الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفلام وأعلام فوق سجادة الإمارات

أفلام وأعلام فوق سجادة الإمارات
15 أكتوبر 2011 17:52
هل المهرجانات بأفلامها؟ أم بمخرجيها؟ أم بنجومها من كبار الضيوف والمشاهير والممثلين والكتّاب والنقّاد والمنتجين والفنيين من صنّاع ومحترفي الفن السابع؟ أم في الإقبال الجماهيري على متابعة الأفلام المتنافسة على الجوائز؟ أو تلك المعروضة لغايات تطوير الذائقة السينمائية وعرض الجديد من المدارس السينمائية في العالم؟ في الواقع إن المهرجانات صغيرة كانت أم كبيرة، هي بكل هذا، مضافا إلى ذلك الجانب الفكري، وحوار التجارب الذي يصنعه النّقاد المحترفون، النقاد الذين يكتبون وليس الذين يتحدثون، كما يصنعه الإعلاميون من ذوي الخبرة في مجال النقد الفني، وفي النهاية ليس المهم بالدرجة الأولى هو تحليل الأفلام، بقدر نجاحنا في دراسة “الحالة السينمائية” التي تفرزها تلك الأفلام والمواضيع التي تتناولها، ومن ثم ذلك الحراك الثقافي المرجو من الحدث. الأكثر دلالة على حيوية الحركة والحالة السينمائية في “مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي الخامس” الذي ينطلق الليلة (الخميس 13 أكتوبر) في موسمه الجديد، هو ما تشكّله جملة الاختيارات الموفقة من جانب المنظمين لأفلام تجمع ما بين الإيقاعات الاجتماعية والسياسية والبيئية والتاريخية والدراما العائلية والكوميديا والقصص المثيرة، وأعمال تنتمي للدراما الموسيقية والميلودراما وغيرها من أفلام وصل عددها نحو 200 فيلم، وما تثيره بعض الأفلام الخلافية من قضايا تجعلنا نفاخر بـ”النّضج السينمائي” الذي وصل إليه المهرجان وما أصابه من تنويع أساليبه في الترويج للعاصمة أبوظبي التي تحتضن هذه التظاهرة منذ انطلاقتها الأولى، بل تنجح باقتدار أن تكون مصدرا لجذب كبار السينمائيين إليها في تظاهرة أنبتت روحا جديدة في حياتنا الثقافية. وربما من المهم الإشارة هنا إلى أن هذا المهرجان نجح إلى حد كبير في استعادة “جمهور العائلات” إلى دور السينما، بعد انتشار أجهزة الفيديو والفضائيات والانترنت، وبروز ظاهرة “الكساد السينمائي” على مستوى العالم. ولهذا يمكننا الحديث عن نجاح باهر في هذا الجانب الخطير، وهو برهان واضح على قدرته على استعادة الجمهور، وإعادة التقاليد العائلية في حضور السينما الطليعية الجادة، وما تحمله من إشكاليات وقضايا ذات صلة وثيقة بالإنسان أينما كان. ونودّ توجيه النّظر إلى قضية في غاية الأهمية تتعلق بضرورة الاستفادة القصوى من تواجد نخبة من النقاد في أروقة الحدث، لتعزيز الجانب الفكري التطبيقي، بأن تخصص لهم ندوات فكرية يومية، لا يتحدثون عبرها عن الأفلام فقط، بل عن صورة السينما التي نبحث عنها، والكشف عن جوانب التفرد في صناعة الأفلام، وأساليب التجريب التي تعتمدها، وأهمية استخدام التقنيات في بناء الأفلام، وبخاصة تلك التي تقوم على ميزانيات محدودة وإنتاج مشترك، ومن ثم تبسيط الرؤية أمام المتفرج حتى تتعمق فكرة التذوق السينمائي وتتعزز قيمة الثقافة الجماهيرية، والتي بدونها تصبح المهرجانات مجرد احتفالية كرنفالية إعلامية تكرر نفسها مع كل دورة جديدة. وعلينا قبل كل ذلك التركيز على دور الفنان المحلّي، ليس فقط على مستوى المشاركة في منافسات الأفلام (مسابقة أفلام من الإمارات)، بل على أن يشكّل حضوره عنوانا رئيسا في هذه التظاهرة على مستوى المشاركة في ورش العمل السينمائية والندوات الفكرية ولجان التحكيم، وأن يحتل موقعه في المجال النقدي لمعايشة الحالة السينمائية بإشباع يمكنه مع الوقت من أن يكون (المحور) في صنع مستقبل السينما الإماراتية التي تضع أول خطواتها الواثقة نحو هذا الاتجاه وهو خلاصة ما يحلم به القائمون على أي مهرجان وليد. الترحيب بفيلم الافتتاح الكندي “السيد لزهر” للمخرج فيليب فالادو (94 دقيقة) واجب، والترحيب بالسينما الكندية مهم للغاية، ولأسباب كثيرة أهمها أن هذه السينما هي ذات طابع إنساني بالدرجة الأولى، وثانيا لأنها على مستوى الأفكار والتكنيك تستفيد كثيرا من أسلوبية المسرح، بل إن الكثير من أفلامها والتي يعرض المهرجان بعضا منها مثل الفيلم الوثائقي “قرصان البيئة ـ قصة