الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«للأطفال فقط» تطلق صرخة ناقصة في وجه الحرب

«للأطفال فقط» تطلق صرخة ناقصة في وجه الحرب
13 أكتوبر 2011 00:53
عمر شبانة (دبي) - للسنة الثانية على التوالي، يدخل الثنائي طلال محمود كتابة ومروان عبدالله إخراجا، عالم الحرب وتأثيرها في النفس البشرية، وذلك من خلال عرض بعنوان «للأطفال فقط» الذي قدماه مساء أمس الأول، بوصفه آخر عروض مهرجان دبي لمسرح الشباب، الذي انطلق في الأول من الشهر الجاري. على وقع أصوات أطفال وجرس مدرسة وقصف وطائرات، تنفتح ستارة المخرج عن وقائع الخراب التي تتركها الحرب من خراب، ومن بين الركام أنين خافت، وفي الفضاء صوت طائرة الهيلوكبتر ثم صورتها، وسط سينوغرافيا ضخمة تملأ الفضاء المسرحي بالكتل والجدران والأثاث المدرسي والأضواء، ترافقها موسيقى شبه جنائزية، ثم يبدأ يتسلل من تحت الردم طفل يتساءل بصوت ضعيف عما جرى للمكان، وتتبعه طفلة في مثل عمره تنفض عن نفسها الغبار وتتفقد المكان معه، ويتحاوران بلغة عربية فصيحة عما أصاب المدرسة والقرية، ويبحثان عن منفذ للخروج بلا جدوى، فلا أفق سوى الردم والغبار واستمرار القصف. مشهد أول بدا فيه الطفلان آدم (وقام به عبدالله المهيري) وحور (قامت بالدور أصالة)، في حال ضياع ورعب، وفي لحظة ذكريات حميمة، وعلى إيقاع موسيقى وإضاءة مختلفتين، يرتسم مشهد حب طفولي يقول فيه الطفل للطفلة إنه لم يكن يحبها، ثم على إيقاع غارات جديدة نجد حور وقد رمت رأسها في حضن آدم الذي استمرأ الحركة، فتوجه للسماء أن يستمر هذا الجو الذي تمتزج فيه أصوات الطائرات والقصف بهدير الرعد. وفي هذه الأثناء تسمع تأوهات في الجوار، ويبدأ جسد جندي بالظهور من بين الخراب، لكنه يبدو جريحا غير قادر على الحركة، تضغط عليه بعض الكتل المنهارة، ويتأمل حوله فلا يعرف أين هون فيستعين بالطفلين المرعوبين من ظهوره المفاجئ. العلاقة مع هذا الجندي الجريح (قام بالدور باقتدار الممثل حسن يوسف)، شكلت المحور الثاني في العرض، ففي المشهد الأطول الذي سيستمر حتى النهاية، نشهد طبيعة العلاقة بين جندي جريح، لكنه ما يزال يبدو جنديا، وصوت جهاز الإرسال معه ينطلق بين لحظة وأخرى، لكنه في الوقت ذاته يستنجد بالطفلين بقدر من الضعف، وبين اقتراب منه وابتعاد عنه، تجري محاكمته من قبل الطفلين بأنه يعتبر في عداد القتلة الذين دمروا المدرسة وقتلوا الأطفال وهدموا القرية، بينما هو يحاول التنصل، فيكرر «المكان قصف بالخطأ»، وأنه قيل له بأن القرية مقر للإرهابيين والمدرسة مخزن للأسلحة، لتبدأ الطفلة موجة سخرية منه، ويكرر الطفل عبارة «أنت منهم ومثلهم» في حوار ممل قليلا، حتى الحركة كانت بطيئة وبلا توجيه مدروس. المشهد الأخير ينجلي عن جندي (أميركي/ غربي) من أصول عربية، يقول إنه ولد في «هذا المكان» وتربى فيه وربما درس في هذه المدرسة، ويشتد التعاطف معه حين يبدأ شعوره بالألم، فتقترب الطفلة لمساعدته فيبدأ في التساقط ثم يرتخي جسده علامة على الموت، في أجواء جنائزية مؤلمة للطفلين، ويبدأ لديهما شعور بفقدان شخص كان قادرا ربما على مساعدتهما في الخروج من الأزمة، ويصابان بما يشبه حال الهستيريا تعبر عنها رقصات جنونية يسقطان على أثرها وسط موسيقى وإضاءة صاخبتين. هذه ملامح من عرض حاول مؤلفه ومخرجه إطلاق صرخة تلفت الانتباه إلى ما يجري في البلدان التي تنهكها الحروب، صرخة ليست جديدة، لكنها لعبت على وتر العلاقة بين الأطفال وما يجري حولهم، علاقتهم بالحرب وآثارها أولا، ثم علاقتهم بهذا الجندي الجريح الذي يقول إنه لا يملك سلاحا، ولا يريد سوى الخروج من «المكان»، لكن المقولة ظلت ناقصة، وأداء الممثلين كان بحاجة إلى مزيد من الاشتغال عليه، خصوصا في ما يتعلق بالصوت الذي كانت تغطي عليه المؤثرات الصوتية، التي حجبت عبارات من النص. فخامة السينوغرافيا التي اشتغل عليها العامري بنفسه، والموسيقى المتنوعة الإيقاعات في إطار الكارثة، لم يخفيا عيوبا تتعلق بصوت الممثلين اليافعين الذي لم يكن يوصل الكثير من العبارات، وليس فقط تحت وطأة المؤثرات، بل بسبب عدم الاشتغال على هذا الجانب، خصوصا أن النص بالعربية الفصيحة التي تتطلب أداء وصوتا قويين لم يكن الممثلان قادرين عليهما.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©