الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ملامح الحياة الأسرية الناجحة تغيب عن الأبناء

ملامح الحياة الأسرية الناجحة تغيب عن الأبناء
15 أكتوبر 2011 09:48
تسير الأوضاع في الاتجاه العكسي داخل المؤسسة الزوجية عندما يتنصل بعض الأزواج من مسؤولياتهم التي تفرضها عليه الحياة العامة القائمة على التعاون . وبغض النظر عن الأسباب التي تبعدهم عن القيام بالدور المطلوب، فإن عقبى الأمور لا تنقلب على الزوجة وحدها لأنها ليست المتضررة الوحيدة، وإنما كذلك على الأبناء الذين لا يكونون صورة واضحة عن ملامح الحياة الأسرية الناجحة. (أبوظبي) - على الرغم من الاعتراف بأن هناك العديد من الأسر التي تعتمد في أسلوب حياتها على التعاون والمشاركة بين الزوج والزوجة، إلا أن هناك أسراً تتحمل فيها الزوجة مهام إضافية تضطرها إلى القيام بأمور هي من اختصاص الزوج، الذي يفترض أنه شريكها في الحياة، وضع بات يتكرر في كثير من البيوت. فالزوجة إضافة إلى كونها أما وعاملة بدوام كامل معظم الأحيان، تجد نفسها ملزمة بأن تضع يدها في كل شاردة وواردة لقضاء احتياجات بيتها وزوجها وأبنائها. قائد واحد وانتقد مختصون في الشؤون الأسرية أن يكون مطلوباً، من الزوجة أن تطهو وتتبضع وتربي وتدرِّس وتذهب إلى الوظيفة، وفوق هذا كله توصل أبناءها إلى المدرسة ومن ثم تصطحبهم إلى البيت وتعود مجددا إلى العمل مسترقة الوقت للتوفيق بين أكثر من واجب. وفيما يعاني بعض الأزواج الصداع والإرهاق لمجرد كونه يوفر المال، في الوقت الذي تكون ورشة الحياة في البيت قائمة بـ»قائد واحد» ينسى أحيانا أنه «أنثى». وأوضحوا أن هناك العديد من النماذج الناجحة التي يجب ان تكون قدوة في ذلك، حيث يعرف الزوج مهامة ولا يقبل التنازل عنها، كما يعرف حق أسرته وما يتطلبه من القيام بمهام يعتبرها البعض شاقة، غير منكرين أن هناك زوجة تنطبق عليها مقولة «مجبر أخاك لا بطل»، حين تشمر عن ساعديها وتهم بإصلاح أي عطل حتى وإن كان يتطلب عضلات الرجل أو عقله. كأن تغير لمبات الكهرباء وتصلح قفل الباب، وتنقل أثاث البيت وتبرمج أعطال «الرسيفر» وجهاز «الإنترنت» وأدوات اللعب التكنولوجية التي يحتاج فك ألغازها إلى أعصاب من حديد. وأكثر من ذلك تقوم هي نفسها بمتابعة فواتير الماء والكهرباء والتلفون والغاز، وفوقهم إجراءات التسجيل في خدمة «مواقف» ليس لسيارتها وحسب بل وأيضا لزوجها. إلى ذلك، تقول حنان عياد، أم لـ3 أبناء، إنها بعد 12 سنة من الزواج لم تعد تمتلك القوة الكافية للشجار مع زوجها بسبب تقصيره في معاونتها. فهي تعمل في مجال التمريض حيث تضطر للذهاب إلى العيادة 3 مرات في الأسبوع خلال الفترة المسائية. توضح «زوجي إنسان طيب ولكن الخطأ منذ البداية أنني عودته على فعل كل شيء بنفسي. ومع الوقت بات متأكدا من أنني قادرة على تدبير أموري من غير الرجوع إليه. وعندما وصلت إلى هذه المرحلة من الإرهاق الفعلي، وجئت أطلب منه أن ينجز عني بعض المهام الأسرية كان الوقت قد تأخر لأنه لم يعد يأخذ معاناتي على محمل الجد». ومن خلال تجربتها تنصح عياد النساء المقبلات حديثا على الزواج، بأن يضعن منذ البداية نظاما عاما يرضي الطرفين حيث يتوضح فيه توزيع الواجبات. وتشرح «المؤسسة الزوجية وإن كانت بداياتها عسلا، غير أن تراكمات الحياة تغير الكثير من أفكارها وتبدل العديد من أولوياتها. لذا أنصح ابنتي عندما تكبر بألا تتنازل عن حقوقها كأنثى وبألا تتحمل ما لا طاقة لها به، لأن المرأة وإن كانت قادرة على فعل هذا وذاك اليوم، فهي سرعان ما سترفع «العشرة» وتعلن الانهيار». انطباع الأبناء الرأي نفسه تسجله فاطمة مصطفى، التي مضى على زواجها 15 سنة، أنجبت خلالها ولدا وابنتين. فهي تشجع على مسألة توضيح مفهوم الشراكة الزوجية حتى ما قبل عقد القران، على اعتبار أنه ارتباط العمر. غير أنها تتطرق إلى مسألة مهمة تتمحور حول الانطباع الذي يرسخ عند الأبناء جراء أي