السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معاقات يكسرن طوق العجز ويثبتن جدارتهن في الإنتاج

معاقات يكسرن طوق العجز ويثبتن جدارتهن في الإنتاج
12 أكتوبر 2011 01:46
(دبي) - في نادي “دبي للرياضات الخاصة”، وفي قسم الفتيات بالتحديد، تجتمع مشاعل مضيئة بالأمل، مستمدة وهجها وبريقها من معاني الثقة والقدرة والتحدي، لإثبات الجدارة في التغلب على الإعاقة وتذليلها، وحصد ثمار الصبر والجهد، الذي بدا جليا من خلال أعمال الفتيات ومنتجاتهن التي زين بها مشغلهن. هن مجموعة من الفتيات من ذوي الإعاقات المختلفة، منها العمى والصمم، وإعاقات ذهنية مختلفة، تواجدن في بيئة محفزة على التشجيع والمنافسة. احتياجات مختلفة من بين الورش التأهيلية المختلفة توقفت عند ورشة الفنون، حيث بدا المكان كمعرض يضم العديد من المقتنيات والتحف واللوحات الفنية، حيث قامت الفتيات بأعمال فنية مختلفة بمثابة تحد لإعاقتهن. تقول المشرفة إلهام الحاج “لدي عدة إعاقات متباينة كل فتاة بحاجة إلى تركيز واهتمام والوقوف عندها ومتابعتها خطوة بخطوة، حيث نجد بعض الإعاقات كمتلازمة داون التي لابد من استخدام أسلوب التكرار معها، نظرا لسرعة نسيانها، فيما تواجه المصابات بالشلل الذهني تحدياً في تنفيذ بعض أعمال التطريز، التي تمنحهن قدراً من التركيز والدقة عند التعامل مع الخيط والإبرة”، مشيرة إلى أن الأعمال اليدوية الأخرى كالرسم والتشكيل بالطين ونحوهما من الأعمال تعمل على تحقيق قدر من التوافق والتوازن بين القدرات الذهنية والجسدية، فبعض الحالات بالفعل أثبتت نجاحا ملحوظا، وأعمالهن شاهدة على النتيجة المشرفة التي حققنها. وتضيف “هناك مؤشرات إيجابية لا يمكن أن نغض الطرف عنها، فإلى جانب المهارات التي اكتسبنها، جراء تواجدهن واختلاطهن مع مجموعة من الفتيات أثر ذلك في سلوكهن وأسلوبهن في التعامل بطريقة إيجابية، فأصبحن منطلقات مبادرات يعبرن عن كل ما يخالجهن ويشعرن به، وهذا التفاعل والتواصل وتكوين صداقات يكون بمثابة متنفس لهن ووسيلة ليتعلمن بعض أسس التعامل مع الآخرين”. وتتابع “مشاركة المعاق في نشاطات الهيئات المجتمعية، وخروجه من إطار البيت إلى مجتمع أوسع، يكون بمثابة وسيلة علاجية أيضا، حيث يتلقى الكثير من الخبرات الحياتية ويتعرف إلى أفراد آخرين، ما يجعله قادرا على تخطي الإعاقة والتحول من فرد منعزل منطو إلى شخصية لها حضورها وأثرها في المجتمع”. أفراد منتجون في ورشة الخياطة كانت الفتيات منكبات على أعمالهن بين الخياطة والتطريز، تقول أمل مشرفة الورشة “نحاول جاهدات تأهيل الفتاة المعاقة لتصبح قادرة على الاعتماد على ذاتها، واقتناء مهارة تعينها في حياتها، وتستطيع أن تعيل بها نفسها وأسرتها من خلال ما تنفذه من أعمال الخياطة، لتتحول إلى فرد منتج في المجتمع، وقد برهنت فتياتنا على مدى قدرتهن في إتقان الأعمال ومجاراة الأصحاء، وهذا بالفعل ما لمسته من إصرار وثقة عالية في النفس، وهن ينفذن بعض الأعمال على درجة عالية من الدقة، ولا يظهرن الضيق والملل بل هناك تعطش للتعلم والرغبة في المعرفة”. وتضيف “من الأعمال التي شرعن في تعلمها وتنفيذها وأصبحت أيضا لها منافذ للبيع، بعض ملابس الأطفال والنساء، والإكسسوارات المنزلية كالمفارش المطرزة والكوشينات والسفرة، وإكسسوارات خاصة بأواني الضيافة، والآن تقوم الفتيات بتنفيذ طقم سرير مطرز، وقد استغرق