الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العرب الأكثر عاطفة وعنفاً

6 أكتوبر 2013 20:39
من المد القومي إلى الديني إلى الوطني، يوجد دائما محرّك مُشترك بارز عندنا نحن العرب. في العلاقات الشخصية –والرومانسية- والعلاقات العائلية والعشائرية ومع الجيران، في القرى والبلدات خاصة، في المناصرة وفي الرفض، تلعب العاطفة الجياشة دوراً حاسما في أفعالنا وردود أفعالنا، في سيرورتنا وصيرورتنا. تعريفي للعاطفة بسيط: هو الشعور الذي يتقدم المنطق والتفكير، أي الذي يسبقهما، وأحياناً يقطع الطريق عليهما. لكن العاطفة لا تأتي من فراغ، بل من ثوابت وحالات خلفية ونفسية متراكمة. والعاطفة، قد تكون دافعاً لرضا ذاتي ونفسي ومعنوي في كثير من المواقف لكنها ليست بالضرورة قيمة منزّهة عن الخطايا. قد تحملنا أحياناً على المحبة الزائدة، ولكنها ليست هي المحبة بعينها، فقد تتناقض معها أحياناً ويمكن أن تجرّنا إلى كراهية شديدة، وإلى الوقوع ضحية خداع، كأن نتعاطف مع من لا نعرف بأنه شرير أو لاأخلاقي. أي ليس كل عاطفة قيمة سامية. فالحماس العاطفي يمكن أن يكون مصدراً للشرور أحياناً. في ضوء ذلك قد يكون الانجرار الأعمى للعاطفة خطراً بالغاً على المستوى الفردي، وأكثر خطورة على المستوى الجمعي. ومن هنا يمكن أن نفهم الدراسات التي تتحدث عن آليات للتأثير بالشعوب، أو إمكانية تحكم وسائل الإعلام على طريقة استثارة العاطفة أكثر من التفكير، التي تحدث عنها قبل عامين الكاتب الأميركي نعوم تشومسكي.مخاطر استراتيجيات يمكن أن تهدد الجميع لأن مختلف الشعوب تتمتع بقدر من العاطفة، ومن المنطقي أن تكون المخاطر أكبر على الشعوب الأكثر عاطفة. وقد لا نكون نحن العرب أكثر الشعوب عاطفة في العالم، ولكننا من بين الأكثر، بل والأكثر سلبية تحديداً. ولنتذكر مؤشر معهد جالوب الأميركي المنشور العام الماضي، والذي بيّن أن منطقة الشرق الأوسط، وبعض الدول العربية فيها خاصة، هي بين الدول الأكثر معايشة لكثير من المشاعر السلبية اليومية مثل الغضب والتوتر والخوف والقلق والحزن والألم الجسدي. هذه المشاعر تنبع بالتأكيد من مآسي هذه الدول التي تؤججها طبيعة عاطفية-وحماسية- وتجعلها الأكثر عنفاً وتعصباً واقتتالا مذهبياً وطائفياً وعشائرياً، «وإرهاباً؟»، وتتجلى أحيانا بعمليات انتحارية كانت بالأمس سلاحاً ضد محتل أجنبي، والآن باتت سلاحاً لمعارك واستحقاقات أخوية. وأياً كان الفاعل، يمكن القول بكل ثقة أن التحكم والتلاعب بالشعوب عن طريق استثارة العاطفة وما شابه قد نجحت في منطقتنا بامتياز. لكن المحصّلة الرهيبة من الضحايا على كل صعيد باتت تتطلب بشكل ملح بعضاً من يقظة. قد لا نستطيع أن نغيّر من طبيعتنا الحامية، إنما بالإمكان اللجوء إلى ما يسمى «الذكاء العاطفي» الذي يعني القدرة على فرز العواطف الذاتية وحسن استعمالها وضبط النفس والحماس ثم تحفيز الذات إيجابياً، بدء من الأطفال وحتى أكبر الأعمار وأعلى المراتب. إنه يعني فرز العواطف الذاتية، وحسن استعمالها والتعرف على حقيقة شعورنا وشعور الآخرين بما يساعد على إدارة علاقتنا داخل المجتمع والمجموعات. أي حل جوهر مشاكلاتنا وأزماتنا التي تغذيها يومياً عاطفتنا الجياشة. د.الياس البراج | barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©