الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانفتاح عربياً... تحدٍّ صعب للحكومة العراقية

26 أكتوبر 2014 00:35
كان الإرهاب ومحاربة تنظيم «داعش» المحور الممكن إشهاره إعلامياً في إطار زيارة حيدر العبادي لإيران. فلا خلاف عليه كعنوان عام، أما التفاصيل وأطر العمل فرغم المتابعة الإيرانية لقرارات بغداد إلا أنها قد تحتاج إلى إعادة تصحيح، أو ربما إلى إعادة تركيزها في صلب استراتيجية واحدة، هي بالأحرى الاستراتيجية الإيرانية. وهذا ما تُرك لمرشد الجمهورية كي يحسمه مع رئيس الوزراء العراقي الجديد، الذي خلف في المنصب نوري المالكي، وكان الأخير أثبت خلال ثمانية أعوام تماهيه مع سياسات إيران. غير أن الأوضاع التي آلَ إليها العراق تطلّبت تغيير المالكي، وبديهي أنها تتطلّب تغييراً ليس فقط في عقلية الحكم بل أيضاً في السياسات، وهو ما عبّرت عنه تركيبة حكومة العبادي شكلياً بتمثيل مختلف الأطياف، ويبقى أن تعكسه في الممارسة وبالأخص في المضمون داخلياً وخارجياً. وتُطرح في هذا المجال مسألة استعادة العراق علاقاته العربية. يعني ذلك أن العبادي مدعوٌ إلى التوفيق بين توجّهات عدّة لا تخلو من التناقض. فمن جهة عليه أن يحافظ داخلياً على حدٍّ أقصى من «مكاسب» فريقه السياسي (الشيعي) بالصيغة التي حققها سلفه، ومن جهة أخرى عليه أن يوطّد التوافق الداخلي مع المكوّنين الآخرين (السنّة والأكراد) مع ما يستدعيه ذلك من «تنازلات»، علماً بأنها ليست تنازلات بمقدار ما هي تطبيق أكثر إنصافاً للدستور تعزيزاً للتعايش والشراكة الوطنية. وفي المقابل، عليه أيضاً أن يأخذ في الاعتبار ارتباط حزبه -«الدعوة»- وعمله كجزء لا يتجزّأ من السياسة الإيرانية بمنطلقاتها وأهدافها، وهذا يتعارض منطقياً مع تطلّع شركائه السنّة إلى الانفتاح عربياً باعتبار أن العلاقة العربية- الإيرانية هي صراعية حالياً، وليس واضحاً متى يمكن أن تصبح علاقة عادية وطبيعية وحتى وفاقية. ومنذ سقوط النظام العراقي السابق تعذّرت إقامة نظام بديل جامع ليتقدّم خيار موازين القوى السياسية فارضاً هيمنة شيعية إيرانية تعايشت معها سلطة الاحتلال الأميركي، وشكّلت نوعاً من «التوازن» الهشّ الذي ما لبث أن سقط مع الانسحاب الأميركي بنهاية عام 2011. كانت هناك محطتان رئيسيتان في محادثات العبادي في طهران، مع المرشد علي خامنئي، ومع علي أكبر هاشمي رفسنجاني رئيس «مجمع تشخيص مصلحة النظام». ولم يصدر بيان مشترك كما لم تُعلن نتائج محددة، لذا وجب استقراء التصريحات وما أجيز لـ«المصادر» أن تفصح عنه. قال المرشد للعبادي «سندافع عن حكومتكم بجدّ كما دافعنا عن الحكومة السابقة»، وفي ذلك دعم وتبنٍّ لرئيس الوزراء الذي تعرّض مراراً لانتقادات فظّة داخل حزبه وتحديداً من جانب سلفه، وفيه أيضاً أن الرجل استحق الدعم لالتزامه الخطّ الإيراني و«لتأكيده النهج الذي تسير عليه حكومته في تنسيقها مع المرجعيات الدينية». ولم تكن هناك أي إشارة إيرانية إلى المكوّنين العراقيين الآخَرين، أو إلى صيغة المشاركة الحكومية التي شجّعت عليها واشنطن وكل العواصم المعنية بالشأن العراقي. لكن الأهم جاء في المحددات الاستراتيجية التي رسمها خامنئي لمسألة محاربة الإرهاب، ومنها 1) أن «أمن إيران من أمن العراق» ما يُلزمها بالدفاع عنه بمعزل عن أي «تحالف» دولي أو إقليمي. 2) «رفض وجود قوات أجنبية على أرض العراق» لأنه يتعارض مع مصلحة إيران. 3) عدم السماح بالتعرّض للنظام السوري في سياق الحرب على «داعش». 4) «الأزمة الحالية إفراز للسياسات اللامسؤولة للقوى الأجنبية وبعض القوى الإقليمية، خصوصاً في الأزمة السورية». 5) «لا ثقة في إخلاص التحالف، ومشكلة الإرهاب يجب أن تعالجها الدول الإقليمية»... وعلى رغم التناقض في لوم دول الجوار والقول بمواجهة الإرهاب بمشاركتها، يبقى الأبرز أن خامنئي يرى في «التحالف» منافساً غير مقبول. كيف سيترجم العبادي توجّهات المرشد في إدارة حكومته؟ أولاً، لابدّ له أن يوضّح أكثر دور «التحالف». ثانياً، صحيح أن «مجمع تشخيص مصلحة النظام» لم يعترض على الانفتاح عربياً «خصوصاً مع السعودية»، ولكن هذا يفترض أن بغداد لن تتجاوز الاستراتيجية الإيرانية ومصالحها. والحال أن طهران نفسها لم تحسم أمرها في التقارب مع العرب، فكلما قررت أن تخطو خطوة تفضّل انتظار نتيجة المفاوضات النووية والمفاوضات السياسية مع أميركا. لذلك سيضطر العبادي أيضاً لفرملة أي توجّه نحو العرب حتى لو تسبب ذلك في إحباط شركائه السنّة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©