الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أميركا وكوريــا الشمالية·· مواجهــة على خط النــار

26 يناير 2007 01:55
الملف من إعداد: رائد الشايب تخوض الولايات المتحدة الاميركية أوائل الشهر المقبل معركة دبلوماسية جديدة في المحادثات السداسية لاحتواء الأزمة النووية الكورية الشمالية، بعد فشلها الذريع في منع بيونج يانج من إجراء أول تجربة نووية في أكتوبر الماضي· فهل سيكتب النجاح لهذه الجولة، بعد ان أبدت كوريا الشمالية تفاؤلها تجاه استئناف المحادثات؟ أم ستكون هناك مماطلة كورية للاستفادة من الوقت لإجراء تجربة جديدة؟ ومما شجع واشنطن لاستئناف المفاوضات هو العرض الكوري الشمالي والمتمثل بتجميد النشاط في مفاعلها النووي وقبول عودة المفتشين النوويين الدوليين مقابل الحصول على مساعدات في مجال الطاقة· وقالت مصادر دبلوماسية في سيؤول وبكين ان كوريا الشمالية طلبت ايضا زيادة المرونة الاميركية إزاء الحملة ضد أنشطتها المالية في إطار تبادل للخطوات المبدئية في اتجاه إنهاء البرنامج النووي الكوري الشمالي· ماذا يمكن أن يحدث غداً؟ قبل أشهر صعدت كوريا الشمالية حدة مواجهتها النووية مع أميركا وحلفائها عقب إجرائها أول تجربة نووية· وبعد سنوات من التوخي والحذر والترقب والمماطلة عبر المحادثات السداسية والتي كانت تضم كلا من أميركا وكوريا الجنوبية والصين وروسيا واليابان بالاضافة الى اللاعب الاساسي كوريا الشمالية كشفت بيونج يانج عن خططها النووية ودخلت النادي النووي في التاسع من اكتوبر الماضي· وبعد مرور مايقارب أربعة أشهر رجح مسؤولون أميركيون وكوريون جنوبيون قيام كوريا الشمالية بإجراء تجربة نووية وقال قائد الجيش الأميركي في كوريا الجنوبية الجنرال ب· ب بل إنه من المرجح أن تجري بيونج يانج تجربة نووية أخرى، لكنه رفض التعليق على تقارير بأن التفجير النووي وشيك· في حين صرح كوريون جنوبيون بأنه جرى رصد نشاط قرب ما يشتبه في انه موقع تجربة نووية في كوريا الشمالية لكن ليس ثمة دليل يشير إلى أن الشطر الشمالي يوشك على إجراء تجربة نووية أخرى· تاريخ الأزمة الكورية قبل الخوض في دهاليز التجربة النووية الكورية، لابد من الاشارة الى تاريخ الأزمة، فقد بدأت كوريا الشمالية في النشاط النووي منذ أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، عندما تلقى فريق من العلماء الكوريين الشماليين تدريبهم في الاتحاد السوفييتي· وفي أواسط الستينيات بدأت كوريا الشمالية نشاطها النووي ببناء مفاعلات صغيرة، ويستمر العمل في هذا النشاط حتى اليوم، وان توقف لفترات زمنية معينة· مما تشكل قناعة لدى الاستخبارات الاميركية بأن الكوريين الشماليين يطورون برنامجاً سرياً لتخصيب اليورانيوم، وعند إخضاعها للمساءلة والمحاسبة خلال اجتماع بين حكومتي كوريا الجنوبية والشمالية في أكتوبر 2002م، اعترف مسؤول كوري شمالي بوجود برنامج لتخصيب اليورانيوم· ويعتقد ان الكوريين الشماليين جمعوا ما بين 6 إلى 10 كيلوجرامات على الاقل من اليورانيوم، وهي كمية كافية لصنع قنبلة او قنبلتين صغيرتين، ومن الممكن صنع ست قنابل نووية من كمية اليورانيوم التي تقدر بما بين 25-35 كيلوجراماً، خلال سنوات قليلة، واذا تم إكمال بناء بعض المفاعلات، فإن كوريا الشمالية سوف تصبح قادرة في نهاية المطاف على إنتاج ما يكفي من البلوتونيوم لصنع من 5 الى 10 قنابل نووية في العام الواحد· ويعتقد بعض العلماء والمراقبين في هذا المجال، أن تقديرات الانتاج المتعلقة ببرامج تخصيب اليورانيوم الكوري الشمالي ما هي إلا مجرد تخمينات، لأن نطاق ذلك البرنامج