الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حب بالصيني

12 أكتوبر 2011 01:52
كان أحد خياراتي بعد نيلي الثانوية أن أدرس الأدب المقارن في الصين أو اليابان، وبالطبع اتهمني الأهل والأصدقاء بالجنون، فقد أحببت رسم حروف الصينية منذ الصغر، وحيل بيني وبين رغبتي، وربما كان ذلك من حسن حظي، فربما أصبت بالجنون لو درستها نظراً لصعوبتها، وشاء القدر أن أتعرف في أيام الجامعة إلى مجموعة من الطلاب الصينيين والكوريين الذين كانوا يدرسون اللغة العربية، وحاولت جاهداً حفظ، أو تعلم هذه اللغة التي طالما أسرتني بسحرها وحلمت بتعلمها، وربما كان سبب ذلك الحب رسم حروفها الشبيه بشكل ما بفن الخط العربي، الذي كان يستهويني جداً، ولكن أكثر ما أدهشني في لغة التنين الصيني «الاختصار أو الإيجاز» ، فقد كان الطلاب الصينيون الأصدقاء، يسجلون مجرد ملاحظات بالصينية، لشرح في مسائل في الأدب والنحو يستغرق وقتاً طويلاً، لأجد في النهاية رسوماً وطلاسم مدونة موجزة بالصينية في دفاترهم، تكاد لا تملأ نصف صفحة واحدة، بينما يحتاج شرحها بالعربية إلى عشرات الصفحات، وتأكدت من ذلك بالمقارنة طبعاً مرات ومرات، فما كان ينشّف حلقي في ساعات من الكلام، كانوا يدوّنونه بصُفيحات، وعرفت فيما بعد أن هذا سر من أسرار الصينية وهو ما يسمى بكتابة المجموع. فللصين كتابة يقال لها كتابة المجموع، وهي أن لكل كلام يطول شكلاً من الحروف يأتي على المعاني الكثيرة، فإن أرادوا أن يكتبوا ما يكتب في مائة ورقة، كتبوه في صفحة واحدة. وقال محمد بن زكريا الرازي: قصدني رجل من الصين، فأقام بحضرتي نحو سنة، تعلم فيها العربية كلاماً وخطاً في مدة أشهر حتى صار فصيحاً حاذقاً سريع اليد، فلما أراد الانصراف إلى بلده، قال قبل ذلك بشهر: إني على الخروج، وأحبُّ أن تُملي عليَّ كُتب جالينوس الستة عشر لأكتبها، فقلت: لقد ضاق عليك الوقت، ولا يفي زمانُ مقامك لنسخ قليل منها، فقال الفتى: أسألك أن تهب لي نفسك مدة مقامي، وتملي عليّ بأسرع ما يمكنك، فإني أسبقك بالكتابة، فتقدّمت إلى بعض تلاميذي، وكنا نملي عليه بأسرع ما يمكننا، فكان يسبقنا، ولم نصدّقه إلا في وقت المعارضة، فإنه عارض بجميع ما كتبه، وسألته عن ذلك، فقال: إن لنا كتابة تعرف بالمجموع، فإذا أردنا أن نكتب الشيء الكثير في المدة اليسيرة كتبناه بهذا الخط، ثم إذا شئنا نقلناه إلى القلم المتعارف والمبسط. بقي لي أن أقول إني لا أعرف من الصينية إلا «ها» و»هُوْ و»هِيْ» وله الحمد على ذلك! سليمان العيسى: يا صين، يا أعرقَ أنشـــودةٍ بـــاح بهــا ثغــرٌ، وغنى وتَـــرْ بالروح أبناؤكِ، هـل صُغتهم جميعهم من نَفحات الزّهـــرْ يكاد يندى اللفظ في ثغرهم أهوى على الثغر نسيمَ السحَرْ إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©