بول واطسن” للمخرج تريش دولمان، وكذلك فيلم من الإنتاج المشترك مع ألمانيا وفرنسا وايرلندا وبريطانيا بعنوان “منهج خطر” ومدته 93 دقيقة للمخرج ديفيد كرونتبرغ، وأيضا فيلم “يوميات فراشة” لمخرجته ماري هارون وهو إنتاج كندي ـ ايرلندي مشترك.. هي في الواقع أعمال استفادت إلى حد بعيد من فنون المسرح، كما أفرزت ظاهرة مهمة تضاف إلى نجاحات المهرجان وتتمثل في تعزيز فكرة الإنتاج المشترك، إلى جانب ظاهرة أخرى لافته وهي الاهتمام بسينما الدول الاسكندينافية مثل: الفيلم السويدي “ابتسامات ليلة صيف” والذي يعيد إلى الأذهان سيرة وإبداعات المخرج الكبير أنغمار بيرغمان، أحد آخر عمالقة السينما العالمية (1918 ـ 2007) وقدّم لها أكثر من 40 فيلما من أهمها “صرخات وهمسات” إنتاج عام 1972، فيما يقدم بيرغمان للمهرجان فيلمين آخرين الأول: بعنوان “التوت البري” وهو من إنتاج عام 1957، والثاني بعنوان “فاني والكسندر” ومدته 88 دقيقة، وهناك فيلم سويدي مميز بعنوان “أقوى بألف مرّة” للمخرج بيتر سخيلدت، وأيضا فيلم “بهلوانيات فتاة” من السويد لمخرجته ليزا أشان، والفيلم السويدي “شرق ستوكهولم” للمخرج سيمون كايسير دا سيلفا. ومن الإنتاج المشترك بين السويد وأميركا يعرض فيلم “القوة السوداء: الشرائط” لمخرجه غوران هوغو أولسون، هذا بالإضافة إلى جملة من الأفلام من النرويج والدنمارك. لن نستبق بالحديث عن فيلم الافتتاح “السيد لزهر” الذي يروي مشاعر مهاجر جزائري في مونتريال، تجاه مفهوم الجريمة بقدر عال من الرومانسية والحركة، لكن ما يعنينا هنا أن ليلة الافتتاح لأي مهرجان هي المفتاح والمؤشر على نجاحه، وإذا كانت الليلة كندية في شكلها، فهي في الواقع إماراتية قلبا وقالبا وروحا وإيقاعا بدءا من التنظيم وانتهاء برسالة المهرجان الهادفة إلى تعزيز فكرة السينما الطليعية وترسيخ الثقافة الجديدة بحيادية كاملة وشفافية لم نعهدها في الكثير من المهرجانات التي تلعب فيها السياسة دورا خفيا. ويقال أن كندا بلد قليل المشاكل، لكن أفلام هذا البلد في المهرجان تكشف لنا الكثير مما هو مختبئ في دهاليز المجتمع والساسة. وبقيت الإشارة إلى أن (الربيع العربي) لم يغب عن هذه التظاهرة، حيث هناك حضور لافت لروح الثورات العربية من خلال جملة من الأفلام الجديدة من بينها الفيلم المصري “18 يوم” الذي اشترك فيه 10 مخرجين، قدم كل منهم فيلماً قصيراً، وعرض الفيلم لأول مرة في مهرجان (كان) السينمائي الدولي، وهناك أيضاً فيلم “التحرير 2011 ـ الطيب والشرس والسياسي” الذي يعرض ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، وهو من إخراج تامر عزت وآيتن أمين وعمرو سلامة، وسبق أن عرض في مهرجان “تورونتو” السينمائي. بيتر سكارليت: لدينا قائمة قوية يقول بيتر سكارليت، المدير التنفيذي لمهرجان أبوظبي السينمائي، إن أهم تعديل على مسابقات المهرجان لهذا العام هو ما يتعلق بمسابقة الأفلام البيئية، وذلك بالتعاون مع “مصدر”، وقد أنشئت لهذه المسابقة لجنة تحكيم، وأطلق عليها اسم “عالمنا”. أما عن أبرز ما يحمله المهرجان هذا العام، فيقول: واحد من الأسباب الرئيسية التي تدفع الناس للمجيء إلى المهرجان تتمثل بالتعرف على آخر ما يقدمه صنّاع السينما العظام. ونحن سعداء لأننا سنقدم قائمة قوية هذا العام. وأورد هنا بشكل عشوائي اسم اندري زفياكنتسوف واحد من أهم المخرجين الروس حيث سيقدم جديده في المهرجان، وأهم مخرجي كندا ديفيد كروننبيرغ، ومن إيطاليا ناني موريتي، بينما من أميركا تحضر أفلام كل من ستيفن سودربيرغ، ومارتن سكورسيزي، وجورج كلوني، ومن انكلترا يحضر فيلم مايكل وينتربوتوم، ومن ألمانيا فيم فيندرس وفيرنر هيرتسوغ. جيمس مارش صاحب الأوسكار عن فيلمه “رجل على الحبل” يأتي بوثائقي جديد بعنوان “ارتوار ربشتاين”، ومن اليابان يحضر فيلم هيروكازو كور إدا، ومن إيران جديد اصغر فرهادي، ومن الصين تشين كياج. ويضيف: لدينا في الوقت نفسه عدد من الأفلام لمخرجين في فيلمهم الأول أو الثاني أو الثالث. مثلما هو الحال مع مرجان ساترابي التي عرفناها بفيلمها “بيرسبوليس” المأخوذ عن رواية مصورة لها وحظي بحضور عالمي كبير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©