الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سلمى البلوشي تقود الطائرات بشغف الطموح

سلمى البلوشي تقود الطائرات بشغف الطموح
6 أكتوبر 2013 20:28
كانت الطائرة بالنسبة لسلمى البلوشي وسيلة نقل مثيرة، لم تسافر يوماً عبرها، وشكلت لها غموضاً يستحق المغامرة، فقررت ولوج هذا العالم في أول فرصة تتاح أمامها لتجريب مجال الطيران، فحلقت بأحلامها عالياً، حتى أصبحت مساعد طيار، ومازالت تسعى خلف حلمها، وتحلم بقيادة الطائرات من النوع الثقيل، وقطع مسافات طوال، إذ إن طموحها غير مرهون بزمان معين. وبدأت البلوشي، التي تقضي معظم وقتها بين السماء والأرض، بمعدل 18 رحلة في الشهر، مشوارها الأكاديمي بدارسة التمريض، وغيَّرت مجرى حياتها بعد أن التحقت بدراسة الطيران. وبعد تحقيق العديد من النجاحات وتجاوز العقبات، حتى باتت تقود ما يقارب 17 رحلة شهرياً، كان أطولها رحلة إلى أثينا ذهاباً وإياباً في اليوم نفسه، فإن البلوشي تنوي استكمال دراستها في المجال نفسه والحصول على بكالوريوس في مجال إدارة الطيران. تجاوز العوائق انضمت البلوشي إلى «الاتحاد للطيران» في عام 2007، بعد أن أنهت تدريبها الأولى في أكاديمية الأفق الدولية للطيران في العين، حيث درست أساسيات الطيران والملاحة الجوية ومختلف المواضيع التقنية ذات الصلة، وأنهت بنجاح 750 ساعة من الصفوف الدراسية التعليمية، و205 ساعات من تدريبات التحليق في طائرات ذات محرك واحد أو متعددة المحركات خلال تلك الفترة، واجتازت اختبارات الطيران والمعرفة النظرية من قبل الهيئة العامة للطيران المدني، تبعتها سنتان من التدريب، تلقت خلالهما أجنحة التخرج، وتمت ترقيتها لرتبة ضابط ثانٍ. للإضاءة أكثر على تجربة البلوشي، التي سردت جزءا منها خلال منتدى مبادلة للشباب 2013 خلال الجلسة الثانية من المنتدى التي كانت بعنوان «تجارب وعرة»، أشارت البلوشي، مساعد طيار، إلى أنها اقتحمت هذا العالم بعد أن درست التمريض لمدة سنة ونصف السنة، مؤكدة أنها مرت بصعوبات كثيرة أبرزها قضية الدراسة جنباً إلى جنب مع الشباب. وأوضحت أنها تجاوزت هذا العائق بدعم من الشباب أنفسهم الذين أكدوا لها أن اختيارها لأي عمل سيجعلها تختلط بهذا العنصر، ودراستها للطيران هي فقط مرحلة استباقية لفترة العمل، وأشارت في حديثها إلى أنه لم يسبق لها أن ركبت طائرة قبل الدراسة، وكانت أول اختبار لها في القيادة هو أول رحلة في حياتها على متن طائرة، مؤكدة أن دعم الرجل نفسه بشكل عام للمرأة هو عامل مهم في استكمال مسيرة تألقها. وقالت «بعد حصولي على الثانوية العامة، درست التمريض، وبعد سنة ونصف من التحصيل، توقفت عن استكمال المشوار، حيث توفيت جدتي التي كانت بمثابة والدتي، إذ تأثرت كثيراً، خاصة وأنني كنت جليستها في المستشفى وملازمة لها، ومن مساوئ الصدف أنني فارقتها لقضاء غرض معين لفترة وجيزة، لأتلقى خبر وفاتها، وشكّل ذلك لي صدمة كبيرة، وخلال هذه الفترة قطعت صلتي مع دراسة التمريض ولم أفكر في دراسة أخرى، إلى أن قرأت إعلان يتعلق بدراسة الطيران ووقعت عيني على عبارة أن الامتحان يشمل الشباب والشابات، وكانت هذه العبارة تعني لي الشيء الكثير، حيث شعرت بأن المسؤولية ستكون مضاعفة علي، خاصة أنني سأكون في مواجهة الشباب أول مرة، وترددت بداية في تقديم أوراقي، وبعد أسبوعين اجتزت الامتحان الذي شكّل اختباراً ومقابلات في الرياضيات واللغة الإنجليزية، وبعض المواد الأخرى، ودارت على أربع مراحل». صعوبة الاختلاط أفرزت نتائج اختبار الطيران، التي ولجتها البلوشي 10 مرشحين، كان من بينهم بنتان، والتحقت المجموعة بأكاديمية الأفق للطيران في العين، وكان ذلك بتاريخ 21 أكتوبر2007، ولم تكن البداية سهلة بالنسبة للبلوشي، خاصة في جانبها المتعلق بالاختلاط، حيث كانت ترفض الدراسة في صف واحد إلى جانب الذكور، لكن استطاعت أن تتغلب على هذا الحاجز بعد أن