غير معروف، إلا ان هناك مصدراً محتملاً آخر للحصول على المواد النووية او الأسلحة الجاهزة الصنع، هو شراؤها من دول اخرى او عن طريق شبكة سرية تنشر الأسلحة النووية· ولكن الجرأة والتحدي الذي تتعامل به كوريا الشمالية مع الآخرين، وخاصة الولايات المتحدة واليابان وكوريا الشمالية، ربما يعطي الدليل على أن بيونج يانج قد قطعت شوطاً كبيراً في بناء قواتها المسلحة وبناء قدراتها النووية· الانسحاب من ''المعاهدة النووية'' ولم تنضم كوريا الشمالية إلى معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية والتي أقرت في عام ،1970 إلا في عام 1985 رغم بدء نشاطها منتصف الستينات من القرن الماضي · وقد تم تأجيل توقيع الضوابط التي تسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش برنامجها النووي حتى عام ·1992 وعندما أشارت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوجود مواد ذرية، طرد الكوريون الشماليون في شهر ديسمبر 2002 مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأزالوا أختام الوكالة وكاميراتها في يونجبيون· وفي شهر يناير 2003 أعلن الكوريون الشماليون أنهم رفعوا تعليقهم السابق للانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وأصروا على الزعم بأن انسحابهم أصبح بذلك ساري المفعول اعتبارا من اليوم التالي· وأعادوا من ثم تشغيل مفاعل الخمسة ميجاواط وادعوا في وقت لاحق أنهم أكملوا إعادة معالجة قضبان الوقود المستهلك للمفاعل، وهي القضبان التي كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد ختمت عليها· وقد تم تعليق العمل في بناء مفاعلي الماء الخفيف اللذين كانا في مرحلتهما التأسيسية، في شهر نوفمبر ·2003 ''المحادثات السداسية'' وبدأت أول محادثات أميركية - كورية شمالية جوهرية في العام 1993 واستمرت على أساس متقطع حتى العام ،1994 وانتهت بتوقيع الإطار المتفق عليه· وعقدت ستة اجتماعات رباعية (الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية والصين) بين العامين 1997 و1999 لمناقشة مطلب كوريا الشمالية باستبدال هدنة الحرب الكورية بمعاهدة سلام، إلا أن المحادثات انهارت في نهاية المطاف· وفي أبريل ،2003 وبالنظر لرفض الولايات المتحدة عقد اجتماع ثنائي مع كوريا الشمالية، نظمت الصين واستضافت اجتماعا ثلاثي الأطراف، توسع إلى منتدى سداسي الأطراف (بإضافة كوريا الجنوبية واليابان وروسيا) لعقد ثلاثة اجتماعات سداسية ابتداء من شهر أغسطس ·2003 وعرضت كوريا الشمالية خلال الاجتماعات السداسية تجميد برنامج أسلحتها النووية حالما تستأنف الولايات المتحدة شحنات زيت الوقود وترفع حظرها الاقتصادي وتشطب واشنطن اسم كوريا الشمالية من قائمة الدولة الراعية للإرهاب· إلا أن الولايات المتحدة، التي تعلمت من تجربتها في الإطار المتفق عليه، أصرت على أنها لن تبدأ التفاوض حول رزمة معونة اقتصادية ومعاهدة عدم اعتداء متعددة الأطراف إلا عندما تجمد كوريا الشمالية برنامجها النووي بشكل يمكن التحقق منه· وأعلنت الدول المجاورة لكوريا الشمالية ( الصين وروسيا واليابان وكوريا الجنوبية ) أنها لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية· وقد أعربت الولايات المتحدة هي أيضاً عن معارضتها الشديدة الثابتة التي لا يمكن أن تتغير لمثل ذلك البرنامج· إلا أن أحداً لم يتمكن من منع كوريا الشمالية من جمع المزيد من المواد النووية، وما يفترض من صنع أسلحة نووية· وقد أدى اتفاق الإطار، الذي تم التفاوض حوله من قبل حكومة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، إلى