الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باولو كويلهو.. الروائي التفاعلي

باولو كويلهو.. الروائي التفاعلي
12 أكتوبر 2011 20:43
منذ سنوات عدة، يخوض الروائي البرازيلي باولو كويلهو تجربة غير مسبوقة في العلاقة التفاعلية مع جمهور القراء، الذين يستخدمون شبكة الإنترنت، خصوصاً موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”. فهو يخوض مع قرائه حوارات ونقاشات، تغني تجربته، وغالباً ما يكتب قصصه الجديدة، مستفيداً من أفكار يطرحها محاوروها، ويطوّر أحداثها وسياقاتها من خلال التبادل الفكري معهم. ويستفيد باولو كويلهو المولود في ريو دي جانيرو عام 1947، من خبراته في التواصل مع الناس التي كونها قبل أن يتفرغ للكتابة. فقد بدأ حياته مولهاً بالعوالم الروحانية، وعاش لسنوات كهيبي، فجال العالم بحثاً عن المجتمعات السرية، وديانات الشرق. وبعد ذلك بدأ يمارس الإخراج المسرحي، والتمثيل وعمل كمؤلف غنائي، وصحفي. وقد كتب كلمات الأغاني للعديد من المغنين البرازيليين أمثال إليس ريجينا، ريتا لي راؤول سييكساس، ويزيد عدد الأغاني التي ألفها على الستين أغنية. من خلال حضوره الفعّال على شبكة الإنترنت، خصوصا من خلال صفحته على موقع “تويتر”، تمكن باول كويلهو من أن يجمع حوله 2,4 مليون متابع، هم جزء يسير من القراء الذين اشتروا كتبه حول العالم. فقد باع كويلهو أكثر من 75 مليون كتاب حتى الآن، وقد أعتبر أعلى الكتّاب مبيعاً بروايته “11 دقيقة”، حين طرحت في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وبلدان أخرى. واحتلت روايته “الزهير” (2005) المركز الثالث في توزيع الكتب عالمياً، وذلك بعد كتابي دان براون “شيفرة دا فينشي” و”ملائكة وشياطين”، وتعد “الخيميائي” ظاهرة في عالم الكتابة، فقد وصلت إلى أعلى المبيعات في 18 دولة، وترجمت إلى 62 لغة وباعت 30 مليون نسخة في 150 دولة، وظلت لمدة 194 أسبوعاً على قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في صحيفة “نيويورك تايمز”، وما زالت نسختها الورقية موضوعة في صدارة المكتبات، وتحظى برواج شديد. وعلى الرغم من رواج كتبه الواسع، فقد لاحظ الروائي البرازيلي إن هناك ملايين إضافيين من القراء لا يستطيعون الحصول على كتبه في نسخها الورقية، إما بسبب ظروفهم المادية، أو لأسباب تتعلق بضعف توزيع الكتب على نطاق أوسع في العالم لاشتراطات صعبة يضعها الناشرون أو الحكومات. هذا الواقع دفع صاحب “الخيميائي” لكي يتجاوز كل الأعراف في صناعة النشر، ويتيح كتبه مجاناً على الإنترنت لمن يريد من القراء، في الدول التي يصعب الوصول إليها. وحجة كويلهو في هذا الشأن هي إن “نشر الأفكار ينبغي أن يكون مجاناً”، فضلاً عن لمسة وفاء من جانبه للقراء الذي يشاركونه تكوين أفكار كتاباته في لحظة صياغتها وقبل نشرها، وبذلك يريد كويلهو ـ كما يقول ـ أن يرسل رسالة واضحة لصناعة النشر، “إن تقاسم محتويات الكتب لا يشكل تهديداً على الصناعة”. ويطلق أصدقاء كويلهو عليه لقب “ناسك تويتر”، نظراً لاستهلاكه ساعات من يومه في التواصل مع متابعيه باللغتين الإنجليزية والبرتغالية. وفي عام 2010 وصفته مجلة “فوربس” بأنه ثاني أكثر المشاهير تأثيراً على موقع “تويتر”، بعد جاستن بيبر مباشرة. وقد شرح الروائي البرازيلي في حوار أجرته معه جولي بوسمان من صحيفة “نيويورك تايمز”، أسباب لجوئه إلى “قرصنة” كتبه على الإنترنت، فقال: “عندما رأيت الطبعة الأولى المقرصنة من إحدى كتبي، قررت أن أنشرها على الإنترنت، وفي ذلك الوقت كانت روسيا تمر بظروف صعبة، حيث كانت تعاني نقصاً في ورق الطباعة، وقد وضعت النسخة الأولى على الإنترنت وبعت، في السنة الأولى، 10.000 نسخة هناك. وفي السنة الثانية قفزت المبيعات إلى 100.000 نسخة. فقلت لنفسي: إن هذه الطريقة مربحة، ومن ثم بدأت أضع غيره من الكتب على الإنترنت، عالماً أن الناس إذا قرأوا جزءاً صغيراً من الكتاب ونال إعجابهم، فسوف يشترون الكتاب”. ويقول كويلهو إنه كان يخشى غضب ناشره، لكنه وضعه تحت الأمر الواقع. فقد اتصلت به جين فريدمان الرئيسة التنفيذية لدار نشر “هاربر كولينز” في الولايات المتحدة، لكي تعبر عن غضبها، لكنه بعد نقاش معها أقنعها بوجهة نظره. ويعترف باولو كويلهو بأنه أدمن