السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ابن القيم .. سيف الحق ضد الضلال والعقائد الفاسدة

13 أكتوبر 2011 19:31
(القاهرة) - ابن القيم أحد الأئمة المجتهدين، وكان قدوة في الزهد والعلم والعمل، ولورعه وتقاه، وأمضى حياته في محاربة الفرق الضالة والآراء المنحرفة ومقاومة البدع والتقليد، ولقي الاضطهاد والسجن لدفاعه عن منهج السلف الصالح وتصديه للفقهاء والقضاة المتعصبين. وقال الدكتور عبدالله بركات أستاذ العقيدة والمذاهب بجامعة الأزهر: ولد الإمام محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد ‏الزرعي الدمشقي، الملقب بـ «شمس الدين» والشهير بـابن قيم الجوزية، في 7 صفر سنة 691 هـجريا، وعرف بهذه التسمية لأن والده كان قيِّما على المدرسة الجوزية التي بناها محيي الدين ابن الحافظ يحيى بن الجوزي بسوق القمح بدمشق مدة من الزمن فاشتهر بذلك اللقب ذريته من بعده. ونشأ في جو علمي في كنف والده الشيخ العالم الورع، وبدأ في السماع في سن السادسة من عمره،‏ وعرف عنه الرغبة الصادقة في طلب العلم، والجلد والتفاني في البحث، وأخذ عن والده علم الفرائض وبرع فيه، كما برع بعض أفراد أسرته كابن أخيه أبي الفداء عماد الدين إسماعيل بن زين الدين عبدالرحمن، وأبنائه عبد الله وإبراهيم، وكلهم معروف بالعلم وطلبه. وأضاف: أخذ الحديث من الشهاب النابلسي والقاضي تقي الدين بن سليمان وإسماعيل بن مكتوم وعيسى المطعم وأبي بكر بن عبدالدائم وفاطمة بنت جوهر وغيرهم، وأخذ العربية عن أبي الفتح البعلي والشيخ مجد الدين التونسي، ودرس الفقه والأصول على الشيخ صفي الدين الهندي، والشيخ إسماعيل بن محمد الحراني، والقاضي الشيرازي، وابن مكتوم، وعلاء الدين الكندي، ومحمد بن أبي الفتح، وأيوب بن الكمال، والقاضي بدر الدين بن جماعة، وأبي الفتح البعلبكي. وأشار الدكتور عبدالله بركات إلى أنه ارتحل في طلب العلم إلى دمشق ومصر والحجاز فسمع من التقي السبكي، ولازم الشيخ بن تيمية فأخذ عنه العديد من آرائه والكثير من أفكاره واقتدى به في مذهبه الحر وهو مذهب أهل الحديث ونقم مثله على الجمود والتعصب المذهبي، ‏واشتهر- رحمه الله- بجمع الكتب والقراءة والتصنيف، وعني بالعلوم المختلفة، والفنون المتنوعة فبرع في كثير منها وبخاصة علم التفسير والحديث، وعرف بغزارة المادة العلمية في مؤلفاته، والقدرة على حشد الأدلة، وتفقه في مذهب الإمام أحمد، وبرع وأفتى، ودرس بالصدرية، وأم بالجوزية مدة طويلة، وارتقى منصب الإفتاء والإمامة. وأثنى عليه العلماء واقروا بعلمه وزهده وإمامته وفضله، وقال عنه القاضي برهان الدين الزرعي:» ما تحت أديم السماء أوسع علما منه»، وذكر ابن رجب انه:» كان شديد المحبة للعلم وكتابته ومطالعته وتصنيفه، واقتناء الكتب، واقتنى من الكتب ما لم ‏يحصل لغيره»، وقال ابن كثير:» سمع الحديث، واشتغل بالعلم، وبرع في علوم متعددة، ولا سيما علم التفسير ‏والحديث. وكان حسن القراءة والخلق، ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه، وله من التصانيف الكبار والصغار شيء كثير»، ووصفه ابن ناصر الدين الدمشقي بأنه:» كان ذا فنون في العلوم، وخاصة التفسير والأصول في المنطوق ‏والمفهوم»،‏ وقال السيوطي:» صنف، وناظر، واجتهد، وصار من الأئمة الكبار في التفسير والحديث، ‏والفروع، والعربية». ‏وقال عنه الشوكاني «العلامة الكبير المجتهد المطلق المصنف المشهور». وتتلمذ على يديه الكثيرون من طلبة العلم النجباء ومنهم ‏ابن رجب الحنبلي، وابن كثير‏، والذهبي‏، وابن عبد الهادي، والفيروز آبادي وغيرهم. وضرب- رحمه الله - بحظ وافر في علوم شتى ويظهر ذلك من مؤلفاته التي بلغت 98 مؤلفا منها «الصواعق المرسلة»، و»زاد المعاد»، و»مفتاح دار السعادة»، و»مدارج السالكين»، و»الكافية الشافية في النحو»، و»الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية»، و»الكلم الطيب والعمل الصالح»، و»الكلام على مسألة السماع»، و»هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى»، و»المنار المنيف في الصحيح والضعيف»، و»معالم الموقعين عن رب العالمين»، و»الفروسية»، و»طريق الهجرتين وباب السعادتين»، و»الطرق الحكمية «. وكان الإمام ابن قيم- رحمه الله- صاحب عقيدة صافية نقية، يلتمس أبوابها ومفرداتها من فقه الكتاب والسنة، وما كان عليه أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- عازفا عن طريقة الفلاسفة ومنهج المتكلمين ويرى الحق في اتباع النصوص والتزامها بلا تأويل ولا تعطيل، ولا تشبيه ولا تمثيل، ولهذا، فقد كان حربا على الفرق الضالة والأحزاب المبتدعة. وكان الإمام ابن القيم في حبسه الطويل مشتغلا بتلاوة القرآن وبالتدبر والتفكر وفتح الله عليه من ذلك خيرا كثيرا وحصل له جانب عظيم من الصفاء الروحي والفكري والإلهامات الصحيحة وانشغل بسبب ذلك عن علوم أهل الكلام والدخول في غوامضهم ورد الكثير من الأفكار والمذاهب الفاسدة ونقد في مصنفاته الآراء المنحرفة وحارب التعصب والجمود والتقليد الأعمى والخلافات المذهبية التي كانت سببا في تفرق الأمة وانتشار الاضطرابات والفوضى، وظل يخدم العلم وينافح عن الدين، ولا يلين حتى وافته المنية ليلة الخميس 23 رجب سنة 751 هجريا، ودفن بدمشق بمقبرة الباب الصغير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©