إبطاء البرنامج النووي لكوريا الشمالية ولكنه لم يوقفه· فيما تجنبت حكومة الرئيس الاميركي الحالي جورج بوش إجراء محادثات ثنائية لأنها تعتبر المسألة النووية الكورية الشمالية قضية إقليمية لا ثنائية، إلا أن الولايات المتحدة وافقت على الاجتماع مع كوريا الشمالية في محفل متعدد الأطراف· وكان التوقع الأولي لواشنطن هو أن الأطراف الأخرى في المحادثات السداسية تنضم إلى الولايات المتحدة في الضغط على كوريا الشمالية لوقف برنامجها النووي· ولكن ما حدث، هو أن روسيا والصين وكوريا الجنوبية أظهرت درجة من التعاطف مع ادعاء كوريا الشمالية بأنها هدف لعدوان أميركي في حرب حكومة بوش على الإرهاب واعتبرها احدى دول محور الشر والتي تضم ايضا ايران وسوريا، ودعت هذه الدول الولايات المتحدة إلى التوصل إلى حل وسط مع كوريا الشمالية، مع أن أحدا منها لم يحدد ما سيكون عليه شكل ذلك الحل الوسط· وعرضت كوريا الشمالية التخلي عن برنامج أسلحتها النووية وقبول نوع غير محدد من نظام التثبت عندما تستبدل الولايات المتحدة سياستها العدائية تجاه نظام كيم جونج-إيل بقبول ذلك النظام وعدم التدخل في شؤونه وحتى تقديم الدعم له· لكن، وبما أن السياسة الأميركية ليست مبنية على أساس سياسة كوريا الشمالية النووية فحسب، وإنما أيضا على سلوكها في الماضي، وعلى نشرها أسلحتها التقليدية في مواقع متقدمة، وسياساتها المزرية في مجال حقوق الإنسان، لا يبدو أن هناك أي احتمال بأن تمنح أي حكومة أميركية كيم جونج-إيل الاحترام والدعم اللذين يَعتقد أنه يستحقهما· وفي حين يتفق معظم الخبراء في شؤون كوريا الشمالية في الولايات المتحدة على أن الكوريين الشماليين سيتوقفون عن إنتاج المزيد من البلوتونيوم مقابل طائفة منوعة من المكافآت، إلا أنهم يشكّون في إمكانية التوصل إلى تحقيق تفكيك كامل وقابل للتثبت منه ولا يمكن إبطاله والرجوع عنه للبرنامج النووي الكامل لكوريا الشمالية ما دام نظام كيم موجودا في السلطة· لذا فإن القضية، من الناحية العملية، تصبح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقبل باتفاقية أخرى لاحتواء برنامج كوريا الشمالية جزئياً، أو ما إذا كان سيسمح باستمرار الانتشار النووي، على الأقل إلى أن تصبح الصين، وهي واهب المساعدات الرئيسي لكوريا الشمالية، متنبهة إلى الخطر إلى حد يدعوها إلى إنهاء معونتها الاقتصادية ودعمها الدبلوماسي لنظام كيم· التجربة النووية ففي التاسع من أكتوبر استفزت كوريا الشمالية العالم بقيامها أول عملية تفجير لقنبلة نووية تحت الأرض ضاربة عرض الحائط بكل الضغوط والتحذيرات الدولية· ونفذت بيونج يانج أول تفجير نووي تحت الأرض قالت انه تكلل بالنجاح ولم يؤد الى انبعاث أشعة· وقالت ان التجربة النووية التي تشكل حدثا تاريخيا أجريت بحكمة ونجاح وأمان تحت الأرض من خلال تكنولوجيا محلية للمركز العلمي للأبحاث بنسبة مائة في المائة حيث لم يسجل انبعاث اي اشعاعات خلالها، واضافت ''تم التأكد من انه لم يسجل خلال التجربة اي خطر لنشاط اشعاعي لأن التجربة أجريت طبقا لاعتبارات علمية ولحسابات دقيقة''· وأوضحت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أن التجربة النووية أجريت في موقع هواديري قرب كيلجو حيث رصدت هزة تراوحت قوتها بين 3,58 و3,7 درجة على مقياس ريختر· ونقل نائب في البرلمان عن مسؤولين في الاستخبارات ان التفجير أجري داخل نفق افقي طوله 360 مترا حفر في عمق احد الجبال على الساحل الشمالي الشرقي شمال غرب قاعدة موسودان للصواريخ في منطقة هواديري، مشيرا الى انه نظرا لارتفاع الجبل فإن التجربة