الكتابة على موقع “تويتر”، حيث يبعث رسائل صباحية ومسائية، ويظل على تواصل مع القراء لمدة 12 ساعة في اليوم. وكنموذج من الأقوال التي ينشرها كويلهو في صفحته هذا المقتبس: البشر يحلمون بالعودة أكثر مما يحلمون بالرحيل. ورداً على سؤال حول العزلة التي ينشدها الكتّاب لكي ينجزوا أعمالهم الإبداعية، بينما هو يفعل العكس، يقول باولو كويلهو: “إذا عدنا إلى أصول مهنة الكتابة، سنكتشف أن الناس كانوا ينظرون للكتاب على أنهم رجال ونساء حكماء، يعيشون في برج عاجي، ولديهم معرفة كاملة بكل شيء، ولا يستطيع أحد الاقتراب منهم. ولكن هذا البرج العاجي لم يعد له وجود. وإذا لم يعجب القارئ شيء في كتابتهم، فسيخبرهم بذلك. فالكتاب لم يعودوا يعيشون في عزلة. وأنا بمجرد أن اكتشفت إمكانية استخدام موقع “تويتر” و”فيس بوك” ومدونتي للتواصل مع قرائي، قررت أن أستخدمها للتواصل معهم وتبادل الأفكار التي لا يمكنني استخدامها في الكتب. واليوم لدي ستة ملايين معجب على “فيس بوك”، وعندما زرت، في أحد الأيام، صفحة المطربة الأميركية مادونا، وجدت أن لديها عددا أقل من الأتباع، وهو أمر لا يصدق”. ويستعد باولو كويلهو الآن، الذي نشر أول كتبه عام 1982 بعنوان “أرشيف الجحيم”، والذي لم يلقَ أي نجاح، لنشر روايته الجديدة التي تحمل عنوان “ألِف” وهي عن التجربة التنويرية التي خاضها بينما كان في رحلة عبر آسيا في عام 2006 على متن قطارات السكك الحديدية العابرة لسيبيريا (ألِف هو الحرف الأول في الأبجدية العبرية، ويجمل الكثير من المعاني الصوفية الغامضة). ويفصح المؤلف بأن “ألِف” هو سيرته الذاتية “فهذا الكتاب يحتوي على كل التجارب التي مررت بها. وهذا يعني أن كل ما يبدو حقيقياً فيه هو حقيقة بالفعل. وأنا في الحقيقة أرى أن هذا الكتاب يمثل رحلتي أنا نفسي في الحياة. وأراه كتاباً واقعياً وليس كتاباً خيالياً”. ويتمثل باولو كويلهو في كتابه الجديد ما فعله في كتابه “الحاج كومبوستيلا” الذي صدر في عام 1986، بعد رحلة “حج” قام بها كويلهو سيراً على الأقدام لمقام القديس جايمس في كومبوستيلا. وقضى باولو كويلهو أربعة أعوام في جمع مادة روايته التي كتبها في ما لا يزيد على ثلاثة أسابيع، وتدور أحداث الرواية في عالم من السحر والخيال، حيث تحاول البطلة “هلال” التركية الخروج من حالة العزلة وفتح آفاق جديدة للصداقة والتواصل مع الآخر، وذلك بعدما وصلت لحالة من السلام الداخلي. وقطعت “هلال” رحلة لمدة 15 يوماً على أحد القطارات في روسيا، تبدأ من سيبيريا. ثبت روائي صدر لباولو كويلهو العديد من الأعمال الروائية التي ترجمت إلى مختلف لغات العالم من أبرزها: حاج كومبوستيلا، الخيميائي، بريدا (1990)، فالكيريس “فتيات فالكيري” (1992)، على نهر بيدرا جلست وبكيت (1994)، مكتوب (مجموعة قصص وأشعار كانت قد نشرت في الصحف) 1994، إتمامة النصوص الجُمَلية (1995)، الجبل الخامس (1996)، دليل محاربي الضوء (1997)، فيرونيكا تقرر أن تموت (1998)، الشيطان والسيدة بريم (2000)، قصص للآباء والأبناء والأحفاد “مجموعة من الحكايات الشعبية” (2001)، إحدى عشرة دقيقة (2003)، الزهير (2005)، كالنهر الجاري (2006)، ساحرة بورتوبيلو (2006)، الرابح وحيداً (2008). عن الحياة والحب والرحيل من الأقوال التي كتبها باولو كويلهو، على مدونته وصفحته على “تويتر” هذه الاقتباسات: ? إذا أردت شيئا يتآمر الكون كله لمساعدتك على تحقيقه. ? لو لم تأكل حواء التفاحة، لم يكن ليحدث أي شيء مثير خلال بلايين السنين القليلة الماضية. ? قد يؤدي بنا الحب إلى النار أو الجنة، لكنه يودى بنا حتماً إلى مكان ما. ? الانتظار مؤلم والنسيان مؤلم أيضا، لكن معرفة أيهما تفعل هو أسوأ أنواع المعاناة. ? أكبر أخطاء الإنسان هي أن يظن أنه لا يستحق الخير والشر الذي يصيبه. ? الحرية هي حرية العيش وحيدا بائسا. ? عندما يرحل أحدهم، فذلك لأن أحدا آخر على وشك الوصول. ? الحياة تنتظر دوما تأزم الأوضاع لكى تظهر براعتها. ? لا يغرق المرء لأنه سقط في النهر، بل لبقائه مغمورا تحت سطح الماء. ? يُحَبّ المرء لأنه يُحَبّ، فلا يوجد سبب للحب. ? لا يمكن لأحد أن يكذب أو يخفي أي شيئا إذا ما نظر مباشرة في عيني آخر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©