الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

نقاد سينمائيون يقرأون واقع المهرجانات السينمائية العربية ومنجزاتها

نقاد سينمائيون يقرأون واقع المهرجانات السينمائية العربية ومنجزاتها
15 أكتوبر 2011 01:15
(أبوظبي) - لا تزال القناعة راسخة بأهمية حضور نقاد السينما والإعلاميين إلى المهرجانات السينمائية التي تنعقد في كل العالم، كونهم المجس والوتر الذي تقاس عليه مديات النجاح التي يصل إليها المهرجان نفسه. النقَّاد بوصلة الإبداع وروح الفعاليات، ولذا كان من الضروري في أي مهرجان سينمائي أن يقام لهم جانب من الاحتفالية، يعبرون فيه عن آرائهم ويحللون فيه النصوص السينمائية التي قدمت وما تحمله من جدّة واكتشافات في هذا الحقل، ولكن كما يبدو أن حظ النقاد السينمائيين في مهرجان أبوظبي السينمائي بدا قليلاً وعليه صار من الممكن لجريدة “الاتحاد” أن تقرأ ماذا يقول النقاد ازاء سؤال محدد حاولنا أن نستقرئ فيه آراء نخبة من النقاد المبدعين وبصراحة وبكل وضوح وبذلك نحاول تقريب وجهة نظرهم إلى القارئ وكيف ينظرون إلى واقع السينما العربية وإلى ما يحققه مهرجان أبوظبي السينمائي من طموحات. وذلك عبر سؤال يتلخص بمستوى المدى الذي يمكن لنا فيه أن نرصد المتغيرات في واقع المهرجان السينمائي، وماذا يمكن أن يضيف مهرجان أبوظبي السينمائي؟ منافسة عالمية التقت “الاتحاد” السينمائي الإماراتي عبدالله الرمسي، حيث يقول جواباً على سؤالنا “تعكس المهرجانات بما تقدمه من برامج وأفلام وعروض؛ المستوى الذي وصل إليه فيما نقدمه من إثراء وجدة في المهرجان حيث يحسب له. وكوني لم أحتك بمهرجانات غير محلية، فلا أملك الحق بالحكم إلا على مهرجانات محددة وما يشكله التنافس الملحوظ في عرض الأفضل في المنطقة. ولا يقاس عمر المهرجان بكونه الأفضل غالباً وهذا من أثبتته ردود الشارع اليوم، فعمر مهرجاناتنا المحلية لا يتعدى الست أو السبع سنوات، ومع ذلك ينافس مهرجانات عالمية لها باع في هذا المجال وبشهادة عالمية. ومهرجان أبوظبي السينمائي يخوض منافسة حامية مع مهرجانات محلية وإقليمية تضعه في خانة اللاعودة إلى الوراء، فكل ما يقدمه الآن من مستوى وجودة يمنينا بما هو أفضل كل سنة. وهذا هو ملحوظ هذه السنة، فالتغير دائماً أفضل والتجديد سمة الحياة”. غربلة المعروض من جانب آخر يقول الناقد السينمائي مصطفى المسناوي عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة “تمثل المهرجانات السينمائية فرصة لمتابعة مستجدات الإبداع السينمائي على نحو منتظم؛ إضافة إلى ما تتيحه من إمكانيات اللقاء والتعارف بين مجموع العاملين في المجال والمهتمين به، وإذا كان السينمائيون يحضرون المهرجانات من أجل عرض أفلامهم والتعريف بها، مع ما يرافق ذلك من بحث عن موزعين، أو عن إمكانات إنتاجية جديدة؛ فإن حضور الناقد يأخذ بعداً آخر يتمثل في المساعدة على رصد التحولات الجمالية وغربلة المعروض من الأفلام في أفق التميز بين الجيد والمتوسط، وحتى الرديء، إن وجد، ذلك أنه رغم حرص لجان المشاهدة في كل المهرجانات على اختيار الأجود من بين المقترح عليه من أفلام، فإنه قد يحصل أن تتسرب بعض الإنتاجات التي لا تتوفر على القدر المطلوب من الجودة؛ وهذا شيء طبيعي تماماً بحكم أن مجال الجمال تسوده أحكام قيمة، وهي ذاتية بالضرورة، يصعب أن يتحقق حولها الإجماع”. الحراك