العمل فيه إلى الآن 6 أشهر، وقد أخذ من الجهد والوقت الكثير إلا أن النتيجة ستكون مبهرة”. وحول دور النادي في توفير بيئة مشجعة على الأداء والتميز ومحفزة على الإبداع ومساعدة المعاقات على التكيف والاندماج في بيئتهن ومجتمعهن المحلي، تقول ابتسام السويدي، رئيسة قسم الفتيات في نادي دبي للرياضات الخاصة، إن النادي يسعى إلى بناء شراكة جديدة مع المجتمع والانتقال من مرحلة الانطواء إلى الاحتواء في مجتمع واحد لا يعترف إلا بأفضلية العمل والإنتاجية. وتضيف “كرسنا جهودنا في النادي لتحقيق وإيجاد بيئة تعليمية محفزة، تحتضن هذه الفئات العاجزة في نظر المجتمع، للعمل على تأهيلها والأخذ بيدها والانطلاق بها إلى رحاب مجتمعية أوسع، من خلال ما يقدمه من أنشطة وفعاليات تحولهن إلى فئة منتجة تتحلى بقدر من الثقة والقدرة على مواصلة العمل والإنتاج رغم المعوقات الجسدية والذهنية، التي قد تأخذ مدة زمنية طويلة نوعا ما لنجد النتائج قد ظهرت على أرض الواقع”. استقطاب المتعلمين تقول السويدي “من خلال الأنشطة المتنوعة في النادي نحاول أن نستقطب المعاقات اللاتي أنهين المراحل التعليمية، واللاتي من ذوات الإعاقات الذهنية، ويتم توزيعهن في النادي كلا حسب قدرتها على تحقيق نتائج جيدة من خلال الأنشطة الرياضية وتوزيعهن على بعض أنواع الرياضات البدنية التي تتوافق مع بنيتهن وقد حققت المعاقات فيها نتائج مشرفة على الصعيد العالمي”. وتضيف “بعيدا عن الأنشطة البدنية هناك المجال الثقافي الذي يضم أنشطة تحفيظ القرآن الكريم، والفعاليات الاجتماعية والترفيهية التي ننظمها للترويح عن المعاقين، وهناك أيضا ورشة الفنون والخياطة الذي أنشئت لتأهيل المعاقات وإكسابهن حرفة ما، يحققن بها الاكتفاء الذاتي، ويسهمن من خلالها في تنمية المجتمع”. وتوضح أن “عملية تأهيل المعاق عموماً تساعد على سرعة اندماجه بالمجتمع الذي يعيش فيه، وتبدد إحساسه بالعزلة وتمنحه الثقة بأهميته لنفسه ولأسرته، وتكسبه القدرة على التحكم بزمام حياته واتخاذ قراراته، كما أن هذا الحق يحظى بأهمية خاصة من جانب الدول والحكومات، إذ يفتح الباب أمام طاقات معطلة يمكن أن تضاف للموارد البشرية للدولة كأحد مدخلات التنمية، من أجل زيادة عجلة الإنتاج”. وتقول السويدي إن الأسرة عليها العبء الأكبر في احتواء المعاق وزيادة ثقته بنفسه وإكسابه القابلية والكفاءة الاجتماعية، وإبعاده عن خطر الاضطرابات النفسية والسلوكية، وتضيف “للبيئة تأثير كبير فهي الإطار الذي يعيش فيه المعاق مع بقية أقرانه وأترابه، وهي تختلف من منطقة إلى أخرى من حيث البيئة الحياتية والثقافية والاجتماعية، وهذا الاختلاف يعمل على وجود تفاوت في توجهات وميول وعادات وتقاليد الأفراد المعاقين كل وفق البيئة التي نشأ فيها، وللمجتمع تأثير كبير على الفرد المعاق فنجد أن الفكرة العالقة في ذهن المجتمع حول المعاق أنه فرد مستهلك عاجز عن رعاية نفسه يشكل في حقيقة الأمر حاجزا منيعا نحو قبوله في السلك الوظيفي، وهذه الفكرة متواجدة عند بعض أصحاب العمل، وهذا دليل على فقدان الثقة بقدرات المعاق والجهل به”. وتؤكد “نحاول دائما تعديل وتحسين هذه الصورة من خلال المشاركة والتواجد في الكثير من المعارض والفعاليات المجتمعية، وعرض منتجات المعاقين وأعمالهم لتعريف المجتمع بقدرات المعاقين ومواهبهم”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©