الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دعوة لإنشاء وكالة دولية لمنع انتشار التلوث

28 يناير 2007 23:23
نيويورك- ''الاتحاد'': هذا زمن اللهاث بين ناطحة السحاب ورغيف الخبز· الطبيعة وراءنا، وراءنا دون أن ندري أننا نمضي نحو حالة انعدام الوزن· الاحتباس الحراري يزداد توتراً· صحارى الجليد بدأت بالذوبان· قد يكون هذا القرن الأخير لدول ذات سيادة ولجزر ملأها أهلها بالخرافات والذكريات، لكن ما العمل؟ منذ الآن بدأت تطلق الدعوات من أجل استضافة لاجئي الماء المهددة أراضيهم بالغرق· ولعل اللافت هو أن هناك باحثين أميركيين يدعون الولايات المتحدة لكي تتحمل نسبة 30 في المائة من كلفة انتقال الأشخاص الذين يبحثون عن ملاذ خوفاً من الموت غرقاً، وهي النسبة التي تساهم بها في إجمال التلوث على كوكبنا· ويتساءل بعض الناس: لماذا لا تعلن الأمم المتحدة إنشاء وكالة دولية لمنع انتشار التلوث على غرار الوكالة الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية ؟، مع أن الخبراء يؤكدون أننا ماضون حتماً إلى النهاية· ويعتبر العالم الأميركي آلفن توفلر أنه بقدر ما هو النظام الكوني قديم، وشديد الدقة بقدر ما هو شديد الهشاشة· ويعتقد أنه إذا ما بقيت الفوضى البيئية على وضعها الراهن، فقد يسقط ذات يوم كوكب المريخ على الأرض بغرزة دبوس!· ما المشكلة في العودة الهادئة إلى العصر الحجري؟ توفلر الذي ينظر بعيداً إلى المستقبل، يرى أن العودة إلى هناك سيراً على الأقدام أفضل بكثير من العودة عبر ثاني أوكسيد الكربون· يستدرك ليؤكد ضرورة إعادة بناء العقل النظيف، فالمجتمعات تلهث وراء التقدم والنمو دون أي اعتبار للقيم البيئية، الناس لم يعودوا معنيين البتة بزقزقة العصافير· هذا زمن اللهاث بين ناطحة السحاب ورغيف الخبز، كما يقول الكاتب الأميركي اللاتيني اوكتافيو باث· قبل أن يكتشف الناس أن هناك شيئاً يدعى التلوث، كانت أميركا تفاخر بأنها ''مدخنة العالم''؛ لأن إنتاجها الصناعي يكاد يكون أسطورياً لدرجة أن التلوث أصبح قضية تثير أعصاب جيرانهم الكنديين الذين اشتكوا من أن المصانع القريبة من الحدود تلحق الأذى بـ 14 ألف بحيرة في بلادهم· الأميركيون ينفون أن يكون ثقب الأوزون من صنعهم، ومع ذلك فهم يتعهدون برتقه خلال السنوات العشر المقبلة بإقامة نوع من المظلة الإشعاعية المكثفة التي تؤدي إلى منع اتساع الثقب، وبالتالي تحول دون الأشعة ما فوق البنفسجية والتبعثر عشوائياً إلى حد الوصول إلى الأرض· لاجئو الماء حين تثار الآن مسألة ارتفاع درجات الحرارة، ودائماً بفعل التلوث، يفتح ملف جديد هو: لاجئو الماء·· فهناك جزر ستغرقها المياه، وربما دول أيضاً، فإلى أين يذهب سكانها؟ هذه مسؤولية مَن؟ كل أميركي يضخ في المتوسط كمية من ثاني أوكسيد الكربون تعادل خمس أضعاف ما يضخه المكسيكي و20 ضعفاً مما يضخه الهندي، لكن عدد السكان في الولايات المتحدة يشهد زيادة مستمرة بسبب فتح الأبواب أمام المهاجرين· والنتيجة المنطقية أن المشكلة ستتفاقم أكثر على نحو لا مجال البتة لمعالجته بل إن أحد أعضاء هيئة ''سييرا كلوب'' التي تعنى بقضية حماية الكوكب يحذر من ''أننا ندفع الكرة الأرضية إلى الجحيم''· هذه الهيئة تضم 750 ألف ناشط، وتدعو إلى تنظيم حملة من أجل الحد من الهجرة إلى الولايات المتحدة والتي تتعدى الـ 700 ألف شخص في العام· بالطبع، هذه الدعوة قوبلت بالرفض الشديد، أحدهم كتب في صحيفة ''يو·إس·توداي'' عن ''أولئك الذين يغتالون أميركا'' باعتبار أن أهمية الولايات المتحدة هي في كونها مفاعلاً لكل الثقافات وكل المجتمعات، ولا مجال البتة لكي تقفل أبوابها وتغدو مثل غيرها من الدول ''التي تتراكم فيها الأزمنة، وتذهب بعيداً في الترهل''· لكن هذا لا يمنع ديك شنايدر، أحد أعضاء النادي، من القول: إن استمرار تدفق المهاجرين، مع اعتبار معدل التكاثر في الولايات المتحدة، يضع البيئة العالمية أمام اختبار قاس للغاية، لافتاً إلى ''أن العديدين يعتبرون أن الدفاع عن البيئة مسألة ترف يمارسها الذين يبحثون عن الضوء أو الذين يبحثون عن الاختلاف، والحقيقة أننا أمام خطر حقيقي''· ويتساءل: ''ماذا يحدث لقطعة الحلوى حين ينقض عليها سرب من الذباب؟