الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صناعة القدوة في تدهور

13 مارس 2009 00:41
يبدو أنه ليس في الوطن العربي من نهج واضح لصناعة القدوة فهي إما استدعاء لشخصيات تاريخية غائبة، أو استنساخ لنماذج غربية غريبة عن خصوصية المنطقة· ومنذ عقود غابت عن الساحة العربية الشخصية القدوة ذات الشعبية الجارفة رغم أنها حققت طفرات تقدمية· وتكشف الحفريات النفسية للعقل العربي أنها لم تستفز إلا من خلال رافعة بشرية تتمثل بـ''الرجل المرحلة''· ولحقبات طويلة بقيت القدوة مرهونة بقالب السياسي أو رجل الدين حتى خطف نموذج المليونير والنجم الفنان الأضواء؛ فولدت القدوة من رحم الثروة· واتصفت بمعايير انتزعت صبغتها الأساسية من نجاحاتهم على صعيد الأعمال ما يثير جدلية تعريف القائد ورصد صفاته· ويمكن التسليم بأن المال يسرع تحقيق النتائج ويحدث الفروق، لكن ثمة إجحافاً واضحاً في ''اختزال'' صفات الأهلية لاستحقاق لقب القدوة بامتلاك المال فالالتزام بالعمل الجاد، ورصد الفرص واغتنامها، والمبادرة، والقدرة على إدارة الآخرين سمات أساسية لابد من توفرها في القيادي· واللافت، أن مقاييس الشخصية القدوة اختلفت حتى طغى عليها معيار حصاد النجاح في مجالات منها الرياضة والفن، لتبتعد أكثر عن القدرة على إحداث التغيير على مستوى المجتمع كالسابق· ورغم تغير مواصفات القدوة ظلت النظرة إليها ثابتة، فاتخاذ شخص ما قدوة له يرتبط بمدى مطابقة أقواله لأفعاله وسلوكياته في الحياة تصديقاً لقول الإمام ابن القيم ''علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم ويصدون عنها بأفعالهم''· وشاعت في الغرب مدارس فكرية تروج لإلغاء القدوة وتدعو لانفراد كل شخص بتكوين نموذج خاص به من خلال التجربة والخطأ، فيما أرى أن الفطرة البشرية تبحث عن القدوة لاسيما في مرحلة المراهقة· فالبحث عنها حاجة غريزية يغذيها ما طبع عليه الإنسان من التأثير والتأثر، إضافة إلى الاستعداد النفسي للتقليد· واستناداً إلى دراسات سيكولوجية فالنفس البشرية تبحث عن نموذج تتعلق به لتخفف من ''أزمات المرحلة''؛ فغياب القدوة دفع مراهقين للنماذج الغربية لنسج شخصيتهم والنتيجة ''شخصية موزاييك'' تأخذ من النماذج التي تستهويها صفة من هنا وأخرى من هناك· ليلى خليفة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©