السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإعلانات تحدد اختيارات الطفل للغذاءوتؤثر سلباً على شخصياتهم

الإعلانات تحدد اختيارات الطفل للغذاءوتؤثر سلباً على شخصياتهم
10 أكتوبر 2011 21:36
قد يكون للآباء سلطة على ما يتناوله أطفالهم من مأكولات، لكن يجب أن يستحضروا أن هناك من يُنازعهم هذه السلطة أو يُنافسهم فيها على الأقل: إنها الإعلانات. فسلطتها لا تقل قوةً عن سلطة الآباء المترهلة أصلاً، بل إنها قد تفوقها بسبب جاذبيتها وتفننها في طُرق إقناع الأطفال بما يأكلون ويشربون في مختلف المحطات التلفزيونية ووسائل العرض الحديثة من لافتات تلفزيونية وصور في الشوارع والملاعب والقاعات السينمائية والمراكز التجارية


أبوظبي (الاتحاد) - أظهرت دراسة جديدة نُشرت في العدد الأخير من مجلة «طب الأطفال» أن الإعلانات التجارية التي تُروج للمنتجات الغذائية تؤثر بشكل كبير على اختيارات الأطفال الغذائية. وأشرك الباحثون في هذه الدراسة 75 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و8 سنوات، وطلبوا منهم مشاهدة رسوم متحرك وإعلانات تجارية كان أحدها وجبات سريعة تعود إلى شركة عالمية مشهورة. ووقع اختيار الآباء بشكل عشوائي وكُلفوا بإسداء النصح والتوجيه لأطفالهم بشأن اتخاذ الاختيار الصحي الأمثل أو أن يظلوا مُحايدين ويسمحوا لأطفالهم باختيار ما شاؤوا من وجبات.

ومن بين الأطفال الذين شاهدوا الإعلان الخاص بالبطاطس المقلية الفرنسية، اختار 71% من الأطفال الذين ظل آباؤهم محايدين بطاطس مقلية، وحين شجع بعض الآباء أطفالهم على اختيار أغذية صحية كالتفاح، قام 55% منهم باختيار التفاح فعلاً. واختار 46% من بين الأطفال الذين شاهدوا إعلان التفاح البطاطس الفرنسية المقلية عندما كان آباؤهم محايدين، بينما اختار 33% منهم البطاطس المقلية عندما شجعهم آباؤهم على اختيار أغذية صحية. ويقول كريستوفر فيرجسون، المشرف على هذه الدراسة والأستاذ بجامعة تكساس الدولية في لاريدو «بدا جلياً أن الأطفال كانوا متأثرين بالإعلانات التجارية التي شاهدوها. وبدا أيضاً أن للآباء تأثيراً عليهم لا يمكن تجاهله». واستدرك قائلاً «لكن يجب على الآباء أن لا يُذعنوا لرغبات أبنائهم بمشاهدة ما يشاؤون على التلفزيون. وإنما ينبغي عليهم أن لا يسأموا من إبلاغ أطفالهم رسائل متكررة تدعوهم إلى تبني خيارات غذائية صحية وتوعيتهم بفضائل ذلك على المدى الطويل».

ويبدو أن هذه الدراسة صدرت في وقت مناسب، فالجهات الحكومية وعدد من الهيئات المدنية في الولايات المتحدة الأميركية لا تفتأ تنظم الحملات تلو الأخرى للتوعية بخطورة تفشي سمنة الأطفال بسبب اتباع أنظمة غذائية غير صحية وقلة التوجيه الأبوي والإعلامي، وأيضاً في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات مناديةً أقطاب الصناعات الغذائية وأصحاب المطاعم بتحضير وجبات ذات فائدة غذائية أكثر عند استهدافهم الأطفال. وخلال الأسبوع الماضي، أقام ممثلو ست مجموعات مدنية، تُدافع عن حق الطفل كمستهلك في تناول منتجات غذائية صحية، مؤتمراً صحافياً مشتركاً دعوا فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى دعم جهود مجموعة العمل ما بين الوكالات في الأغذية المُسوَقة للأطفال، كما دعوا أعضاء الكونجرس إلى إصدار توصيات حول الجودة الغذائية المفروض توفرها في المنتجات الموجهة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و17 ستة. وعدد المتحدثون في هذا المؤتمر طُرقاً سلبيةً متعددةً تلجأ إليها الشركات لترويج منتجاتها الغذائية مستخدمةً في ذلك الكثير من الوسائل والقنوات، بما فيها موقع «فيسبوك» الاجتماعي وأجهزة «آي بود» ولعب الأطفال، والمسابقة التي يُشارك فيها الأطفال. وخلال هذا المؤتمر، قال مارجو وُوتان، مدير السياسة الغذائية في مركز العلم للصالح العام، إنه في الوقت الذي يتحمل فيه الآباء الجزء الأكبر من المسؤولية بخصوص ما يأكله أبناؤهم، فإنه يجب الإقرار بأنهم ليسوا المسؤولين الوحيدين الذي يؤثرون في اختيارات الأطفال الغذائية.
«فشركات الصناعات الغذائية درجت على توجيه أصابع الاتهام إلى الآباء باعتبارهم المسؤولين عن توجيه الأطفال والتأثير على اختياراتهم، لكن السؤال المطروح على افتراض صحة هذا الزعم هو لماذا تُصر هذه الشركات على استهداف الأطفال من دون الآباء في إعلاناتها التجارية التي تغزو بها المحطات التلفزيونية والمساحات الإعلانية في كل مكان؟».
ويُردف «في الحقيقة أصحاب هذه الشركات هم الذين يُملون على الأطفال ما يأكلون ويشربون من خلال تقديمهم كل منتج بطريقة تسويقية مبتكرة ومبدعة وبطريقة فيها الكثير من التضليل فتجعلهم يُفضلونه على ما سواه». وأفاد الباحثون بأن الأطفال الذين شملتهم الدراسة سبق لهم جميعهم زيارة مطاعم الوجبات السريعة مرةً واحدةً على الأقل كل شهر، بينما قال أكثر من نصف المشاركين إنهم يذهبون إلى أحد مطاعم الوجبات السريعة مرةً كل أسبوع. كما أقروا أنهم يُشاهدون المحطات التلفزية بمعدل 3,28 ساعة كل يوم. ويقول الباحثون تعليقاً على هذه النتائج «نظراً لأن مشاهدة التلفاز لدى الأطفال الذين اشتركوا في الدراسة هي في الواقع مألوفة وكذا معدل استهلاك الوجبات السريعة، فإن تأثير النظام الغذائي غير الصحي وتبني نمط حياة ساكن داخل البيت عبر طول مشاهدة التلفاز يبدو واضحاً وذا علاقة مباشرة مع ارتفاع نسبة السمنة لدى الصغار».
هذا، ويدعو بعض أطباء الأطفال وخبراء التغذية إلى ضرورة عدم اكتفاء الآباء بتوجيه أبنائهم لاختيار وجبات صحية، بل عدم السماح لهم بمشاهدة المحطات التلفزيونية لفترات طويلة وعدم التفرج إلا على القنوات الهادفة والخالية قدر الإمكان من الإعلانات الغذائية «المضللة»، والتحلي بالشجاعة الكاملة والدائمة لقول «لا» بملء الفاه عندما يتعلق الأمر بصحة الطفل. كما يعتبرون وضع جهاز التلفزيون في غرفة نوم الطفل خطأً كبيراً يجب عدم الوقوع فيه.

هشام أحناش
عن «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©