السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بول شاؤول: العولمة قتلت الشعر

بول شاؤول: العولمة قتلت الشعر
28 فبراير 2008 01:29
استضافت المكتبة الجزائرية مساء أمس الأول الشاعر اللبناني بول شاؤول، في ندوة ثقافية تحدث خلالها عن الشعر، حيث أجاب عن عدد من الأسئلة المهمة والتي أعدها الشاعر الجزائري جيلالي نجاري ومنها: ما هي العلاقة بين العولمة والشعر؟ وأمام طغيان الالكترونيات والألياف الرقمية والأنترنت، هل أصبح الشعرُ في خطر؟ وهل الشعراء كائنات في طور الانقراض؟ هل الخصوصيات الثقافية مُهدَّدة بفعل هذه العولمة؟ وما مدى استفادة الشعر من هذه التكنولوجيا والأنترنت خصوصاً؟ وفي ظل هذه العولمة التي لا تعترف إلا بالمادة والمال، ما جدوى الشِّعر في هذا المناخ؟ ورداً على هذه الأسئلة، قال شاؤول إن الشعراء العرب عرفوا في مختلف العصور''عولماتٍ'' متعددةً، لكنهم حولوها إلى إبداع عربي خالص، لأنها كانت أقرب إلى ''العالمية النهضوية'' من العولمة التي نعرفها اليوم والتي تصب في خدمة القطب الواحد· وأبدى حسرته لحال الشعر العربي، حيث لا يبيع أكبر شاعر الآن 300 نسخة من أي ديوان له مع أن عدد العرب يتعدى 300 مليون نسمة، إلا أنه نبَّه إلى أن هذه الظاهرة لا تتعلق بالوطن العربي وحده، ففي فرنسا لا يقرأ 99 بالمئة منهم الشعر، وأفضل شعرائهم لا يبيع مئات النسخ، واستنتج أن المجتمعات الآن لا تحتاج إلى الشعر كوظيفة، وربما أنقذه من غول العولمة أنه غير مطلوب وإلا كان قد حوَّله إلى سلعة استهلاكية تفقده خصائصه الجمالية· وأضاف الشاعر اللبناني أن العولمة لا تعترف بالشعر كفنٍّ مستقل لأنه استعصى عليها كسلعة، فهو غير موجود عكس الرواية، وأردف الشاعر كمن يعيش الاغتراب من فرطِ ما حصل للشعر: ''لا أعرف معنى الشعر وأتحدَّى كل من يقول إنه يعرف معناه''! وقال شاؤول إنه بعد الإعلان عن موت الايديولوجيا والجغرافيا والحدود··· يُعلن الآن عن موت الشعر وعن موت الدولار أيضاً، العولمة باتت مرتبطة كلياً بالاستهلاك بوتيرة سريعة تموت معها الأشياء بسهولة، وكل شيء تحاول العولمة قولبته وتسليعه: الموت، الطقوس والأديان، طبقة الأوزون، بل إنهم عولموا حتى الثقافات والأصوليات لتحقيق أغراضهم في تسويق ما يريدون· واعتبر شاؤول أن تاريخ البشرية كان معولماً كله: الفراعنة، الإغريق، الاستعمار···لكنها كانت ''عولمات'' متنوعة، بينما اليوم لدينا قطبٌ واحد يحوِّل كل شيء إلى تجارة ويُلغي خصوصية كل إبداع· ويضيف: هذا الأخطبوط (العولمة) يرغب في تسليع الشعر ومصادرة جوهره، مع أنه ليس مادة تجارية ولا يفيد العولمة، والشعراء يكتبون خارج ضروراتها وشروطها بينما الرواية أكثر استعداداً لاستيعابها؛ وبعض الروائيين اليوم لم يعودوا يكتبون لجمهورهم بل لمقتضيات العولمة مثلما كان الشاعر يكتب للبلاط، هناك روايات مناسباتية ترمي إلى نيل إعجاب دور النشر والجمهور'' وضرب مثلاً بروايات أمين معلوف وقال إنها ''مصنوعة تحت الطلب وهي لا تعنيني''، بينما الكتابة مقاومة والقراءة مقاومة أيضاً، وعبَّر عن تأثره الشديد حين سمع أن هناك جريدة جزائرية تسحب نصف مليون نسخة يومياً، وأن عدد المشتركين في المكتبة الجزائرية بلغ 120 ألفا· وختم شاؤول بدعوة الشعراء إلى الكتابة وفقط وعدم الاهتمام بالكتابة ضمن مواصفات معيَّنة أو التفكير في القارئ، فالشعر هو الحرية المطلقة وإن كان الشاعرُ ابن مجتمعه يعبر عنه بطريقته كما الفنان، كما دعا إلى مقاومة العولمة عبر ترسيخ الديمقراطية الحقيقية والمزيد من الحريات وتوسيع دائرة المجتمع المدني والاستمرار في الكتابة ولو تحت التهديد بالموت لأن الشعر ثقافة الحياة وهو ما يفعله محمود درويش بحمله قضية بلده فوق أكتافه رغم أن الإسرائيليين هددوه بالقتل ونجا من عدة محاولات اغتيال· وردا على سؤال خاص لـ''الاتحاد'' بعد نهاية الندوة عن مدى قدرة الشعر على مقاومة العولمة في ظل انحساره المستمر أمام الرواية اليوم؟ قال شاؤول: الشعر لا يستطيع وحده أن يقاوم العولمة، يجب أن يقوم المجتمع المدني بدوره ولا يخضع للسلبية والتلقي، يجب أن نكوّن مجتمعاً نقدياً قائماً على أفراد فاعلين وليس على قطعان، الشعر والثقافة جزء من مقاومة المجتمع والبلد بكامله، فضلاً عن الصحافة والمؤسسات والنقابات والكُتَّاب والجامعة، والشعر عبره هو الذي يمكن أن يقاوم العولمة·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©