الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

لماذا يذبل الورد؟!

لماذا يذبل الورد؟!
28 فبراير 2008 01:39
لماذا يذبل الورد سريعا، تنتهي الصداقات، يموت الحب؟ لماذا لا يشعرون باللحظات الجميلة في حياتهم، بقيمة اليوم ومتعة الأشياء؟ ـ لأنهم لا يعتنون·· لا يعتنون بالوردة وبالصداقات والحب واللحظة الجميلة ولا باليوم ولا بالمتعة، يخدشون كل جميل بعبوسهم ولومهم واستقبالهم غير الفرِح للحظة قربهم؛ يمزقون اللوحة ويشوهون المشهد·· فيما هم يعتقدون أنهم بذلك يعتنون· صحيح كل شيء إلى زوال، كل شيء يفنى؛ لكن هناك زمناً بين ولادة الأشياء وبين موتها، وهذا الزمن هو الذي نقرر فيه نحن في كثير من الأحيان أن يطول أو يقصر، فعندما نحب الورد، نقوم بالاعتناء به، نقوم بسقايته ولمسه بحنان ووضعه في مزهرية جميلة ونعرضه لضوء يناسبه· وكذلك الصداقة، تنمو حين نحمل في داخلنا قيمها الجميلة، ونشعر بجمال الأصدقاء حتى وهم في أقصى الأرض أو قرب الطاولة، والصمت الطويل لا يميتها· وهو الحب أيضا يعيش العمر كله ولا يخفت طالما نعتني به، بالعهود الصادقة والسعي الدائم إلى تغيير وجه الأيام الكئيبة، بالكلام والتواصل الجميلين، وبالإيمان بقيمة الحب وقدرته الكبيرة على تفتيت الحزن والكدر والضيق، قدرته الكبيرة على دحر الفشل واليأس، قدرته الكبيرة على جعل العمر جميلا وناصعا· واللحظة أيضا، تبقى راسخة في الذاكرة، كلما أمعنا في النعمة التي خصصت لنا، بالابتسامة التي على وجوهنا، اللحظة التي هي لنا وحدنا، فيما في مكان قريب أو بعيد، هناك من يعاني، وربما من يبكي·· اللحظة يمكن أن تذهب بعيدا في الزمن، وتغيب؛ وفي كثير من الأحيان لا تعود أبدا، ويكون النسيان حاضنها الأبدي، ولكن حين ندرك جمالها وأن علينا أن نعيشها، تكون الذاكرة بيتها الأبدي· وهو اليوم أيضا، مع شروق الشمس حتى مغيبها، مع حلول الليل ومع ضوء القمر، مع النجوم ونسيم الليل، يكون جميلا عندما نعتني بتفاصيله ونحدق في الصباح ببهجة ونعتني ونعرف استخدام تفاصيل وجوهنا ببساطة وصدق، أن تكون روائح الطبيعة عطرنا الأحب، أن نرتقي في ليل البشر بحسنا، أن نعتني بالأذن ونسمعها صوت البحر، وصوت الطير، والموسيقى والهواء، أن نقول بلساننا كلاما خفيفا لطيفا للأشياء وللناس، أن ننتقي ونعتني بالكلام· وهي المتعة تحدق في عيوننا، وترقص مع بريق الحس في احتساء الشاي، القهوة، الحليب الساخن، ترقص في دفء البيت، في الحوار مع الطفولة، في ساعات الشروق والغروب، في تأمل القمر بكل حالاته والنجوم وهي ناصعة، المتعة في المشي وفي الضحك في الكلام وفي الصمت·· كل ذلك يتحقق وتصير الحياة جميلة عندما نعتني· وكل ذلك يغيب ويموت ويصير باهتا عندما لا نعتني·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©