الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«فرصة ثانية».. التراجيديا يصنعها الممثل

«فرصة ثانية».. التراجيديا يصنعها الممثل
27 أكتوبر 2014 23:01
جهاد هديب (أبوظبي) هو فيلم عن الخيارات القاسية والصعبة في حياة الفرد، إذ تدخل المخرجة سوزان بير بالمتفرج إلى صُلب الصراع الدرامي مباشرة، عندما تتناول مشكلة عائلة شابة في مواجهة موت «طفل» في إطار صراع إرادات قائم بالأساس على جملة من المصادفات. عُرض الفيلم «فرصة ثانية» ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، بحضور مخرجته سوزان بير.ربما لا يكون هذا الدخول المباشر إلى مقولة الفيلم جديدا على الدراما القادمة إلينا من الشمال الأوروبي، فذلك يحدث عادة منذ أن تم نقل هنريك آبسن على سبيل المثال إلى العربية، وجرى تدويره أو الاقتباس منه، غير أن المفاجئ هنا أن ينتهي الفيلم في منتصفه تقريباً. لقد انبنى الفيلم على ما يكاد يكون أساساً مسرحياً: الحيّز الضيق، والشخصيات الرئيسية التي لا يتجاوز عددها في المشهد الواحد الخمس أو الست. وإذ تبلغ الدراما ذروتها، أي صراع الإرادات، فإن عددها لا يتجاوز الشخصيتين، وفيما الأب يعمل شرطياً، ويلاحق عائلة تتعاطى المخدرات مكونة من امرأة ورجل وطفل حديث الولادة يبدو في وضع مثير للرثاء، تقتل زوجة الشرطي ابنها دون قصد. والمشهد الذي يكتشف فيه الوالدان موت الطفل هو الأعلى تراجيدياً في الفيلم، والأقسى والأكثر تأثيراً على مشاعر المتفرج بكل تفاصيله وحيثياته، إنه مشهد مسرحي خالص تلتقطه الكاميرا من زوايا عديدة، ويؤديه الممثلان الشابان بحرفية عالية. أيضا المشهد، الذي يشعر المرء أنه قد أنهى الفيلم بتراجيديته القاسية هو مشهد انتحار الأم، وما تبقى يدخل في سياق «المبررات الدرامية»، إذ ينتقل صراع الإرادات من داخل الفرد ذاته، وجوانيته العميقة، ليصير صراعاً مع المجتمع متمثلاً بقانون وحيثيات اجتماعية موازية، والأرجح أنها لا تضيف شيئاً. في هذا السياق الدرامي، توظّف المخرجة سوزان بير اللونَ، أي درجة الإضاءة وشدتها، لمنح الفيلم تلك المسحة من الحزن الشفيف: البحر ليلا، والغابة، وقد أتى عليها الخريف ثم بللها المطر، حيث لا سكينة ها هنا، بل اضطراب في المشاعر، وتصاعد في التوتر الدرامي. ومن المثير للاهتمام في «فرصة ثانية» أيضا ذلك البناء المحكم للشخصيات، تلك التي يشعر المرء بإزائها أن هذه الشخصية لم تكن إلا لهذا الممثل أو تلك الممثلة، يشعر المرء أنها شخصيات قد جرى قدُّها من صخر لتبدو على ما بدت عليه في الفيلم وتحديدا شخصيتي: آنا، وسيني، حيث لم يكن لأي منهما أن تكون سوى تلك الأم التي تفقد ابنها، الأولى تنتحر من فرط الإحساس بالذنب، والأخرى تدخل إلى السجن لرفضها أن ابنها قد مات. ربما أن جاذبية هذا الفيلم تأتي من حكايته العادية تماما، تلك الحكاية التي أرادت لها لها «سوزان بير» أن تكون درامية إلى أقصى حدّ، إنما ليس وفقا لمسارات الحكاية، بل لمآلات مصائر الشخصيات أيضاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©