السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سر الابتسامة

14 فبراير 2017 19:02
كانت هناك مدينة يحكمها مَلِك، وكان أهل هذه المدينة يختارون الملك بحيث يحكم فيهم لمدة سنة واحدة فقط، وبعد ذلك يُرْسَل الملك إلى جزيرة بعيدة حيث يكمل فيها بقية عمره، ويختار الناس مَلِكاً آخر غيره وهكذا! كان الملك الذي تنتهي فترة حكمه، يلبسونه أفخر الثياب، ويودعونه ثم يضعونه في سفينة حيث تنقله إلى تلك الجزيرة البعيدة، وكانت تلك اللحظة هي من أكثر لحظات الحزن والألم بالنسبة لكل مَلِك. ووقع الاختيار في إحدى المرات على شاب من شباب المدينة، وكان أول شيء فعله هذا الشاب أن أمر وزراءه بأن يحملوه إلى هذه الجزيرة التي يرسلون إليها جميع الملوك السابقين. رأى الشاب الجزيرة وقد غطتها الغابات الكثيفة، وسمع أصوات الحيوانات المفترسة، ثم وجد جثث الملوك السابقين عليه، وقد أتت عليها الحيوانات المتوحشة. عاد الملك الشاب إلى مملكته، وأرسل على الفور عدداً كبيراً من العمال، وأمرهم بإزالة الأشجار الكثيفة، وقتل الحيوانات المفترسة، وكان يزور الجزيرة كل شهر ويتابع العمل بنفسه، فبعد شهر واحد تم اصطياد جميع الحيوانات وأزيلت أغلب الأشجار الكثيفة. وعند مرور الشهر الثاني كانت الجزيرة قد أصبحت نظيفة تماماً، ثم أمر الملك العمال بزرع الحدائق في جميع أنحاء الجزيرة، وقام بتربية بعض الحيوانات المفيدة مثل الدجاج والبط والماعز والبقر... إلخ، ومع بداية الشهر الثالث أمر العمال ببناء بيت كبير ومرسى للسفن وبمرور الوقت تحولت الجزيرة إلى مكان جميل. وكان المَلِك مع ذلك يلبس الملابس البسيطة، وينفق القليل على حياته في المدينة، وكان يُكَرِس كل أمواله التي وُهِبَت له في إعمار هذه الجزيرة. واكتملت السنة أخيراً، وجاء دور الملك لينتقل إلى الجزيرة، فألبسه الناس الثياب الفاخرة ووضعوه على السفينة قائلين له: وداعاً أيها المَلِكْ ! ولكن المَلِك على غير عادة الملوك السابقين كان يضحك ويبتسم. سأله الناس عن سر سعادته بعكس جميع الملوك السابقين، فقال: بينما كان جميع الملوك منشغلين بمتعة أنفسهم أثناء فترة الحكم كنت أنا مشغولاً بالتفكير في المستقبل، وخططت لذلك، وأصلحت الجزيرة وعمَّرتها حتى أصبحت جنة صغيرة، ويمكن أن أعيش فيها بقية حياتي في سلام وسعادة. مَثل ذلك كالدنيا والآخرة، فالحياة قصيرة مهما طالت بك الرحلة، يجب أن تفكر كيف تُعمر الآخرة بعمل صالح تنتفع به بعد موتك، حتى تجد فيها ما يسرك، ويوم وداعك تكون من المستبشرين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فارس رحال - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©