السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سقوط الأطفال من البنايات.. خطر يمكن درؤه باتخاذ الاحتياطات

سقوط الأطفال من البنايات.. خطر يمكن درؤه باتخاذ الاحتياطات
8 أكتوبر 2013 20:19
تمثل حوادث سقوط الأطفال من بعض البنايات صدمات مروعة، خاصة أنه أصبح لها انتشار واسع في هذه الأيام، وفي ظل وقوع هذه الحوادث يقف الآباء والأمهات في حالة عجز أمام هذه الظاهرة التي تشكل مخاوف كبيرة في نفوسهم، ومهما اتخذت الأسرة بعض الإجراءات الاحترازية فإنها لم تستطع أن تمنع وقوع الأطفال من النوافذ والخارجات «البلكونات» ما ينذر بكوارث مستقبلية، إذا لم يتم وضع حلول عاجلة لهذه الظاهرة. أشرف جمعة (أبوظبي) - ليس هناك أقسى من اللحظات التي يغيب فيه الموت طفلاً كان يمرح بين يدى أبويه بسبب صعوده إلى نافذة البيت، ومن ثم يهوى منها إلى الأرض، هذه اللحظات الأليمة تترك في النفس غصة، وتضع الجميع في مواقف صعبة بحثاً عن السبب في استمرار هذا المسلسل المرعب الذي تأبى حلقاته أن تنتهي، خصوصاً أن نظام بعض البنايات الهندسي لا يخلو من وجود بلكونات ونوافذ واسعة في الطول والارتفاع، ومع حلول فصل الشتاء تتخلى الكثير من الأسر عن إغلاق هذه البلكونات والنوافذ من أجل تنسم الهواء والاستفادة من الأجواء المعتدلة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة أين يكمن الخلل؟ وما السبيل إلى علاجه حفاظاً على الأرواح الغضة التي هي جنة كل أب وأم؟ معايير دقيقة حول هذه الظاهرة التي تؤرق المجتمع في الوقت الراهن خصوصاً بعد تزايد حالات وفيات الأطفال من جراء سقوطهم المفاجئ من نوافذ وبلكونات بعض البنايات، يقول المهندس المدني في مكتب «هيدر» للاستشارات الهندسية في أبوظبي محمد جاد: «تخضع الوحدات السكانية إلى معايير دقيقة، سواء في مرحلة التصميم الهندسي أو من خلال التنفيذ، وما من شك في أن تصميم البنايات اختلف كثيراً عن الماضي، وتتمتع الإمارات بمستوى فائق من ناحية التصميمات الهندسية، وفي الوقت نفسه تتمتع الوحدات السكنية بمستوى عال يشمل كل وسائل الأمان وبخصوص وقوع حالات فردية للأطفال وسقوطهم من النوافذ والخارجات؛ فإن ذلك يتوقف على عدة عوامل أهمها عمر البناية، ومدى مطابقتها للمعايير الحديثة في البناء، إذ إن الوحدات السكنية في السابق كانت تتوافر بها خارجات ونوافذ طولية واسعة محددة بإطار من الألموتال، وهو ما يسهل سقوط الصغار بسهولة، ويجعلهم عرضة للموت بشكل مفاجئ». ويضيف: «أما الوحدات السكنية الحديثة فهي تخضع لمعايير هندسية دقيقة، فهي لا تعتمد على الخارجات مطلقاً والنوافذ من الزجاج للتهوية وفتحاتها صغيرة جداً، وعلى الرغم من ذلك فهي لا تمنع سقوط الطفل الذي يبذل مجهوداً للمرور منها، لكنها تعد من وسائل الأمان داخل البيوت وإن كانت لا تحمل حلاً جذرياً للمشكلة». ويتابع جاد: «من اللافت أن بلدية أبوظبي تراجع البناء بعد قيامه من أجل التأكد من مستويات مطابقته للمواصفات، وهو ما يجعل وحدات البناء ذات مواصفات عالية لا تقل في المستوى عن المقاييس العالمية في البناء، لكن ما يميز الأبنية السكنية الحديثة في أبوظبي على سبيل المثال أنها تتماهى مع طبيعة المناخ والأرض، وهذه العوامل