الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تونس في يوم الحسم وكسر العظم

26 أكتوبر 2014 00:35
إذا كنت تريد رؤية أول تجربة انتخابية واعدة في دول ما عرف بـ«الربيع العربي»، يمكنك أن تلتمس ذلك يوم الأحد، عندما تجري تونس أول انتخابات تشريعية لها منذ التصديق على دستورها الديمقراطي الليبرالي في شهر يناير الماضي.إن تونس هي الدولة التي بدأ منها «الربيع العربي»، وهي تقريباً المكان الوحيد الذي لم تفشل فيه حركة، مر بمسار أكثر سلمية في عبوره الصعب على طريق البحث عن الحرية والديمقراطية. ولذا فإن الرهانات المعقدة لهذه الانتخابات ستخبرنا عما إذا كانت تونس ستنضح لتصبح ديمقراطية فاعلة أم لا؟وأبرز الأحزاب المتنافسة في هذه الانتخابات التشريعية تتمثل في الواقع في اثنين فقط: الأول هو حزب «النهضة» المحسوب على أيديولوجية الإسلام السياسي. وقد أسس هذا الحزب راشد الغنوشي. وفي الانتخابات الأخيرة، فاز هذا الحزب بأغلبية في الجمعية التأسيسية التي حكمت تونس خلال الفترة الانتقالية. وقد دخل حزب «النهضة» في تحالفات مع الأحزاب العلمانية من يمين الوسط ويسار الوسط، وتقاسم السلطة معها بصورة سلمية. كما أسقط ولم يأت الحزب على أي ذكر للشريعة في مسودة الدستور. واللافت للنظر أن الحزب أعلن أنه لن يقدم مرشحاً للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نوفمبر. وإذا ما حافظ على وعده، فإن الانتخابات التشريعية ستكون فرصته الأخيرة للبقاء كقوة مؤثرة في مشهد السياسي التونسي.أما الحزب الآخر فهو «نداء تونس» الذي يحدوه الأمل في تمثيل قاعدة عريضة من العلمانيين التونسيين. وقد تجنب هذا الحزب قطع كثير من الوعود السياسية المحددة. وبالنسبة لكثير من الناخبين، فإن أكثر ما يجذبهم في «نداء تونس» هو أنه ليس حزب «النهضة» وعلاقة له بحركات الإسلام السياسي.أما زعيم الحزب الباجي قايد السبسي، 87 عاماً، فمحسوب على حقبة سابقة من الحياة السياسية التونسية، حيث خدم في حكومة الحبيب بورقيبة، وعمل سفيراً ومشرعاً في عهد زين العابدين بن علي. وبعد الإطاحة بابن علي، خدم «السبسي» كرئيس وزراء مؤقت قبل أن يتنحى بطريقة سلمية. وهو يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية.وبالنسبة لانتخابات الأحد، تشير استطلاعات الرأي عامة إلى تقارب الحزبين مع تقدم «نداء تونس» بعض الشيء. والأفضل لـ«النهضة» هو أن يفوز بأغلبية ثم يشكل ائتلافاً حاكماً مع «نداء تونس» أو الأحزاب العلمانية الأصغر. وإذا ما فاز بأغلبية، فمن المتوقع أن يحافظ الحزب على وعده بعدم الترشح للرئاسة.وفي حالة فوز «نداء تونس» بأغلبية، فإن الوضع سيصبح مختلفاً تماماً، حيث يعتقد أن بإمكانه تشكيل تحالف بدون «النهضة». وسيكون لدى «نداء تونس» زخم كبير أيضاً للفوز في السباق الرئاسي وتقليص حضور وكسر عظم وزخم جميع منافسيه السياسيين. وهناك إغراءات تصعب مقاومتها للتخلص من «النهضة» كقوة سياسية.وفي مواجهة هذا الاحتمال، فإن عناصر داخل «النهضة» قد تفكر في التراجع عن وعدها والترشح للرئاسة حال خسارتها الانتخابات البرلمانية. وفي كلتا الحالتين، ستواجه تونس تحديات لإنجاح ديمقراطيتها. وينبغي أن تدرك جميع الأطراف أن سياسة «الفائز يأخذ كل شيء» لا تتفق مع التطور الديمقراطي الجديد. * أستاذ القانون الدستوري والدولي بجامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©