الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسرح «سيرفانتيس» تحفة معمارية من الزمن الجميل

مسرح «سيرفانتيس» تحفة معمارية من الزمن الجميل
7 أكتوبر 2013 21:00
وأنت في طريقك نحو الميناء القديم أو «المرسى القديمة»، كما يُسمّيها أهل طنجة بالمغرب، ستُصاِدف أمامك بناية تقف بشموخ تغالب الدهر بكبرياء. إنك أمام مسرح «سيرفانتيس»، أو كما كان يسميه الإسبان قبل عقود من الزمن، في عهد كانت فيه طنجة من عواصم الثقافة الراقية ومدينة ذات سيادة دولية: مسرح «سيرفانتيس» الكبير. ستتوقف أما تلك البناية التي مازالت تقاوم من أجل البقاء وستقف مبهورا ومصدوما لما آلت إليه أحوال تلك التحفة المعمارية التي تم وضع حجر الأساس لبنائها عـام 1911 لتنتهي أشغال تلك المَعْلمة والجوهــرة العمرانية في عام 1913. موليير وشكسبير مسرح «سيرفانتيس» من الطراز النادر الذي وضع تصميمه مهندس إسباني نابغة هو» دييجو جومييز»، وسُجل هذا العقّار في مِلكية الزوجين الإسبانيين أسبرانزا أولينيا ومانويل بينيا،. وكان هدفهما من بناء المسرح هو تحريك عجلة الفن في طنجة التي كانت مُستقرا لعدد كبير من الأوروبيين، واستثمار مالهما في هذا المشروع الذي حقق لهما أرباحا مهمة ولسنوات طويلة حيث عمل الزوجان صاحبا ومُؤسّسا مسرح سيرفانتيس على افتتاحه بدعوة عدد كبير من أشهر الفرق المسرحية الإسبانية والفرنسية، التي حققت مجدها فـي تلـك الأيـام، إضافـة إلى تنظيم حفلات موسـيقية وأوبراليـة على غرار تلك التي تعرض في المسارح الكبرى كمسرح الأولمبيا في باريس ومسارح لندن وموســـكو ورومــا، إذ كان مسرح «سيرفانتيس «يتّسع لأكثر مــن 1400 مُتفرج مما يجعله من أكبر المسارح في بلدان شمال إفريقيا. وعلى خشبة هذا المسرح عرضت أعمال فرق موسيقية وأوبرالية من طراز خوانيتا ريينا (1947) و»إرستريل ليتا، ولولا فلورس (1949)، كما شهدت خشبة هذا المسرح عرض أعمال كثيرة من كلاسيكيات المسرح العالمي لكبار الأسماء من موليير حتى شكسبير مرورا ببيكيت وغيره من العظماء. هدية إلى الزوجة يقول عبد القادر السميحي، عن هذا المسرح: تعود قصة وجود «مسرح سيرفانتيس» إلى 100 عام، حينما قدمه أحد المقيمين الإسبان في طنجة، «مانويل بينيا» Manuel Penia آنذاك، كهدية إلى زوجته «دونيا اسبرانسا» Donia Esperanza على يد المهندس الشهير دييجو خيمينيث. ويضيف الباحث في مؤلفه «نشأة المسرح والرياضة في المغرب» فمع بداية عام 1911 وضع الحجر الأساس لهذا المسرح الذي اعتبر من أعظم الأحداث في هذه المدينة، وخلال سنتين انتهى من بنائه». ويضيف السميحي «لقد استوردت مواد البناء والزخرفة والمناظر من إسبانيا، بما في ذلك تلك التماثيل التي تطالعك في الواجهة الخارجية للمسرح، وكانت زخرفة قبة الصالة من عمل الفنان الإسباني «فديريكو ربيرا» Frederico Ribera الذي ضحّى بمواصلة دراسته الفنية في باريس، وجاء ليقوم بهذا العمل الرائع». مسؤولية إسبانيا وبعد 15 عاماً من نجــاح مســرح سيرفانتيس قام الزوجان مالكا ومؤسسا هذا المسرح بالتنازل عنه لفائدة الدولة الإسبانية بقصد تسييره وصيانته والحفاظ عليه ونشر الثقافة الإسبانية وتشجيع المسرح الإسباني على خشبته، وهو ما تحقق فعلاً في عام 1962، حيث تم إغلاقه للصيانة بعد أن حقق أكثر من ستة عقود من المجد قدمت فيه أعمال عالمية لا تقل شأنا عن تلك التي تقدم في أشهر مسارح العالم. وهناك في مدينة طنجة جمعيات ثقافية تم تأسيسها وهدفها الدعوة لإنقاذ هذا المسرح من الانهيار والموت والإهمال لأنه يعد تحفة معمارية تساهم في جلب السياح الأجانب وتحريك عجلة السياحة الثقافية بمدينة طنجة التي عاش فيها نخبة من كبار الكتاب والفلاسفة والمثقفين من جنسيات متعددة. ومسرح سرفانتيس مملوك لدولة إسبانيا التي تعيش أزمة خانقة، وهي وحدها التي يمكن أن تخصص له ميزانية ضخمة لإصلاحه والحفاظ عليه وإنقاذه من الانهيار، خاصة وأن المسرح ملك لوزارة الثقافة الإسبانية وهي الوحيدة المسؤولة عنه». مشهد مؤلم في حسرة يحكي لنا السيدي علي (70 عاما) قائلاً إنه أصبح يتحاشى المرور من أمام مسرح سيرفانتيش لأن منظر المسرح أصبح يؤلمه، فهذا المسرح كان قبلة لعشاق المسرح والغناء والفن الراقي لساكني طنجة. ويضيف: كنا نأتي إلى هذا المسرح لنستمتع ونشاهد مسرحيات جارسيا لوركا والعروض الأوبرالية الخالدة، ومسرحيات شكسبير. وكانت العروض تتم باحترافية عالية لا تقل قيمة عن العروض التي تعرض في المسارح الباريسية واللندنية. ودعا السيد علي إلى انقاذ هذه التحفة من التلاشي والضياع حفاظاً على إرث ثقافي لا يقدر بثمن. ودعا المسؤولين لإنقاذ هذا المسرح لكي يستعيد بريقه شأنه شأن المسرح البلدي الذي شيده الاستعمار الفرنسي في مدينة «الجديدة»، وكان هو الآخر مهملا، لكن تم إصلاحه ليستعيد بريقه ويصبح معلما من معالم مدينة الجديدة. وفي واجهة هذا المسرح يمكن للزائر لأن يتأمل بإعجاب شديد أعمال فنية أنجزها الفنان الإسباني الشهير كانديد وماطا، وهي التي تزين وجهة المسرح، أما عن المواد التي بني بها هذا المسرح فقد تم جلبها من إسبانيا والبرتغال خاصة الزليج والرخام والفسيفساء ومعدات الإنارة والصوت، التي أصبحت اليوم تصارع الصدأ والتآكل والرطوبة.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©