السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

كيف يقرأ الأميركيون حركة التنقلات الأخيرة في إدارة بوش؟

24 يناير 2007 22:56
نيويورك - أحمد كامل: حين أجرى الرئيس بوش ''حركة التنقلات'' الأخيرة في صفوف إدارته، سواء بشغل موقع سفير واشنطن في الأمم المتحدة أو مدير المخابرات الوطنية أو بعض القيادات الأساسية في البنتاجون، قيل الكثير عن أن ذلك يعد علامة على أن الرئيس الأميركي يعتزم تعديل الاتجاه العام لسياسته الخارجية· غير أن أصواتاً أخرى فسرت هذه التنقلات بأن الإدارة في واقع الأمر تعتزم التمسك بالاتجاه العام لسياستها الخارجية، وإن بصورة أكثر حيوية وأقل تصلباً، وما لبث الإعلان عن الاستراتيجية الجديدة تجاه العراق أن برهن على صحة ما ذهبت إليه هذه الأصوات· رغم ذلك فإن هناك عاملين إضافيين أجبرا الإدارة على إجراء هذه التعديلات، الأول هو تحول الأغلبية في الكونجرس إلى المعارضة الديموقراطية وضرورة اختيار وجوه يمكن للديمقراطيين التعامل معها، لاسيما من يحتاجون إلى موافقة الكونجرس· فقد ترك درس ''جون بولتون'' أثراً عميقاً في البيت الأبيض، إذ لم يتمكن الرئيس من تمرير تعيينه من الكونجرس تحت الأغلبية الجمهورية، وحين حاول قياس درجة حرارة الكونجرس تحت الأغلبية الديمقراطية لاعتماد التعيين هبط الترمومتر إلى ما تحت الصفر، وبدا أن دعاء ''بولتن كي ينجح الجمهوريون في انتخابات نوفمبر لم تستجب، لذا فقد تحتم عليه لملمة أوراقه ومغادرة مكتبه في الأمم المتحدة بهدوء· وكان على البيت الأبيض أن يراعي هذه المرة اختيار أشخاص يمكن اعتمادهم في كونجرس معادي، وتلاقت خطوط كثيرة، كان منها هذا الخط المتعلق بالكونجرس، لوضع زلماني خليل زاد مثلاً في مقعد بولتون الشاغر· شكوى من خليل زاد من هذه الخطوط أيضا ما نقل عن حوار دار بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس بوش خلال لقائهما الأخير في عمان· فقد قيل أن المالكي اعرب عن شكوى مريرة من خليل زاد لأنه يمنع الحكومة العراقية من ممارسة سلطاتها، ويتدخل في قراراتها، ويؤجل نقل السيطرة على العمليات الأمنية للسلطات العراقية· بل قيل إن المالكي طلب من بوش بصورة مباشرة نقل خليل زاد من بغداد· ومن هذه الخطوط - بعد ذلك- خلو مقعد بولتون في الفترة ذاتها تقريباً، وكون خليل زاد وجها مقبولا في الكونجرس، ولهذا وجد الدبلوماسي الأفغاني الأصل طريقه إلى نيويورك· ولابد أن خليل زاد يحمد الله على ذلك، فقد خرج من بغداد حيا يرزق، ثم أن نيويورك أكثر أمنا من العاصمة العراقية رغم أن ذلك يتوقف على الحي الذي يتواجد به المرء في بعض الأحيان· أما تعيين الأدميرال ''ويليام فالون'' لقيادة المنطقة العسكرية الوسطى بعد استقالة الجنرال ''جون أبي زيد'' فقد أثار لغطا أكبر وان ظل ذلك بعيدا عن أجهزة الإعلام، ذلك أن الأدميرال ''فالون'' طيار بحري، وهذه هي المرة الأولى منذ 25 عاما يتولى ضابط في البحرية الأميركية قيادة تلك المنطقة· وحين يأتي القرار في لحظة تخوض خلالها القوات الأميركية حربا أرضية في العراق وأفغانستان، فإن المنطقي أن يثير هذا اللغط، اذا كان أحرى بالإدارة أن تُبقي الموقع داخل القوات الأرضية كما كان الحال طيلة العقود الماضية، لماذا إذن أتى ضابط بحري لقيادة منطقة عسكرية تتولى الإشراف على حربين أرضيتين؟· لماذا فالون المعلق الأميركي ''باتريك لانج'' قال في حديث تلفزيوني أن القرار أثار دهشته، أما الصحفي ''ديفيد اجناتيوس'' الذي أجرى حوارا مطولا مع بوش قبل أسابيع، فقد قال إن سبب اختيار الأدميرال ''فالون'' هو إيران· ذلك أن كون الأدميرال ضابط بحري قضى معظم سنواته العسكرية على حاملة طائرات في عرض البحار يعني أن يفهم جيدا دور القوة الجوية المحمولة بحراً· وأضاف اجناتيوس ''الأمر في المستقبل لن يكون أمر الحربين الأرضيتين في العراق وأفغانستان، ولكنه سيكون أمر المواجهة مع إيران حيث ستلعب القوة الجوية المحمولة جوا دورا كبيرا''· إلا أن اللغط الأكبر كان من نصيب ''جون نيجروبونتي'' فقد قبل مدير المخابرات الوطنية - وهو منصب له صلاحيات الوزير- قرار ''تهبيطه'' إلى نائب وزير· انه أمر فريد حقا· ذلك أن خلق الله يسعون إلى الترقيات بل ويتقاتلون عليها· فما بال ''نيجروبونتي'' يمضي باسما في الاتجاه المعاكس؟ بل إن ما نقل عن مدير المخابرات الوطنية يشير إلى أنه بذل جهدا كبيرا كي يحصل على هذا التهبيط، وربما كان قد وجد ''واسطة'' تقنع الرئيس بوش بتهبيطة، أو كتب عريضة التماس يرجو فيها أن يتخذ البيت الأبيض هذا القرار· ذلك أن ''نيجروبونتي'' -على نحو ما قيل في واشنطن- أعرب بدوره عن شكواه للرئيس مباشرة من أنه يحن إلى العمل الديبلوماسي، ولا يحتمل التعقيدات البيروقراطية في مضمار لا يجيده، وأنه يأمل أن يعود إلى السلك الدبلوماسي· غير أن الرجل اكتسب حجما يزيد عن حجم السفير بترقيته مديرا للمخابرات الوطنية· من هنا فإن من الصعب إعادته إلى سفارة للولايات المتحدة في أي عوام العالم· ''دينامو'' الوزارة جاء ذلك في وقت خلى فيه موقع نائب وزيرة الخارجية، ونائب وزيرة الخارجية هو ''الدينامو'' الحقيقي للوزارة، إذ أنه يتولى إدارة العمل اليومي· وللإنصاف فالموقع يبدو أيضا أصغر من ''جون نيجروبونتي'' الذي كان يطلع على كل الأسرار التي تصل من أجهزة المخابرات ورجالها في أنحاء العالم لتصب في نهاية المطاف على مكتبه· وكان عليه أن يضعها في تقرير مختصر ويحمله كل صباح إلى مكتب الرئيس في اجتماع يومي يستغرق في العادة نحو نصف ساعة ما لم يكن لدى الرئيس أسئلة محددة· وأدى إدراك الجميع لحقيقة أن منصب نائب وزيرة الخارجية هو أصغر من ''مقاس'' ''نيجروبونتي'' إلى جولة جديدة من الهمسات والشائعات· وكان أهم هذه الشائعات هو أن ''كوندليزا رايس'' تتأهب لمغادرة منصبها خلال هذا العام، إذ أنها بدورها أعربت عن حنينها إلى الحياة الأكاديمية في الجامعات ومراكز البحث والدراسات، كما أن آخرين أعربوا عن اعتقادهم بأن حجمها هي يقل عن مقياس منصب وزير الخارجية، وأنها لا تبلور مبادرات مستقلة أو تشارك بفعالية في تفاعلات اتخاذ القرار السياسي بل تكتفي بتطبيق سياسة الرئيس· وقال هؤلاء أن الرئيس يحتاج إلى وزير للخارجية لديه خيرة طويلة بالعمل الدبلوماسي -وهو ما يتوفر ''لنيجروبونتي'' ولا يتوفر لـ''رايس''- وخبرة يعتد بها أيضا بالعمل المخابراتي، فضلا عن دراية مباشرة بأهم ملف خارجي أمام الولايات المتحدة الآن، إنه ملف العراق· وقد كان نيجروبونتي سفيراً في بغداد· بل إن بعض الشائعات ذهبت إلى حد أبد، إذ قيل أن الرئيس سئل عما يمكن أن يحدث إذا ما أصيب نائب الرئيس ديك تشيني -وهو يعاني من متاعب بالقلب -بعارض صحي يمنعه من ممارسة عمله، في هذه الحالة سيتعين على الرئيس أن يضع رايسفي منصب نائب الرئيس· وحيث إن وزارة الخارجية تخلو منذ يوليو الماضي من نائب وزير يتحمل عبء إدارة العمل، فإن أي مفاجأة صحية لنائب الرئيس قد تؤدي إلى خلو الوزارة من أكبر اثنين فيها، وهو أمر يهدد بإصابة الدبلوماسية الأميركية بالشلل· وفي كل الأحوال، ومهما تعددت التفسيرات، فإن هناك اتفاقا في واشنطن على أن نيجروبونتي ما كان ليقبل بموقع نائب وزيرة الخارجية إلا إذا كان قد تلقى وعداً بأن ذلك لن يستمر طويلاً· أما بقية التعيينات فقد كانت قاطعة ونظيفة وبلا جدل· يفيدي يتريوس''لا خلاف حول كونه واحدا من أفضل القيادات العسكرية الحالية في البنتاجون، و''ايان كروكر''واحد من أفضل الدبلوماسيين الأميركيين وأكثرهم دراية بالشرق الأوسط، إذ سبق أن عمل في الكويت وسوريا وباكستان ولبنان· وأما الأدميرال ما يكل ''اكونللي''الذي سيخلف ''يجروبونتي''فإن أحدا لا يتحدث عنه، وهذا على أي حال أفضل له، ولمنصبه أيضاً·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©