الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألمانيا: «الائتلاف العظيم» ضرورة أوروبية

7 أكتوبر 2013 21:59
ستنحنـي المستشـارة الألمانيـة أنجيــلا ميركل قليلاً. فعلى رغم الأداء القوي للغاية لحزب أقوى امرأة في العالم كما يشار إليها في ألمانيا في انتخابات 22 سبتمبر، فإن حزبها الديمقراطي المسيحي، من يمين الوسط، لم يحرز الأغلبية البرلمانية، وسيتفاوض من أجل اتفاق لتقاسم السلطة مع أحد أحزاب المعارضة. ومن أجل ألمانيا صحيحة في أوروبا ما زالت متوعكة، دعونا نأمل في إمكانية التوصل إلى «ائتلاف عظيم» مع حزب المعارضة الرئيسي، الديمقراطي الاشتراكي. وقد اجتمع الحزبان الكبيران الأسبوع الماضي لمناقشة تكوين ائتلاف، وسيجتمع الديمقراطي المسيحي أيضاً مع حزب الخضر، المعارض الصغير، الأسبوع المقبل. والائتلافات الكبيرة ليست هي العرف السائد في السياسة الاتحادية في ألمانيا. فقد حدث آخر ائتلاف عام 2005، عندما لم يستطع الشركاء التقليديون الحزبيون الحصول على أغلبية. وكانت أول فترة ولاية لميركل كمستشارة لألمانيا واضطرت إلى أن تدمج خصمها الأساسي، الحزب الديمقراطي الاشتراكي في فريقها الحاكم. والموقف الآن مشابه لما حدث يومها، ولكن هذه المرة يبدو الحزب الديمقراطي الاشتراكي عازفاً عن الدخول في ائتلاف مع الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تقوده ميركل. فالسنوات الأربع التي قضاها الحزب الديمقراطي الاشتراكي في الحكم مع ميركل قلصت مكانة الحزب وأصبح من المشكوك فيه ما إذا كان مازال بوسعنا أن نطلق عليه حزب الجميع. وقاعدته لا تريد أن تقف في ظل ميركل مرة أخرى. وتعلم ميركل أيضاً أن عليها وعلى حزبها أن يقدما تنازلات كبيرة لإعادة تشكيل ائتلاف عظيم على رغم أن المستشارة تصر على أن موقفها من الأزمة المالية في أوروبا ليس معروضاً للبيع. فهي تدافع بشدة عن الإصلاح الهيكلي في البلدان المثقلة بالديون مثل اليونان، مقابل الحصول على مساعدات مالية. ولكنها تعرضت أيضاً لانتقادات لتركيزها كثيراً على إجراءات التقشف في تلك البلدان دون أن تولي تحفيز النمو ما يكفي من الاهتمام. وفي الحقيقة، فكلا الحزبين سيخاطر بإزعاج قاعدته بسبب التوفيق المتضمن في صياغة اتفاق للائتلاف بين الحزب الديمقراطي الاشتراكي والحزب الديمقراطي المسيحي، ولكن الألمان يؤيدون مثل هذا الاتحاد. فقد أشار استطلاع رأي أجري في الآونة الأخيرة إلى أن 64 في المئة من الألمان يعتقدون أن تشكيل ائتلاف عظيم حل جيد لبلادهم. وفي الحقيقة، هناك عدد من المشكلات الكبيرة التي تلوح في الأفق قد تلقي سريعاً بألمانيا القوية نسبياً في أزمات. ولذا، فإنه بالإضافة إلى أغلبية الألمان الذين يؤيدون تشكيل ائتلاف، فالأوروبيون وحلفاؤهم يتطلعون أيضاً بشدة لأن يتحالف الحزبان بسلاسة وأن يبدآ المشاركة في تحمل عبء حل المشكلة بصرف النظر عما إذا كانت فترة الولاية التي تستمر أربعة أعوام ستكتمل في نهاية المطاف أم لا. لقد كان للبلاد «ائتلاف عظيم» أثناء الأزمة الاقتصادية عام 2008، وكان بوسع اللاعبين السياسيين أن يستجيبوا بسرعة من خلال تقديم حزم تحفيزية لتفادي أسوأ أزمة اقتصادية في ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية. وتأمين الطاقة من بين المشكلات الكبيرة، والبطالة اليوم في ألمانيا تصل إلى 5,3 في المئة، والبلاد هي ثالث أكثر الدول تصديراً في العالم. ولكن التصدعات الهيكلية تحت السطح تهدد النموذج الاقتصادي لشعار «صنع في ألمانيا». فكل العيون تنظر إلى أكبر سوق في أوروبا مع شروعه في السير على طريق تحل فيه الطاقة الخضراء محل الطاقة النووية. وسيتعين على صانعي القرار أن يجترحوا هذا التحول الوعر على نحو صحيح لأن الألمان يدفعون أعلى سعر للكهرباء في أوروبا. ويلقي خلل الخريطة السكانية بثقله أيضاً فيما يتعلق بالإنفاق في المستقبل على المجتمع العجوز في قلب أوروبا. ويستطيع الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي أن يسنا قوانين لسياسات اجتماعية ترحب بالمهاجرين عاليي الكفاءة وتشجع مزيداً من الأمهات على المشاركة في قوة العمل للمحافظة على ارتفاع الإنتاجية. وفي نهاية المطاف، فتزايد عدم المساواة في ألمانيا التي أعيد توحيدها قد يقلب شعار البلاد باعتبارها اقتصاداً ذا مسؤولية اجتماعية وهي فكرة تمثل الأساس للبرنامج السياسي الشائع بين كل الأحزاب السياسية الألمانية. وتحتاج أوروبا إلى ألمانيا قوية اقتصادياً ليس فقط لمجرد تحويل الأموال إلى دول الأطراف المتعثرة مثل اليونان ولكن أيضاً لكي تثبت للعالم أن مزج القارة بين الكدح في العمل وبرامج الرعاية الاجتماعية له مكانه ونموذجه الاقتصادي الاجتماعي الناجح في السوق العالمية. وبرلين تدرك قيمة «المشروع الأوروبي» لاتحاد أكثر إحكاماً وقد استفادت ألمانيا كثيراً من العمل باليورو عام 2002. والائتلاف العظيم سيكون في أفضل موقع، كي يشرع قرارات طويلة الأمد لأوروبا مثل اتحاد مصرفي ودعم النمو في أطراف القارة. والعثور على أرضية مشتركة بين اليمين واليسار في ألمانيا سيبعث رسالة قوية إلى الرافضين لليورو وسيوفر مصداقية للاتحاد الأوروبي في الوقت الذي يتفاوض فيه من أجل اتفاق تاريخي للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة. وأمام الفرقاء السياسيين والحزبيين الألمان فرصة، كي يصوغوا قرارات لأجيال المستقبل تكون لها تأثيرات تثمر خارج الحدود لتنتقل إلى أوروبا والعالم. فلابد لهم إذن من العثور على طريقة للعمل سوياً. سودها ديفيد ويلب برلين ينشر بترتيب مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©