الابداعي ويتابع المسناوي “في هذا السياق ينبغي الاعتراف بأن مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي، ورغم أن عمره لا يتجاوز خمس سنوات، فإنه استطاع أن يخلق نفساً إبداعياً متميزاً، لا في ساحة المهرجانات العربية فحسب، بل وفي المشهد السينمائي والعربي ككل”. وقال “هُناك أولاً، اختيارات جيدة للأفلام المعروضة، بأقسامها المختلفة (الروائي الطويل، الوثائقي، القصير)، وفي جوانبها الثلاثة: الدولي والعربي والإماراتي، ومسابقاتها المختلفة؛ ثم هناك، ثانياً، هذا الدعم الذي يتم تقديمه لمشاريع الأفلام قيد التطوير، وفي مراحل إنتاجها الأخيرة (عن طريق برنامج “سند”)؛ إضافة إلى امكانات اللقاء والتلاقح التي يفتحها بين العاملين في مجال السينما على المستوى المحلي أو على مستوى المنطقة العربية من جهة، وبين العاملين في المجال على المستوى الدولي. وربما كان أهم ما يتميز به المهرجان على مستوى الخليج هو قدرته على خلق نوع من الحراك الإبداعي السينمائي في المنطقة، يعبِّر عن الخصوبة الثقافية المحلية ويحدد الصلة بالموروث الابداعي والفني الضارب في القدم؛ بقدر ما يواكب عملية التحديث المتسارع الذي تعرفه المنطقة على مستوى البنيات التحتية بالخصوص، وهل هُناك أقدر من السينما على مواكبة عملية التحديث هذه وتحويلها إلى مكسب اجتماعي ثقافي راسخ؟ المبادرات الخلاقة يعقب الناقد الإعلامي السوري باسل العودات، فيقول “لا شك أن التجديد والمبادرات الخلاقة واحدة من أهم العناصر التي تساهم في نجاح أي نشاط فني أو ثقافي، خاصة المتعلق بالسينما، التي هي بالأساس حاضناً للإبداع الخلاّق”. ويضيف: “يحسب لمهرجان أبوظبي السينمائي مبادراته، وهو أمر ملموس، دورة بعد أخرى.. وفي أهمها طبعاً المتعلقة بالأفلام ذاتها، والتي تضع غيره في المهرجانات في موقع المخرج، في البحث عن أفلام غير تلك التي استقطبها هذا المهرجان واستأثر بها، يلاحظ أن الشغل الشاغل للقائمين على المهرجان كان البحث عن الفيلم الأفضل، متجاوزين المحاصصة والمناطقية واللغوية، وتثبت التشكيلة الهامة من أفلام هذه الدورة على نجاح مساعيهم”. صناعة محلية من جانبه يقول الناقد والإعلامي العراقي عبدالعليم البناء متطرقاً إلى المتغيرات في السينما العربية ومهرجاناتها “إن أبرز المتغيرات التي يمكن أن يلحظها المعنيون بالسينما أن دولة الإمارات العربية المتحدة استطاعت أن تشكل رقماً مهماً من خلال المهرجانات السينمائية التي انبثقت على أديمها لتقدم وجهاً آخر من نهوضها الكبير في مختلف المجالات بما بات يحقق استقطاباً كبيراً ومهماً لأبرز نجوم السينما العربية والعالمية بما فيهم صناع السينما هنا أو هُناك من أرجاء المعمورة.. فضلاً عن تكريس هذا الحضور في المشهد السينمائي عبر خطوات عملية مهمة بدأت تحقق بواكير حضور لصناعة محلية سينمائية مهمة من الممكن أن نلحظها عبر عدة تجارب عملية انتجت أفلاماً إماراتية يمكن أن تتنبأ بمستقبل مضمون لهذه السينما الواعدة”. الإبداع والحضور يضيف البناء: “وفي هذا السياق يبرز اسم مهرجان أبوظبي السينمائي ليمثل الانطلاقة الحقيقية للمهرجانات السينمائية الجديدة من خلال الأعراف والتقاليد والبرامج والفعاليات التي اعتمدها خلال دوراته الخمس الأمر الذي جعلته يقف في مصاف المهرجانات السينمائية العالمية العريقة التي شهدتها المنطقة