الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أربع مسعفات مواطنات في شرطة أبوظبي يسابقن الزمن لإنقاذ الأرواح

أربع مسعفات مواطنات في شرطة أبوظبي يسابقن الزمن لإنقاذ الأرواح
13 أكتوبر 2011 17:50
تخوض أربع مواطنات تجربة استثنائية ذات مدلولات إنسانية واجتماعية، حيث انضممن مؤخراً إلى قسم الإسعاف في إدارة الطوارئ والسلامة في القيادة العامة لشرطة أبوظبي، للعمل كمسعفات ميدانيات، في قسم الإسعاف لعلاج جرحى الحوادث، ومرضى الحالات الطارئة، وحالات الولادة الطارئة، في خطوة تساعد على خصوصية المرأة. (أبوظبي) - يعتبر فريق الإسعاف النسائي المكون من أربع مسعفات يحملن درجة البكالوريوس في طب الطوارئ، أول دفعة نسائية إماراتية تعمل في هذا المجال، بحسب الرائد بطي المزروعي، رئيس قسم الإسعاف في إدارة الطوارئ والسلامة العامة في القيادة العامة لشرطة أبوظبي، الذي أكد أن المسعفات تلقين دورات مكثفة في أستراليا، والولايات المتحدة، عقب تخرجهن لتقديم خدمة مميزة للجرحى والمصابين، وفق أعلى المعايير الطبية في مجال الإسعافات الأولية والمتقدمة. خصوصية المرأة يشير المزروعي إلى أن انضمام المسعفات إلى “إسعاف شرطة أبوظبي”، ينسجم مع استراتيجية إدارة الطوارئ والسلامة، الرامية إلى دعم قسم الإسعاف بعدد من المواطنين والمواطنات، للعمل في هذا المجال الحيوي كمسعفين، ومسعفات على درجة من الكفاءة. ويقول “من هذا المنطلق تم في عام 2002 ابتعاث 9 طلاب إماراتيين إلى ألمانيا لدراسة طب الطوارئ، وعقب تخرجهم في عام 2007، والتحاقهم بالعمل أثبتت التجربة نجاحها، الأمر الذي تم بموجبه انتداب 4 طالبات مواطنات للدراسة في جامعة زايد وكليات التقنية العليا، لإضافة عناصر نسائية إماراتية تتولى مهام إسعاف المصابات من النساء في الحوادث المرورية والجنائية، وتقديم العلاج المطلوب لهن في الحالات المرضية الطارئة، مراعاة لخصوصية المرأة المنبثقة من عاداتنا وتقاليدنا العربية”. ويضيف المزروعي أن المسعفات يتميزن بقدر كبير من الحرفية والمهنية، نتيجة لمواصلتهن لبرامج التدريب المحلي والخارجي، وفق أعلى المعايير الطبية لصقل مهاراتهن العلمية والعملية، في مجال الإسعافات الأولية والمتقدمة للعناية بالمرضى والمصابين، بالإضافة إلى تواجدهن الدائم خلال الفعاليات النسائية لاستقبال الحالات الطارئة. ويذكر أن دورهن لا يقتصر على فئة النساء فحسب، وإنما يقمن بواجبهن الإنساني تجاه أفراد المجتمع كافة دون تمييز سواء كانوا رجالا أم نساء، لا سيما وأن هيئة الصحة في أبوظبي اعتمدتهن بصفة رسمية للعمل في طب الطوارئ كأول مواطنات يزاولن مهنة مسعف ميداني ضمن طاقم إسعاف الشرطة في إمارة أبوظبي. نداء الواجب لم يكن اختيار المسعفات المواطنات لهذه المهنة نوعاً من أنواع المغامرة غير المحسوبة، بل هو واجب إنساني، وفق فني طب الطوارئ الميداني مريم الزعابي، التي تؤكد أن المسعف يدرك جيداً عند اختياره لهذه المهنة أنه سيعمل في أقسى الظروف، كما