الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإثارة الكهربائية أمل العلماء في علاج العمى وفقدان البصر

الإثارة الكهربائية أمل العلماء في علاج العمى وفقدان البصر
14 أكتوبر 2011 00:40
إذا كان الأعمى لا يستطيع النظر والرؤية، فإن عيني عقله ودماغه ليستا كذلك، بل إنهما تريان وتُبصران ما لم تستطع عينا وجهه رؤيته عند تزويدهما بدرجة كهرباء فولطية مناسبة وفي الجزء المناسب من الدماغ. هكذا قال منجزو دراسة نُشرت حديثاً في مجلة «الأكاديمية الوطنية للعلوم». صحيح أن هذه الدراسة أُجريت على القرود وليس على البشر، لكنها تُهدي لكل أعمى وفاقد بصر باقةً من بوارق الأمل وتقدح في نفسه شرارات التفاؤل لاستعادة حبيبتيه. أظهرت دراسة أجريت على قردين أن الإثارة المباشرة لقشرة الدماغ البصرية تخلُق لدى المرء تصوراً للأشكال والألوان والتقابُلات حتى عندما لا تتمكن العينان من رؤيتها. وعندما يفقد شخص ما بصره بسبب مرض أو إصابة، فإن السبب يكون عادةً إما انعطاب العينين أو الشبكة التي تحمل الصور الملتقطة من العينين إلى قشرة الدماغ البصرية. فالمنطقة الواسعة في الأرباع الخلفية للدماغ هي المكان الذي تُلتقط فيه الصور الخامة من قبل العينين ثم تُتَرجم إلى صور مكتملة وذات معنى. وبعد مرور سنتين على الأقل من فقدان شخص ما لبصره، تبقى هذه المنطقة مستعدةً لرصد الرسائل الواردة من العينين وتُضفي عليها معانيها. وإذا لم تصلها أية رسالة عبر العينين، فإن الدماغ الذي يتمتع في الأصل بقدرة خارقة على التكيف والتأقلم سيبدأ بتكليف بعض العصبونات (الخلايا العصبية) غير المستفاد منها كثيراً بأن تقوم بوظائف أخرى وعلى رأسها الاضطلاع ببعض من أدوار العينين. وأملاً في تمكين فاقدي أبصارهم من الرؤية مُجدداً، اختار باحثون من قسم علوم الإدراك والدماغ بمعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا عدم التركيز على إصلاح العينين المعطوبتين اللتين فقدتا القدرة على القيام بوظائفهما أو على شبكية العين التي اهترأت واستُنزفت قوتها، بل على تزويد الدماغ برسائل كهربائية يمكنه ترجمتها كصورة مباشرة على مستوى قشرة الدماغ البصرية. ولكي يثبتوا أن مقاربةً كهذه يمكن أن تنجح، قاموا بتدريب اثنين من قرود المكاك الريسوسية التي تُستخدم عادةً في التجارب العلمية هما هانك وماليبو كانا قد فقدا بصرهما بسبب شيخوخة وظيفة الإبصار لديهما. وبعد إجلاسهما أمام شاشة كبيرة، تعلم القردان أنهما كلما رأيا شكلين منفصلين يتم إسقاطهما على الشاشة، فإنهما سيحصلان على مكافأة تتمثل في قطرة من عصير التفاح إذا تمكنا من التعرف على شكل كل صورتين مُسقَطتين على الشاشة من حيث كبر الحجم أو السطوع من خلال التحديق في الصورة التي يختارها كل واحد منهما. وعلى الرغم من أن كل قرد منهما مارس مهارته الجديدة، فإن الباحثين أطرقوا انتباههم الكامل إلى الأنماط المميزة للرسائل الكهربائية التي تمر بين خلايا قشرة الدماغ البصرية لكل قرد. كما سجلوا هذه الأنماط الخاصة برؤية الصورة كما لو أنه تم تحليلها من قبل الدماغ نفسه باستخدام إلكترودات دقيقة رُبطت بعناية في جزء قشرة الدماغ البصرية الذي يقع مباشرةً تحت جمجمة كل قرد. وعندما أعاد الباحثون شريط مجريات أحداث تجاربهم، انبهروا بما أظهرته التسجيلات من أنماط كهربائية. فعند إخضاع العصبونات البصرية لأحد القردين لإثارة كهربائية في دائرة النظر، فإن عينيه تذهبان مباشرةً إلى هذه الدائرة، وحتى عندما لا تكون على الشاشة أمامه. وحينما قام الباحثون بتوليد صورة دائرة أكبر كهربائياً ثم وضعوها إلى جانب صورة أصغر من الصور التي تم إسقاطها على الشاشة، قام القردان هانك وماليبو بحركة أظهرت أنهما استطاعا معرفة أن الدائرة الجديدة أكبر من خلال تغيير تحديقهما إليها على الشاشة مباشرةً. وعندما أصبحت الدائرة المولدة بتيار كهربائي أكثر سُطوعاً من تلك الموجودة على الشاشة، أظهر القرد أن بإمكانه تمييز الفرق في السطوع عبر تحريك عينيه إلى الصورة الأكثر سُطوعاً، تماماً كما تم الطلب منه. ولاحظ الباحثون أن الصور التي تم توليدها في الدماغ بالإثارة الكهربائية كانت إلى حد ما فاترةً أو عديمة الألوان، لكنها مكنتهم مع ذلك من تمييز الوردي والقرمزي من ظلال متنوعة من اللون الأصفر. ومن خلال استعمال مجموعة من الإلكترودات الكفيلة بإمداد 256 خلية في القشرة البصرية للدماغ (128 في كل محيط من محيطي الدماغ)، تسنى إرسال الصور إلى جزء ضيق من الحقل البصري بالدماغ، وذلك بفضل إثارة عدد أكبر من العصبونات، وهو ما يعني حسب -حسب الباحثين- أن المجال البصري قابل للاتساع أكثر. ويرى الباحثون أن رفع طاقة التيار الكهربائي من شأنها أن تُساعد على تحسين حدة البصر وجودته. وفي أحد الحوارات التي أُجريت معه، قال بيتر شيلر، المشرف على هذه الدراسة، «إن ما قمنا به هو الخطوة الأولى فقط» في درب طويل نحو بناء عصبونات بديلة يمكنها مساعدة الناس العميان على استعادة بصرهم والنظر مجدداً. وأضاف أن الوصول إلى هذا الهدف قد يستغرق 10 سنوات قبل التمكن من ترجمة ما تم استخلاصه من التجارب التي خضع لها القردان هانك وماليبو وتطبيقها على البشر، رغم أن قشرة الدماغ البصرية لدى القرود لها نفس نظام قشرة الدماغ البصرية لدى البشر. ومعرفة كيفية ترجمة الصور البصرية المركبة إلى إشارات كهربائية يمكنها تحويل كثافة المعلومة التي يتوقعها الإنسان -وليس الأشكال والألوان وإنما مسافة بعدهما عن الشخص الرائي- سوف تكون لا محالة إنجازاً عظيماً. كما أن بناء مجموعات إلكترودات كهربائية قوية ولها القدرة على التعافي السريع وبما يكفي لتزويد الدماغ بالمعلومات البصرية اللازمة بشكل مستمر وبدون إتلاف العُصبونات الدقيقة سيكون من بين التحديات المطروحة. هشام أحناش عن «لوس أنجلوس تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©