العربية أو العالم أجمع.. وبهذا أصبح منصة عالمية للسينما واستقطب أهم وأبرز الأفلام والتجارب والنجوم العرب والعالميين فضلاً عن البرامج والفعاليات والأنشطة الأساسية والمصاحبة. كما أن هذا المهرجان ومن خلال صندوق “سند” استطاع أن يوفِّر الفرصة لاحتضان ودعم التجارب السينمائية من خلال تقديم الدعم السينمائي الذي يوفر الفرصة لإنجاز أعمال سينمائية تدخل مجال المنافسة وتسجل إضافة في عالم الفن السابع لسينمائيين من المنطقة والعالم، وعبر تعاون المهرجان مع منظمات أخرى مثل أكاديمية نيويورك ولجنة أبوظبي للأفلام وغيرهما استطاع أن يحقق أرضية صالحة لمزيد من الإبداع والحضور والانجاز السينمائي المتميز والفاعل”. واختتم قوله إن مهرجان أبوظبي السينمائي الذي تقيمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث شكل إضافة نوعية جريئة ومستندة على أسس علمية وإبداعية صحيحة بحيث بات واحة الإبداع الأساسية في المنطقة في مجال الفن السابع الذي يكرس لغة الحب والسلام والجمال والتسامح وخلق فرص أفضل لسينمائيي المنطقة والعالم وتلاقح التجارب المحلية والعربية والدولية التي لا غنى عنها في عالم اليوم. أمتع المهرجان أما الناقدة اللبنانية فيكي حبيب والتي نقرأ متابعاتها في جريدة الحياة، فقد قدمت آراءً صريحة بقولها “على رغم أن مهرجان أبوظبي السينمائي يعد أحد أمتع المهرجان العربية في المنطقة إلا أنه مؤمل له أن ينجح في إيجاد معادلة خاصة توازن بين الطابع الاحتفالي والسينما الجميلة”. وأضافت: والملاحظ في ما يخصّ البرمجة أنه ورغم توفر هذه الدورة على أعداد كبيرة في الأفلام السينمائية التي ذاع صيتها في حول العالم بعدما عرضت في مهرجانات مثل تورونتو وكان وبرلين، إلا أنها لم تتضمن أعداداً كبيرة في الأفلام في عرضها الأول”. وقالت “أما مهرجان أبوظبي فيبدو أنه اختار عدم المخاطرة، رغم جوائزه الكبيرة التي من شأنها أن تجذب صناع الأفلام”. الوعي العربي تطرق الإعلامي والكاتب محمد الحمامصي إلى تأثير الوضع العربي وما تجري فيه من أحداث على واقع المهرجانات السينمائية العربية وعن تصوره لطموح مهرجان أبوظبي السينمائي بقوله: ينتظر أن يشكل الوعي العربي الثائر والمستيقظ الآن مطالباًَ بالعدالة والحرية وحق التعبير، تأثيراً كبيراً على كل من صناعة السينما ومهرجاناتها عربياً، وذلك لدفع نحو أفق أفضل فكرياً وثقافياً وفنياً وجمالياً للسينما ومعالجاتها وأدواتها وأداءاتها”. وقال “فلمواطن العربي الآن لن يتقبل تلك الصناعة التجارية التي كانت تقوم على مجرد الترفيه والتسلية الخاليين من المعنى الموضوعي والفني والجمالي، حيث أنارت الثورات كثيراً من أفكاره ورؤاه حول مستقبله وما يأمل أن تقدمه له السينما بشأنه، كل هذا طبعاً سوف ينعكس على المهرجانات السينمائية العربية ودورها، وربما نرى ذلك متجلياً هذا العام في مهرجان أبوظبي السينمائي، حيث جاءت اختياراته للأفلام منسجمة مع تجليات هذه المتغيرات، فضلاً عن كونه ضرورة لصناعة سينما عربية واعية من خلال صندوق “سند” ومنحه شاشة إن تأمل المشاريع السينمائية التي يتبنى أبوظبي السينمائي دعمها ومساندتها يلحظ دعماً للأفكار والرؤى والموضوعات التي من شأنها أن تساند الوعي العربي الثائر والمستيقظ الآن ضد القمع والفساد وما شابه”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©