السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليما جبواي... الانتصار بقوة المستضعفين!

ليما جبواي... الانتصار بقوة المستضعفين!
12 أكتوبر 2011 23:05
كارول ميثرز محللة سياسية أميركية صباح الجمعة الماضي، فازت ناشطة السلام الليبيرية "ليما جبواي"- إلى جانب رئيسة بلدها "إيلين جونسون سيرليف"، والناشطة اليمنية "توكل كرمان" – بجائزة نوبل للسلام. فوز لم يكن ممكناً تخيله قبل عشر سنوات. ولكن انتصار "جبواي"، وعلى غرار الانتفاضات التي عرفتها بعض البلدان العربية الربيع الماضي، يمثل تذكيراً قوياً بأن التغيير في عالم القرن الحادي والعشرين يأتي في الغالب من القاعدة – ليس من جيوش بلد ما، وإنما من شعبه. في 2001، كانت ليبيريا في قبضة حرب أهلية لا تبقي ولا تذر بدأت منذ سنوات، حرب قُتل خلالها أكثر من 100 ألف شخص، العديد منهم أطفال، واغتُصب فيها ما لا يعد ولا يحصى من النساء. واضطر ما لا يقل عن ثلث الليبيريين إلى النزوح عن ديارهم إلى مناطق آمنة داخل البلاد وخارجها. كما دُمر جزء كبير من البنى التحية للبلاد من شبكة كهربائية ونظام الصرف الصحي وطرق ومستشفيات ومدارس؛ ودُفع بآلاف الأولاد إلى القتال لحساب هذا الطرف أو ذاك، وتعاطوا الخمور والمخدرات، ليتم تحويلهم إلى مجرمين. جبويي، التي كانت قد تخرجت للتو كعاملة اجتماعية وكانت أما عازبة لأربعة أبناء، عاشت هي نفسها في مخيم للاجئين لبعض الوقت، واضطرت لإرسال أطفالها إلى غانا خوفا على سلامتهم. ومن فرط القلق والغضب اللذين كانا ينتابانها، حلمت ذات ليلة بصوت غريب يأمرها بـ"حشد النساء قصد الصلاة من أجل السلام". وقد أفضت تلك الرؤية إلى تجمع أسبوعي من أجل الصلاة؛ ولكنها كانت تعلم أن الأمر يتطلب أكثر من ذلك. كان الرئيس السابق تشارلز تايلور قد حظر أي معارضة لسياساته. وكان رجال ليبيريا، بمن في ذلك أولئك الذين كانوا يرغبون في وضع حد للحرب، لا يفعلون شيئاً. فتوصلت جبواي إلى قناعة مفادها أن مهمة إحلال السلام ستكون منوطة بنساء البلاد، اللاتي لم تزدهن المعاناة إلا تصميماً؛ حيث ترى "جبواي" أن نساء ليبيريا عانين كثيراً وأن النضال والمقاومة هي أملهن الوحيدة في النجاة والبقاء حيث كانت تقول متسائلة: ما الذي يمكن أن تخشاه النساء بعد كل الذي عانينه؟ وفي الرابع عشر من أبريل 2003، وفي مظاهرة احتجاجية من تنظيم "النساء الأفريقيات في شبكة صنع السلام"، تجمع آلاف النساء مرتديات ملابس بيضاء في ميدان بقرب الطريق المركزي للعاصمة مونروفيا ورفضن المغادرة؛ حيث قامت المحتجات جميعاً، مسيحيات ومسلمات، شابات وعجائز، متعلمات وأميات، بافتراش الأرض ورفع مطلب واحد هو: "نساء ليبيريا يردن السلام!". اعتصمت النساء وسط مدينة مونروفيا، وقمن بتنظيم فعاليات ومؤتمرات صحفية، ولكن الأهم هو أنهن اعتصمن هناك، يوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر، في الحرارة المفرطة وتحت الأمطار الغزيرة، من أجل المطالبة بإيلاء الاهتمام إلى مطلبهن. وبفضل الجهود التي بذلنها من أجل التواصل وشرح مطالبهن للناس، فإن الاحتجاجات سرعان ما امتدت إلى المناطق الريفية وعمت مختلف أرجاء البلاد. في ذلك الصيف، وحتى في الوقت الذي انفجر فيه العنف والبؤس في مونروفيا، بدأت محادثات سلام في غانا. وحين بدا أنها تراوح مكانها، قامت "ليما" وزميلاتها في الشبكة النسائية بتنظيم النساء الليبيريات اللاتي يعشن في المنفى بغانا من أجل الاحتشاد أمام الفندق الذي كان يلتقي فيه ممثلو "تايلور" وزعماء الحرب المختلفين كل يوم ولا يحققون شيئاً. وفي الأخير، وبعد أن استبد بها الغضب واليأس، نظمت اعتصاماً احتُجز خلاله فعلياً الدبلوماسيون داخل قاعة الاجتماعات حيث كانوا مجتمعين. وجاء في البيان التوضيحي الذي صدر عنها حينها أنها وزميلاتها قمن بذلك حتى يشعر المجتمعون بالألم والمعاناة اللذين يشعر بهما شعبنا في الداخل، وقالت للصحافيين: "لقد تعبنا وضقنا ذرعاً بقتل شعبنا!". وأمام هذه الأعمال التي قامت بها النساء، غدت المفاوضات أكثر جدية، وغادر "تايلور" ليبيريا، ثم حل السلام أخيراً. وفي 2005، وبعد مزيد من التنظيم الاستراتيجي للنساء، انتخبت ليبيريا إيلين جونسون سيرليف لتصبح بذلك أول رئيسة لبلد أفريقي في التاريخ الحديث. واليوم، وحتى في الوقت الذي تكافح فيه البلاد اقتصادياً، فإن السلام مازال مستمراً. والواقع أن المرء قد يميل إلى النظر إلى ثورات المواطنين اليوم باعتبارها شيئاً خلقته التكنولوجيا: انتفاضات قامت نتيجة رسائل نصية قصيرة آنية، وتحميلات الهاتف، والفيسبوك. أجل، إن هذه الوسائط المتعددة تمثل وسائل تنظيمية مفيدة، ولكنها ليست الأهم. فقبل عشر سنوات، لم تكن ثمة أي شبكات اجتماعية في ليبيريا؛ ذلك أن جزءاً كبيراً من البلاد مازال مفتقراً ليس إلى شبكة الإنترنت فقط، وإنما إلى إمدادات كهربائية من دون انقطاع. ولكن ما كان مهما حينئذ ومازال هو أن الزعماء الذين لديهم رؤية وتبصر تواصلوا مع المستضعفين والبؤساء، وقدموا لهم وسيلة للتحرك وتغيير الوضع القائم... والحصول على وسيلة للأمل. إن الحركات تبدأ على أيدي أشخاص يستطيعون تخيل إمكانية التغيير ويعملون على توضيح وشرح تلك الرؤية لمواطنيهم. فكيف غيَّرت حركة نساء ليبيريات "عادية" التاريخ؟ اصغوا إلى ما تقوله ليما: "يمكن للمرء أن يخبر الناس بالحاجة إلى النضال؛ ولكن عندما يبدأ المستضعفون في إدراك أنهم قادرون بالفعل على إحداث فرق، فلا شيء سيستطيع إيقاف المد". ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©