملاً جاهزاً للتنفيذ، بل مجرد أفكار وصور وفيديوهات لأجهزة تعمل بهذا المبدأ».

ويضيف: «حددنا الأفكار القابلة للتطبيق وعدلناها في ضوء معرفتنا ودراستنا، وتقدمنا بتقرير أولي للمهندس المشرف حتى يقيمها ويمدنا بتوجيهاته وملاحظاته، بل كنا نقدم له تقريراً عن كل مرحلة نمر بها بمفردنا توضح سير عملنا ليوجهنا أولاً بأول، وبعد أن تمكنا من تحديد القياسات والأبعاد للجهاز قمنا برسمه على الورق ومن ثم على الكمبيوتر، وذلك باستخدام برنامج الأوتوكاد الذي رسمنا به الأجزاء الميكانيكية للجهاز، واستخدمنا برامج نمذجة أخرى للتأكد من صحة عمل الدوائر الإلكترونية واختبار أدائها».

عملية القص واللحام

ويوضح الطالب سيف الظاهري المرحلة الثانية من المشروع، وهي مرحلة التطبيق العملي فيقول: «في الفصل الثاني كنا قد زودنا بالمواد التي طلبناها من إدارة ثانوية التكنولوجيا التطبيقية والتي تم توفيرها على الفور لنبدأ بتركيبها وهي الألواح الشمسية وعددها 3 ألواح وموتور كهربائي قوته 12 فولت تماماً كالموتور المستخدم في السيارات وترانزستور ومقاومات وميكروكونترولر، أعمدة حديدية لصناعة الهيكل الخارجي، حيث بدأنا بعملية القص واللحام لصناعة هيكل الجهاز الحديدي على شكل مستطيل في ورشة الثانوية، فيضم الهيكل الذي يتخذ شكل الصندوق داخله الأجزاء الإلكترونية، بينما يثبت فوقه بشكل مائل الألواح الشمسية الثلاثة، ولوح كبير لامتصاص أشعة الشمس وتوليد الطاقة الكهربائية، ولوحان صغيران يطلق عليهما حساسات لأشعة الشمس مسؤولة عن إعطاء الإشارة اللازمة للتحكم بمجموعة الألواح، وقد ثبتنا هذه الألواح على محور عمودي متصل بمحرك بدورانه تتحرك الألواح باتجاه الشمس». ويشارك الطالب أحمد نور زميله الظاهري الحديث عن الأجزاء الإلكترونية للجهاز والتي قاموا بتركيبها وتوصيلها داخل الصندوق، وتشتمل هذه الأجزاء الميكروكونترولر، «متحكم إلكتروني قابل للبرمجة»، ودوائر إلكترونية «تتسلم الإشارات من الألواح الصغيرة، وتحدد الموقع المطلوب أن يتجه نحوه اللوح الكبير»، ومجهز قدرة يغذي الدوائر الإلكترونية بالطاقة الكهربائية المطلوبة لتشغيل الجهاز، ويمكن إزالته ووضع بطارية.

ولتكون الصورة أوضح، يبين أحمد نور مبدأ عمل الجهاز «عندما تسقط أشعة الشمس على الألواح الشمسية، وبالتحديد اللوحين الصغيرين نحصل على إشارات مختلفة، فاللوح أو الخلية المواجهة للشمس تعطي إشارة أقوى من الخلية الأخرى، ويتسلم الميكروكونترولر هذه الإشارات المرسلة إليه من الخلايا أو الألواح، ويحدد الاتجاه اللازم لحركة اللوح الكبير نحو أكبر نقطة تتجمع فيها أشعة الشمس، حيث يعطي هذا المتحكم أوامر للموتور لتحريك اللوح الكبير بالاتجاه المطلوب عبر مروره بعدة دوائر إلكترونية لمضاعفة الإشارة إلى الحد المطلوب لتحريك الموتور، وتستمر الحركة من قبل الموتور إلى أن نحصل على إشارتين كبيرتين متساويتين تكون درجة أشعة الشمس القصوى في اتجاهها، كما ثبتنا بوصلة على قاعدة الجهاز العلوية لمعرفة أفضل اتجاه لتثبيت الجهاز».

إعادة تصميم الهيكل

ويذكر الطالب سلطان البلوشي الصعوبات التي واجهتهم أثناء تنفيذ المشروع وتغلبهم عليها بقوله: بعد أن قمنا بتوصيل البطارية بالجهاز لمده بالطاقة الكهربائية اللازمة لعمله فوجئنا بسرعة كبيرة في حركة اللوح الكبير، فكان الحل المقترح تركيب مجموعة من التروس لتقليل هذه السرعة، لكن ذلك يتطلب إعادة تصميم الهيكل من جديد، ونظراً لضيق الوقت استعضنا عن ذلك باستخدام مجهز قدرة كهربائي متغير يمكننا عبره التحكم بالسرعة المطلوبة للوح الشمسي، الصعوبة الثانية كانت في تركيب الجزء العلوي للجهاز «مجموعة الخلايا الشمسية»، إذ قمنا بتركيبها بصورة خاطئة تمثلت بتثبيتها بشكل عمودي على الهيكل السفلي «الصندوق»، مما انطوى عليه عدم فعالية الألواح، ووجدنا حلاً للمشكلة عبر تثبيت هذه الألواح بشكل مائل مواجهاً لأشعة الشمس، ودرجة هذا الميلان تم تحديدها بدراسة حركة الشمس مع الوقت وبقياس طول ظل الشمس لعمود معروف الطول واتجاهه باستخدام بوصلة، حيث كنا نخرج لأخذ القراءة كل نصف ساعة، كما اضطررنا عشرات المرات إلى إعادة تصميم هيكل الجهاز والتوصيلات الداخلية المعقدة».

إنجاز حقيقي

يلفت الطلبة المبتكرون إلى أنهم لم يتمكنوا من التأكد من فعالية الجهاز عبر وضعه في باحة الثانوية أو أي مكان آخر، وذلك لأن أشعة الشمس تتحرك بشكل بطيء جداً، نصف دورة خلال يوم كامل، ما ينعكس على بطء الجهاز لكنهم اختبروه عبر تقريب ضوء عال من الألواح «الحساسات الصغيرة»، فإذا بالجهاز يتحرك ويقف عند نقطة تمركز هذا الضوء.

ولعل من البدهي معرفة أهمية هذا الجهاز في تحديد أكبر نقطة تتجمع فيها أشعة الشمس لتحريك مجموعة كبيرة من الألواح الشمسية باتجاهها، وبالتالي توليد أكبر طاقة كهربائية ممكنة، وهو الإنجاز الذي تحقق من خلال هذا الجهاز الإماراتي الذي يترجم شعار معهد التكنولوجيا التطبيقية «التكنولوجيا بأيد إماراتية « إلى واقع يراه العالم وقد يستفيد منه مستقبلاً.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©