خلل في العلاقة يراقبونه في بيتهم من دون قصد. تقول «إذا كانت الأعراف الدينية والاجتماعية تعطي صورة واضحة عن الفرق بين دور الأم ودور الأب، فإنه من الطبيعي أن يطبق ذلك في مختلف البيوت مع التساهل في بعض الاستثناءات. لكن أن يكون التقصير من جهة الأب بدرجة عالية وبشكل مستمر من دون وجود لأي مبررات واضحة، فهذا ما لا يمكن تقبله». وتشير إلى أن الأب يجب أن يتنبه إلى الصورة التي يرسمها عن شخصيته أمام بناته وأولاده. وتضيف «البنات قد يسجلن انطباعا سيئا عن الحياة الزوجية عندما يشاهدن التعب الذي تتكبده الأم في حين أن الوالد متخاذل. كما أن الأولاد لا شك سوف يتخذون فكرة خاطئة عن دور الرجل في البيت، وبالتالي قد يقعون في متاهة المقارنة بين أبيهم وآباء أصحابهم ممن هم أكثر تواجدا ومسؤولية تجاه أسرهم». أضعاف التعب تقول سناء محي الدين، وهي مطلقة وأم لولدين، إن «طبيعة النساء تختلف وكذلك الأمر بالنسبة للرجال. وأعتقد أنه من الإجحاف تعميم القاعدة والقول إن بعض الزوجات يقمن مرغمات بأدوار مضاعفة، لأن الكثير منهن يفعلن ذلك منذ السنة الأولى للزواج. أي أن أحدا لم يجبرهن على ذلك». وتوضح أن المسألة لا تحتمل التضحية عندما يصل الوضع إلى مرحلة لا تطاق. وتضيف «هذا ما حدث معي لحظة تحولت حياتي إلى آلة تضخ طاقة للأسرة كلها ولا تتلقى أي دعم من أي نوع ولا أي كلمة شكر أو تقدير. عندها انسحبت بهدوء بعد سنوات من الضغط النفسي كاد يوصلني إلى حالات من الاكتئاب». وتعلل السبب إلى «تطنيشها» على تقصير زوجها منذ البداية بحجة أنها تريد مساعدته والتخفيف من أعبائه، حتى انقلب الأمر عليها ولم يعد يقوم بأي دور يذكر. وتروي سناء أنها كانت تقوم بنفسها بتصليح أي عطل في البيت مستعينة بالجيران من دون أن يتحرك له ساكنا. «حتى أنني أجدت استعمال أدوات النجارة والسباكة، لأني بت على قناعة بأنه لن يلبيني حتى ولو طلبت منه ذلك. وإن فعل فهو لا ينهي أي عمل يبدأه». في الإطار نفسه، تتحدث مريم محمود، التي على الرغم من كل محاولاتها في بث روح المسؤولية في زوجها إلا أنها عبثا تفعل. فهو بحسب قولها منذ زواجهما قبل 7 سنوات لا يعرف أي شيء عن متطلبات البيت واحتياجات ولديهما. وتذكر أنها في كل مرة تطلب منه العون أو مرافقتها في أداء مهمة مشتركة لصالح الأسرة، يتحجج لها بالتعب قائلا «اذهبي بمفردك فأنت قادرة على ذلك». وتوضح محمود أنها حاليا وبعدما وصلت الأمور معها إلى مرحلة لا تطاق، قررت أن تتوقف عن اتخاذ أي مبادرة للقيام بالمهام المنزلية التي تعتبر من اختصاص الرجل. وتقول «يكفــيني أنني أم عاملة، فأنا أتعب داخل البيت وخارجه وأهتم برعاية ولدي، بما يعني أنني أتعب أضعاف تعبه، ولست ملزمة بتحمل المزيد». ومع جديتها في هذا القرار تعلم ضمنيا أن النواقص في البيت ستتفاقم وأن الفواتير ستتراكم إلى حد يؤثر سلبا على استقرار الأسرة. وعلى الرغم من الأراء السابقة التي تحمل بعضها على الزوج إلا أن هناك من قال إن الزوج عندما يقوم بمهامة يتلقى النقد من زوجته،التي تتهمة بعدم الخبرة والمعرفة، وتصر أحياناً على أداء تلك المهام بنفسها، ومنهن شيرين أحمد التي اعترفت بأنها بالفعل تطب من زوجها التخلي عن مهامة وتركها لها، بحكم أنها تتعودت على ذلك قبل الزواج، حيث تعلمت الكثير من والدتها، خاصة فيما يتعلق بالشؤون المنزلية. وأشارت منى هلال إلى أن زوجها يعطيها حرية الاختيار بين القيام بمهامة أو أن تقوم هي بنفسها، موضحة أنها تتقاسمها معها بتفهم شديد. وأوضح عبد الراضي الشريف أن صعوبة عمله تشغله عن بعض مهامة الأسرية، لكن الله أكرمه بزوجة تتفهم هذا الأمر، وتشور عليه حتى في مهام عمله. وبين أنه يحاول تعويض زوجته عن ذلك، وكذلك أولاده في إجازات نهاية الأسيوع، مؤكداً أنه يساند زوجته ولا يمانع من ترتيب البيت أو تجهيز الطعام في حال إنشغالها أو مرضها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©