(القاهرة) - كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أحوال الأمم السابقة ليأخذوا منها العبرة والموعظة ولم يكن الصحابة فقط هم الذين يسألون رسول الله بل كان يفعل ذلك أهل الكتاب والمشركون للمعرفة أحيانا ولاختبار نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي علمه ربه عز وجل الغيب وأخبار الأنبياء السابقين والأمم السابقة ومنهم ذو القرنين الذي قال عنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «وما أدري ذا القرنين أنبيا كان أم لا».
يقول الشيخ عادل عبدالمنعم أبوالعباس ـ عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف ـ: من الآيات التي سئل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الأمم السابقة ما جاء في سورة الكهف عندما سأله المشركون عن أخبار ذي القرنين الذي جاء ذكره في هذه السورة قال الله تعالى: «ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا. إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا فأتبع سببا. حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا ياذا القرنين إما تعذب وإما تتخذ فيهم حسنا. قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا. وأما من أمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا» سورة الكهف الآيات من 83-88 .
بداية القصة
وقصة ذي القرنين تبدأ بسؤال المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم ويأتي الجواب من الله عز وجل على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكر لهم من خبره وقص عليهم مما علمه ربه. وجاء في كلام المفسرين أن الذين سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أمر ذي القرنين كانوا قوما من أهل الكتاب وليس من المشركين او كانوا من الصحابة - رضوان الله عليهم. وجاء في تفسير السعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا عليهم خبر ذي القرنين وأحواله ما يكون عبرة وأما ما سوى ذلك فلم يذكره. وقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ان الله تعالى ملكه ومكنه في أقطار الأرض وكان ملكا عادلا يمتلك العلم ويدعو إلى الله وينشر الخير مما جعل الناس ينقادون له وأعطاه الله من الأسباب ما لم يؤت غيره من البشر ليستعين بها على قهر المسافات وسهولة الوصول إلى أقصى الاماكن وقد استعان ذو القرنين بهذه الأسباب التي لم يخبرنا الله ولا رسوله- صلى الله عليه وسلم- بها ولم تتناقلها الأخبار على وجه يفيد العلم بها ولكنها اسباب قوية كثيرة داخلية وخارجية وصار له بتلك الأسباب جند عظيم ذو عدد وعدة ونظام وتمكن به من قهر الأعداء وتسهيل الوصول إلى مشارق الأرض ومغاربها حتى رأى الشمس في مرأى العين كأنها تغرب في عين حمئة سوداء ورأى عند مغربها قوما فخير بين أن يعذبهم أو يقتلهم أو يحسن إليهم لأن ظاهرهم إما كفار أو فاسقون وكان عند ذي القرنين من السياسة الشرعية وتوفيق الله ما يستحق المدح فجعلهم قسمين من ظلم بالكفر يُعذب ويتعرض لعقوبتين في الدنيا والآخرة ومن أمن فجزاؤه الجنة والإحسان له ومعاملته بالحسنى وهذا يدل أن ذا القرنين كان من الصالحين العادلين العالمين حيث وافق مرضاة الله في معاملة كل أحد بما يليق بحاله.
انطلاقة الرحلة
وانطلق ذو القرنين في رحلته وبلغ مطلع الشمس فوجد قوما لا يحول بينهم وبين الشمس شيء حتى وصل بين السدين ووجد قوما لا يفقهون لغته ولم ينفتحون على الأمم الأخرى وتعرضوا لهجوم شديد على يد يأجوج ومأجوج فلما رأوا ذا القرنين الملك الفاتح العادل توسلوا إليه أن يحميهم وعرضوا عليه من أموالهم ما يريد لبناء سد منيع من الحديد والنحاس وطلب منهم أن يجمعوا له قطعا من الحديد وأمرهم بوضع هذه القطع في مكان ضيق بين هذين السدين حتى ساوى قمة السدين وقال لهم أنفخوا النار في هذا الحديد حتى ينصهر ويذوب بين السدين ليزداد صلابة وقوة فلا يستطيع يأجوج ومأجوج تسلقه ولما نظر ذو القرنين إلى هذا السد العظيم لم تفتنه عظمة العلم والقوة وقال لهم إن الذي أمر ببناء هذا السد هو الله.
وقصة ذي القرنين التي دار حولها السؤال وردت في سورة الكهف من بين 4 قصص قرآنية هي أهل الكهف وصاحب الجنتين وموسى عليه السلام والخضر وذو القرنين ولذلك كانت سورة الكهف من سور القرآن المليئة بالعبر والموعظة ومن فضلها ما جاء في حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين «.
وقال: «ألا أدلكم على سورة شيعها سبعون ألف ملك حتى نزلت ملأ عظمها بين السماء والأرض؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: هي سورة أصحاب الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر له الى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاث أيام ولياليها مثل ذلك وأعطي نورا يبلغ السماء ووقي فتنة الدجال» وقال: «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال». وقال- صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورا يوم القيامة من مقامه إلى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره ومن توضأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة».
عدد اليوم