أقنعها زملاؤها، وأهلها وخاصة جدها الذي كان بمثابة والدها أن الاختلاط الذي تشكو منه هو فقط مرحلة سابقة عن العمل الذي ستكون بيئته مختلفة تماماً عن الدراسة وتتطلب التواصل مع العنصر الرجالي، مؤكدين عليها بخوض التجربة. وعن تلك المرحلة، قالت البلوشي «أنحدر من عائلة محافظة ومن مدينة تعرف بعاداتها وتقاليدها المتأصلة في المجتمع، ومن بيئة تعزز هذا المعطى في أنفس الشابات والشبان، وكنت خائفة جداً من هذا الاختلاط، بحيث كنت دائمة التفكير في طريقة التعامل والتواصل مع زملائي، وكان سبب ذلك أنني لم أفارق يوماً جدي وجدتي، ولم أتحرم بمفردي خارج نطاق العائلة، وكانت هذه تجربة صعبة جداً بالنسبة لي، وبعد ثلاثة أشهر من بداية الدراسة تأقلمت مع الطلاب في محيط الأكاديمية بعدما تكفلوا هم أنفسهم بإقناعي بضرورة اختراق هذا الحاجز وتخطيه بكل نجاح، وبعد سنة ونصف السنة من الدراسة اجتزنا فيها جانبا نظريا وآخر عمليا، وبدأنا التدريب على طائرات صغيرة تحمل أربعة ركاب». واجتازت البلوشي اختبار المرحلة القادمة بعد عدة اختبارات ونجحت فيها وقضت جزءا من الوقت على نظام المحاكاة الكامل لطائرة إيرباص A320، فضلاً عن التدريبات التي تلقتها على تطوير المهارات غير التقنية التي تنطبق على العمل ضمن طاقم عمل متعدد البيئات، انتقلت لمرحلة جديدة في أكاديمية «الاتحاد للطيران». إلى ذلك، قالت «درسنا سنة كاملة في الأكاديمية شملت النظري والعملي، وبعد أن أصبحت مؤهلة وبعد عدة امتحانات خضت تجربة القيادة الحقيقة، وكانت ساعتها أول مرة تطأ قدماي طائرة من هذا الحجم، بحيث لم يسبق لي السفر عبر هذه الوسيلة، وركبت الطائرة قائدة لها، وكانت رحلة إلى أثينا، وسبق هذه التجربة أخرى على متن طائرة صغيرة، وصادفت عيد ميلادي، بحيث ركبت طائرة صغيرة بمفردي وأقلعت ثم حلّقت وبعدها نزلت في المطار، ودامت الرحلة 15 دقيقة فوق المطار، وأصعب لحظة في هذه التجربة هو النزول، حيث رددت عدة أدعية بينما كان المدرب خائفاً جداً، وبعدما حققت النزول كان يقفز من الفرحة وأبدى سعادة كبيرة، واستطعت كسر حاجز الخوف وقفزت فوق الصعوبات وباتت الرحلات تتوالى، لأكون أول مساعدة طيار إماراتية لدى الاتحاد للطيران على متن طائرات إيرباص A320، وتخرجت برتبة ضابط أول». ابنة الإمارات عن تجاربها الشخصية والذكريات التي تحتفظ بها سلمى البلوشي من خلال عملها، قالت «كانت على متن رحلة إلى السعودية سيدة إماراتية وكانت صائمة، وبالصدفة اكتشفت أن قائد الطائرة امرأة ما سبب لها الرعب وظلت في مكانها والرعب يتملكها إلى أن انتهت الرحلة بسلام، فتوجهت نحوي وسردت كل تفاصيل الخوف التي مرت بها، وقالت إن قلبها كاد يتوقف من فرط الهلع، وأكدت في نهاية الأمر فخرها واعتزازها بالمرأة بشكل عام، وأبدت اعتزازها بابنة الإمارات، وهناك موقف آخر أثناء رحلة البحرين متوجهة إلى أبوظبي، وكنت أنا من أطلق نداء الطائرة باسمي، وتفاجأت في نهاية الرحلة بالإعلامي محمد نجيب يأتي ويشجعني ويقول لي إنه فخور بابنة الإمارات، وكان ولا يزال وقع تشجيعه في ذاكرتي». موسوعة جينيس ذكرت سلمى البلوشي أنها حضرت فعالية في لندن تتعلق بافتتاح كتاب أعظم 100 امرأة في مجال الطيران. وأوضحت «أسعدني الحدث الذي قُدت رحلته بنفسي، خاصة أن صورتي وصورة زميلتي عائشة المنصوري تصدرت الكتاب». أول.. أطول.. أصعب أول رحلة، قادتها سلمى البلوشي، كانت لأثينا وكانت على ارتفاع 36 ألف قدم ودامت أربع ساعات ونصف الساعة هي رحلة أثينا. أما أصعب رحلة فهي تلك التي كانت متوجهة فيها إلى دلهي، والتي وصلها فيها وفاة جدها بعد الرحلة مباشرة حين تلقت رسالة على الهاتف بهذا الخصوص، أما أطول رحلة بالنسبة للكابتن البلوشي، وهي تقود الطائرة تلك التي كانت متوجهة إلى أثينا ذهاباً وإياباً، ودامت تقريباً 10 ساعات.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©