· والواقع أن أصواتاً أخرى ترتفع في أصقاع مختلفة، إذ يقول تيم فلانيري، مدير متحف جنوب استراليا: ''إن بلاده لا تستطيع أن تقدم الإعانات بصورة مستدامة إلا لـ 7 ملايين أو 8 ملايين شخص''، أي إلى أقل من نصف عدد السكان الذي يبلغ 19 مليون نسمة، وهذا يفرض أزمة أخلاقية إذا ما تبين أنّ على استراليا أن تستقبل مهاجرين أرغموا على مبارحة بلدانهم بسبب التغيّرات المناخية، وعلى سبيل المثال سكان جزر المحيط الهادي التي يتوقع أن تغمرها المياه· إجراءات جراحية وحسب فلانيري، فإن إنتاج هؤلاء اللاجئين من الغاز سيرتفع مائة ضعف بمجرد أن ينتقلوا إلى استراليا بالنظر للاختلاف الكبير في مستوى المياه، وهو ما يزيد في تعقيد الوضع أكثر فأكثر· أما الحل، في نظره، فيكمن في أن تبادر الدول الغنية إلى اتخاذ إجراءات جراحية للحد من الاحتباس الحراري الذي يترك انعكاساته في كل مكان· ارتفاع مستوى المحيطات لا بد أن يقذف بملايين الأشخاص إلى بلدان أخرى· وهنا يخرج عالِمان أميركيان هما: سوجاتا بيارافان، وشيلا راجان بنظرية ''براغماتية'' وهي: أن تتحمّل كل دولة عدداً من المهاجرين بنسبة ما تضخ من التلوث· وتقول شيلا راجان: إنه يفترض أن توضع قواعد لعدالة مناخية، إذ لا يجوز لمجتمعات ما أن تدفع ضريبة تقدم بلدان أخرى، فالعالم لا يمكن أن يستمر بالعشوائية الراهنة· وحسب قولها فإن الولايات المتحدة التي تستهلك كمية من الطاقة تعادل 30 في المائة من مجموع الاستهلاك العالمي، وبالتالي فهي تبعث بنسبة 30 في المائة من ثاني أوكسيد الكربون، عليها أن تستضيف مثل هذه النسبة من الأشخاص الذين فرضت عليهم الطبيعة المنفى المناخي· ويبدو أن مثل هذه الدعوة تثير حنق بعض الأميركيين، إذ تعتبر بيستي هارتمان، مديرة ''برنامج سكان وتنمية'' في جامعة هامبشير في ماسشوستس، أن تلك النظرية تدفع بالمعالجة في اتجاه آخر غير منطقي، إذ إن الدول لا تعاقب بسبب تطوّرها، وإذا كان هناك من حلّ فهو في الحدّ من الاستهلاك الزائد، نافية أن يكون الأميركي شرهاً· المسألة أنه اعتاد على نمط معيّن من الاستهلاك، وبالإمكان إقناعه بأن يكون مستهلكاً لا ''سوبر مستهلك''· ويرى روبرت نيكولز، الأستاذ في جامعة ساوثمبتون البريطانية، أن العدد السنوي للأشخاص الذي يمكن أن تدفعهم مياه المحيطات إلى خارج ديارهم بين عامي 2020 و،2100 سيتراوح بين 100 ألف و100 مليون· الأكثر تضرراً ستكون السواحل ذات الكثافة الديموغرافية العالية على سواحل آسيا وأفريقيا· والمهاجرون المحتملون من هذه المناطق يبلغون نحو 80 في المائة من عدد الأشخاص الذين ستطاردهم المياه· لا مجال للانتظار، والعلماء يحثون على إجلاء مئات آلاف السكان من منطقة الكاريبي والمحيط الهندي منذ الآن دون انتظار الكارثة وهي تحبُ، فالمسألة تتطلب مستوى عالياً من المسؤولية ''إلا إذا كان علينا أن نتمتع بمرأى الناس وهم يغرقون''، حسبما قال سوجاتا بيرافان· ·· لكن ماذا لو رفض الأشخاص المهددون بالغرق الانتقال إلى دول متقدمة خوفاً من ذوبان هوياتهم، إذ إن أرقام الكوارث تشير إلى أن الأكثرية تميل إلى الانتقال إلى بلدان مجاورة للحفاظ على الشخصية الثقافية· ''أورينت برس''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©