تسهم في وجود مساكن راقية تتوافر فيها جملة من المواصفات التي تحقق نسبة عالية من وسائل الأمان». إجراءات احترازية ينصح المهندس الاستشاري المدني محمد جاد أصحاب البيوت ذات الخارجات والنوافذ ذات الفتحات الواسعة بوضع سياج من الحديد مفرغ في هيئة حلقات أو أسياخ متجاورة حتى لا يستطيع الطفل المرور منها، لكنه في الوقت نفسه يبين أن مثل هذه التعديلات تؤثر على المظهر الجمالي للبيت العصري. ويرى أنه إذا كانت الضرورة تقتضي ذلك، فمن المفترض ألا يقل علو الخارجة عن متر. ويذكر أن طبيعة تصميم الفلل أكثر أماناً بطبيعة الحال من الأبراج العالية على سبيل ألا تزيد على طابقين أول ثلاثة ومساحات الخارجات بها كبير نوعاً ما، ويورد أنه من الضروري إجراء بعض التعديلات على نظام البنايات القديمة، فضلاً عن أن هناك عبئاً يقع على الأسر، ويتمثل في ترك أطفالهم ساعات طويلة بمفردهم داخل البيوت، وهو ما يجعل الطفل دائم الحركة ويذهب نحو النوافذ والبلكونات، لذا من الأهمية أن يترك الأطفال مع خادمات أو مع أحد أفراد الأسرة الكبار، فضلاً عن اتخاذ التدابير كافة التي تمنع من سقوط الصغار حتى لا نفقد كل يوم عدداً من هذه الفئة الغالية، لأن البناء الهندسي وحده لن يحل جميع المشكلات. وتروي منى سلطان حكاياتها مع ابنها خالد، البالغ من العمر خمس سنوات، والذي أنقذته أكثر من مرة من السقوط من بلكونة المنزل، إذ إنها تسكن في بناية قديمة نوعاً ما، لكنها تتميز بوجود الخدمات كافة، فضلاً عن مالكها، الذي يحرص على صبغها من الداخل كل عام، وهذا هو السر في سبب تمسكها بها هي وزوجها. وتوضح أن خالد منذ أن بدأ المشي من دون مساعدة أحد، وهو كثير المشاكل، ولا يتوقف عن الحركة وإحداث جلبة كبيرة، فهو يعشق اللعب وأكثر من مرة ضبطته وهو يحاول الصعود من فوق حافة البلكونة بمساعدة أحد المقاعد الموجودة بها. وتضيف: «في كل مرة كان قلبي ينخلع بشدة وأشعر برهبة شديدة وأصرخ في الوقت نفسه، وحين أقترب من صغيري أضمه كمن عثر على جرعة ماء قبل أن يهلك من العطش»، لافتة إلى أنها حين تتركه في البيت مع الخادمة تطلب منها ألا تغيب عنه لحظة واحدة حتى ولو استدعى الأمر ألا تنظف البيت، وحين تعود إلى البيت تضمه إليها، ولا تدري منى كيف تحل هذه المشكلة التي تؤرقها. مشهد مروع لا تنسى مي القحطاني المشهد المروع الذي رأته بعينيها منذ بضعة أشهر لطفل يسقط من أحد النوافذ، إذ إنها في ذلك الوقت كانت تجلس في البلكونة المواجهة للمنزل الذي سقط منه الطفل. وتقول: «منذ أن رأيت هذا المشهد المؤلم بكل تفاصيله، وأنا أعيش في حالة نفسية سيئة جداً، إذ إنني لم أكن أتوقع أن يموت طفل صغير أمام عيني بهذا الشكل، ومنذ هذه اللحظة قررت إغلاق منافذ بيتي، ولم أعد أجلس في البلكونة، ومنعت أطفالي الثلاثة من ذلك أيضاً، فضلاً عن أنني غيرت نظام نوافذ البيت على حسابي الخاص. وتشير إلى أنه من العبث أن يترك الآباء والأمهات فلذات أكبادهم لقمة سائغة للسقوط المروع. وتؤكد: «هذه الظاهر لن تنتهي من حياتنا إلا إذ صممت البنايات بطريقة تتوافر فيها كل عوامل الأمان على الرغم من إيمانها بأن الحذر لا يمنع القدر».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©