سيتعامل مع أقسى الحالات، ومع ذلك فإحساسه بالسعادة لا يوصف، خصوصاً إذا نجح في إنجاز مهمته بلا خسائر في الأرواح. وتقول إن عملها ضمن طاقم الإسعاف منحها الفرصة لكي ترد الجميل للوطن الذي يعطي بلا مقابل، وتضيف “أشعر بالفخر والاعتزاز لكوني من الدفعة الأولى التي لبت نداء الواجب، وأسهمت في تعزيز عمل المرأة في الشرطة”. وتشير الزعابي، التي تلقت دورات تدريبية نظرية، وميدانية عالية المستوى في أستراليا وأميركا، إلى الأسباب التي أسهمت في ترسيخ قناعتها في اقتحام هذا المجال الإنساني، بقولها “يعتبر طب الطوارئ من التخصصات الجديدة بالنسبة للمرأة الإماراتية، بالإضافة إلى ذلك فالعمل الميداني لا يزال بحاجة ماسة إلى كوادر نسائية إماراتية”، لافتة إلى أن لديها الرغبة في التضحية والمشاركة في بناء طاقات مهنية قادرة على تحمل المسؤولية، وتقديم المساعدة للمحتاجين بطريقة علمية ومنهجية. وتوضح الزعابي أنها واجهت العديد من التحديات خلال عملها كمسعف ميداني، مشيرة إلى أن أسعد الحالات بالنسبة لهن كمسعفات هي نجاحهن في إنقاذ حياة جريح أو مريض أو أم داهمتها آلام الولادة. دور ريادي تتفق المسعفة زهراء محمد مع زميلتها مريم الزعابي، على أهمية وجود مسعفات من الإناث للتعامل مع الحالات النسائية الطارئة، وتوجه نداء إلى طالبات الثانوية العامة للالتحاق بطب الطوارئ للعمل بإسعاف شرطة أبوظبي. وتقول إن التطلع إلى دور ريادي في خدمة المجتمع يتطلب نوعاً من الجرأة، والبسالة، مع عدم الاكتراث إلى الآراء السلبية، التي تخصص أدواراً للنساء، وأخرى للرجال، بصرف النظر عن كوننا نعيش في مجتمع متطور، ينمو، ويزدهر بسرعة، بتكاتف أبنائه وتضافر جهودهم. وفي إجابتها على سؤال حول أسباب خوضها تجربة وليدة بين الكادر الوطني، ولم تنتشر بعد في المجتمع الإماراتي، تقول محمد “كنت أنوي دراسة الطب البشري في حقيقة الأمر، غير أن الصدفة هي التي قادتني إلى العمل ضمن طاقم إسعاف الشرطة في أبوظبي، حيث توافقت رغبتي في دراسة الطب مع دعوة شرطة أبوظبي المواطنات للالتحاق بقسم الإسعاف التابع لإدارة الطوارئ والسلامة”. وتضيف “أسهمت تلك الدعوة في سرعة اتخاذي لقرار الالتحاق بشرطة أبوظبي، خصوصاً وأنني لمست تشجيعاً من الأهل، والأصدقاء، كما تأكدت خلال رحلة البحث عن أسرار هذه المهنة أن عمل المسعف لا يقل أهمية عن عمل الطبيب في المستشفيات بل يكملان بعضهما بعضاً”. زوجان في المهنة أن يعمل زوجان في المهنة ذاتها أمر في غاية الصعوبة، فكيف يكون الحال إذا كان الزوجان يعملان كمسعفين في طب الطوارئ؟ سؤال تجيب عليه المسعفة رقية الحارثي، التي بدأت دراستها الجامعية في كلية الطب، غير أن ظروفاً خارجة عن الإرادة أرغمتها على التخلي عن حلمها، فشاءت الأقدار أن تعمل هي وزوجها كمسعفين في المجال الذي عشقته منذ الطفولة. تقول الحارثي بعزم وإصرار يعكسان مدى تعلقها بمهنة تعتبر عامل الزمن، وسرعة الاستجابة قاسمين مشتركين لإنقاذ حياة المرضى والمصابين “من المهم أن يتفهم الزوج طبيعة عمل زوجته، وأن يتفق الطرفان على إيجاد آليات سلسة لترتيب حياتهما الزوجية، ولحسن الحظ فزوجي يدرك طبيعة عملي لأنه ابن المهنة ذاتها، الأمر الذي سهل من مسألة ترتيب أيام عملنا وعطلاتنا، ولم تواجهنا حتى هذه اللحظة أي مشكلة تعوق مسير حياتنا الزوجية، أو عملنا كمسعفين في الشرطة”. وبالرغم من قساوة المواقف التي مرت بها بسبب مشاهدتها لأغلب حوادث الطرق، والحالات المرضية الطارئة كالأزمات القلبية الحادة، والإجهاد الحراري الذي يصيب البعض في فصل الصيف، غير أنها تؤكد أن مهنتها كمسعفة تركت بصمة إيجابية في حياتها الشخصية، حيث تعلمت التضحية من أجل الآخرين، ومواجهة أصعب المواقف دون أن تفقد السيطرة على أعصابها، فضلاً عن ذلك فقد تأكدت أن المسافة بين الموت والحياة قد لا تتجاوز العشر ثوان، ومع أن البعض لا يزال يشعر بأهمية الوقت، ولا يعني شيئاً بالنسبة إليه، إلا أنه يعني الكثير بالنسبة للمسعفين الذين يسابقون الزمن لإنقاذ حياة مصاب أو مريض، أو أم تنتظر الفرج. كفاءة عالية يشير الملازم أول محمد البحري، مدير فرع إسعاف أبوظبي، إلى أن المسعفات المواطنات يعملن جنباً إلى جنب مع مسعفات من جنسيات مختلفة، لافتاً إلى أن التعليم والتدريب المستمر، نظريا وميدانيا في مجال الإسعاف المتقدم أسهما في صقل خبرة المسعفات، فأصبحت لديهن كفاءة عالية للتعامل مع جميع الأمراض المزمنة والمستعصية كأمراض القلب، والجلطات، وحالات الولادة، بالإضافة إلى معالجة الجروح الناجمة عن الحوادث، والحرائق، وعلاج الكسور، وقياس ضغط الدم والتنفس الصناعي. ويوضح البحري أن دور المسعفات في شرطة أبوظبي لا يقتصر على تقديم الإسعافات الأولية، والعلاجات اللازمة للجرحى، ومصابي الحوادث، بل يتعداه إلى صرف الأدوية للحالات الطارئة من المرضى المصابين بأمراض مزمنة، لا سيما وأن إدارة الطوارئ والسلامة العامة تعمل وفقاً لخطتها الاستراتيجية على تقديم أعلى معايير الجودة في هذا القسم، فضلاً عن تقليل نسب المضاعفات الناجمة عن الحوادث. نظرة مستقبلية لأنها مؤمنة ببيت الشعر القائل: “وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر” فقد لعب دوراً أساسياً في اختيارها لمهنة محفوفة بالكثير من المشاكل والتحديات، هذا ما تؤكده المسعفة مريم النعيمي التي أبدت تخوفها في بداية الأمر من الدخول في مجال جديد لا تعرف عنه سوى القليل، وعلى الرغم من ذلك لم يحُل حاجز الخوف دون التحاقها به. توضح النعيمي “وافقت على الالتحاق بطب الطوارئ للعمل بقسم الإسعاف بعد التخرج بناءً على رغبة والدي الذي يعمل هو الآخر في الشرطة، ولا أنسى أن أحد زملاء والدي في العمل هو الذي بادر بطرح فكرة الإسعاف التي وجدت قبولاً واستحساناً من أبي، ما يؤكد أنه شخص سابق لعصره” وتتابع “نجاحي في إنقاذ مصاب أو مريض، يشعرني بالسعادة، وبأهمية ما أقوم به من عمل، حتى ولو امتدت ساعات العمل إلى أربع وعشرين ساعة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©