السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البراءة والإدانة: قضية إعلامية بامتياز

1 أكتوبر 2012
من أكثر ما يلفت في التصدي لقضايا الإساءة للمسلمين هذا التهميش عندنا للرأي الإعلامي- الفني والحرفي رغم البعد الإعلامي البارز لجميع هذه القضايا التي لم تكن لتنال أهمية لولا وسائل الإعلام على اختلافها. في قضية فيلم «براءة المسلمين» لم ينل موقع يوتيوب مثلا حيزا وافراً من الاهتمام أو الهجوم. وأقصى ما حصل للموقع الدعوة لمقاطعته (مع شركة جوجل بصفتها المالكة). لكن أكثر ما أعجبي بشأن يوتيوب استفادة بعض المستخدمين الأذكياء من الموقع نفسه لنشر مقاطع أفلام سينمائية غربية وأميركية تتضمن تمجيدا لحضارة المسلمين وإنجازاتهم العلمية بقالب سينمائي روائي عجزت عنها ربما كل الإعلام في العالم الإسلامي والعربي. لقد استقطب هذه اللقطات عشرات آلاف زوار الموقع بصمت وبدون ضجيج. استغرب فعلا لماذا لا يصار إلى إعادة توظيف مثل هذه الأفلام في سياق رد الإساءة؟ لن أذهب مذهب كثيرين جزموا أو رجحوا بأن حملة الاحتجاجات كانت موجهة سياسيا أو تم استغلالها لغايات ضيقة وانتهازية، ولكن في بعض الوقائع الإعلامية ما يدعونا لاستدراك الأخطاء والمواقف المتسرعة. كان لافتا مثلا نشر دراسة معهد «بيو» الأميركي للأبحاث عن الدين والحياة العامة في هذا التوقيت، وقد جاء فيها أن المسيحية أولا والإسلام ثانياً هما أكثر ديانتين في العالم تعرضاً للمضايقات في الفترة من عام 2009 إلى منتصف 2011، وأن المسيحيين تعرضوا للتحرش من جانب الحكومات والقوى الاجتماعية في 111 دولة حول العالم في عام 2010، بينما تعرض المسلمون لأعمال التحرش في 90 دولة، واليهود في 68 دولة، والهندوس في 16 دولة، والبوذيون في 15 دولة. مؤخرا تحدثت بعض وسائل الإعلام عن اكتشاف بردية تعود إلى نحو ألفي سنة وفيها ما يشير إلى زواج السيد المسيح بمريم المجدلية الأمر الذي من شأنه يقوض بعض معتقدات الكنيسة. وتذكرت أن ذلك هو الزعم نفسه الذي ارتكزت عليه رواية وفيلم «شيفرة دافنشي» الذي لاقى رواجا عالمياً قل نظيره دون أن يؤدي إلى ضعف الإيمان المسيحي (ولا حتى التعصب الديني الذي آخذ في الازدياد في الغرب لأسباب عديدة لا داع لذكرها الآن). وقبل سنتين أيضا لاقى فيلم «عشق المسيح» (باشين أوف كريست) رواجاً من كل نوع وهو تحدّث بتفصيل عن الظلم الفظيع لعيسى بن مريم على يد زعماء أحبار اليهود ومؤامراتهم ودسهم لدى الحاكم الروماني. وقد تعذر منع عرض هذا الفيلم (رغم بعض الاحتجاجات عليه) خاصة وأنه خلا من أي شتيمة أو نزعة عنصرية أو دينية بل استند إلى شواهد ومستندات تاريخية. في المقابل لعبت أفلام مثل «الرسالة» و»مملكة السماء» تأثيراً إيجابيا حقيقيا لمصلحة الإسلام والمسلمين بل كان تأثيرها لا ينسى على النطاق العالمي قاطبة وعلى جميع المستويات الثقافية والفنية والجمالية وغيره. الآن ثمة حاجة استثنائية وماسة لأعمال سينمائية وفنية وإعلامية من هذا النوع بعد الذي جرى مؤخرا جراء فيلم الفتنة السيئ الذكر (على جميع المستويات) وردود العنف المتمادي عليه. وفي هذا نوع من محك وتحدٍ ملموس للغيارى على الحقيقة والدين ولاسيما القادرين منهم. فهل يفعلون؟ د.الياس البراج | barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©