يبدو انها اجريت في نفق أفقي· مجلس الأمن وقرار 1718 ولم تمض على التجربة أيام إلا وفرض مجلس الأمن الدولي في الرابع عشر من اكتوبر عقوبات اقتصادية وتجارية على كوريا الشمالية، وطالبها بأن تمتنع عن أي تجربة جديدة وتعود الى المفاوضات السداسية، واتخذ مجلس الأمن هذا القرار الذي حمل الرقم 1718 بإجماع أعضائه الخمسة عشر· وجاء في القرار إدانة التجربة النووية التي أعلنتها كوريا الشمالية في 9 أكتوبر 2006 ، وطالبها بعدم إجراء تجربة نووية أخرى أو إطلاق صاروخ باليستي· والعودة فورا عن إعلانها الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي· كما أقر وجوب أن تعلق كوريا الشمالية كل أنشطتها المتصلة ببرنامجها للصواريخ الباليستية· وان تتخلص من أسلحتها النووية ومن برنامجها النووي في شكل كامل وقابل للتحقق ولا مجال للتراجع عنه· وقرر أيضا أن تقوم بيونج يانج بتدمير أسلحتها الاخرى للدمار الشامل وبرامجها للصواريخ الباليستية بشكل كامل وقابل للتحقق ولا مجال للتراجع عنه· وأوجب القرار كل الدول الأعضاء تسليم وبيع أو نقل في شكل مباشر أو غير مباشر··· الدبابات والاليات المصفحة وأنظمة المدفعية الثقيلة والطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية والسفن الحربية والصواريخ او انظمة الصواريخ··· والمنتجات الفاخرة الى كوريا الشمالية· وان توقف كوريا الشمالية تصدير (المعدات العسكرية)، ووجوب ان تقوم كل الدول الاعضاء بمنع شراء هذه المعدات· ومنع القرار كل الدول الاعضاء توفير المساعدة التقنية والنصائح المرتبطة (بالمعدات العسكرية) لكوريا الشمالية، عبر مواطني (تلك الدول) او انطلاقا من أراضيها· وقرر وجوب ان تجمد كل الدول الاعضاء فورا الصناديق والارصدة المالية والموارد الاقتصادية الاخرى التي يملكها أشخاص أو جهات اعتبارية على صلة او قدمت مساعدة الى البرنامج النووي وبرامج أخرى لأسلحة الدمار الشامل لكوريا الشمالية، بما في ذلك عبر وسائل غير قانونية· كما أوجب القرار ان تتخذ كل الدول الأعضاء التدابير الضرورية لمنع دخول أو مرور اشخاص يعتبرون مسؤولين عن برامج نووية وصواريخ باليستية وبرامج أخرى لأسلحة الدمار الشامل لكوريا الشمالية، الى اراضي (تلك الدول)· وقرر ان تتعاون الدول الأعضاء في تفتيش الحمولات المتجهة الى كوريا الشمالية او الصادرة منها لمنع تهريب الأسلحة النووية والكيميائية او البيولوجية· ودعا كوريا الشمالية الى العودة فورا الى المفاوضات السداسية من دون شروط· واعتبر المندوب الأميركي في الأمم المتحدة جون بولتون القرار خطوة إيجابية لدفع بيونج يانج إلى الكف عن ممارساتها· وأوضح أنّ القرار لا يطال المساعدات الإنسانية الموجهة إلى الشعب الكوري الشمالي الذي يعاني ''من المجاعة·'' وطالب كوريا الشمالية بالعودة إلى طاولة المفاوضات السداسية· أما المندوب الفرنسي فقد اعتبر القرار ،1718 الذي تبناه المجلس، ردا حازما على كوريا الشمالية· ومن جهته، اعتبر المندوب الصيني القرار ''مهما'' غير أنه عبر عن تحفظ بلاده إزاء تفتيش الشحنات·في حين علق مبعوث كوريا الشمالية في الأمم المتحدة على القرار بأن بلاده ترفض ''كليا'' قرار المجلس، وأبلغ السفير باك جيل يون المجلس في اجتماع عام ان بيونج يانج أجرت تجربة نووية بسبب ''السياسات المعادية'' من جانب الولايات المتحدة· وقال''اذا زادت الولايات المتحدة الضغط على جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية فإنها ستواصل اتخاذ إجراءات مضادة مادية معتبرة ذلك إعلان حرب·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©