الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استراتيجية لمجابهة التطرف

1 يناير 2011 00:16
ما زال الكثيرون منا مشدوهين من الأخبار الغربية حول اعتقال محمد عثمان محمود، الشاب الأميركي الصومالي المولد البالغ من العمر 19 سنة، الذي اعتُقِل يوم 29 نوفمبر 2010 لمحاولته تفجير حفل إشعال أنوار شجرة عيد الميلاد في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون. وإذا وضعنا جانباً الأسئلة المتعلّقة بطبيعة دور مشاركة مكتب التحقيقات الفيدرالية في هذه القضية، فإنه رغم مئات الملايين من الدولارات التي أنفِقَت على برامج محاربة التطرّف في الولايات المتحدة وأوروبا والدول ذات الغالبية الإسلامية حول العالم، يبدو أن الشباب الأميركي الذي تأقلم بصورة جيدة، مستعد مرة أخرى للقيام بأعمال عنف رهيبة. وإذا أريد لإستراتيجيات ردع العنف والتطرف أن تكون فاعلة يتوجب علينا إلقاء نظرة حادة على بعض نقاط القوة والضعف فيها. في الوقت الذي خبت فيه أصوات ابن لادن والظواهري فإن هذا التيار الجديد من الشباب المعرّض للخطر أصبحت تلهمه أفكار عقائديين من أمثال أنور العولقي. ورغم أعدادهم الضئيلة وانعدام وجود أتباع لهم في التيار الرئيس فإن متطرفين من أمثال العولقي يؤثّرون وبشكل غير متناسب على طروحات العلاقات بين المسلمين والغرب لأن أعمال العنف التي يقومون بها تحوز على معظم عناوين الصحف وتوفّر ذخيرة للاستغلاليين السياسيين المصمّمين على تعقيد العلاقات بين العالمين الغربي والمسلم بطريقة أسوأ. ضمن جهود لمحاربة تأثير العقائديين المتطرفين، قام كادر بأكمله من القادة المسلمين حول العالم بحملات نشطة لإخراج "الإسلام" من "الإرهاب الإسلامي". وهم يهدفون إلى التوضيح أن أعمال عنف كهذه ليست فقط كريهة بغيضة وإنما تشكل انتهاكات واضحة للمبادئ والقوانين الإسلامية. تجمّع عدد من علماء المسلمين، على سبيل المثال، في فترة مبكرة من عام 2010 في ماردين بتركيا لدحض فتوى لرجل دين من القرن الرابع عشر، تنادي بالعنف ضد الحكام غير المسلمين. وقد استُخدِمَت هذه الفتوى بشكل متكرر كتبرير من جانب المتطرفين. وبالمثل، وفي فترة مبكّرة من العام الماضي أصدر العالم محمد طاهر القادري فتوى من 600 صفحة تدين "الإرهاب". ويأمل علماء مثل القادري، معتمدين على مصادر ومنهجيات تقليدية كسر هيمنة واحتكار الأيديولوجيات العنفية التي سلّطها أتباعها على طروحات العلاقات بين العالمين الإسلامي والغربي. أعمال العنف التي ترتكبها مجموعات كـ"القاعدة" وأنصارها هي أعمال سياسية من جذورها ولكنها ملفوفة بعقيدة دينية. والشباب المسلم اليوم غاضب، على سبيل المثال، من ضربات الطائرات من دون طيار سيئة التوجيه في باكستان التي تؤدي إلى قتل الأبرياء من النساء والأطفال، والظلم الذي يبدو أنه لن ينتهي للفلسطينيين. لقد كانت كل من أفغانستان والصومال، وهي أماكن ساخنة بسبب الإرهاب، دولاً فاشلة منذ جيلين من الزمان. ولم يعرف الشباب في هاتين الدولتين سوى الاقتتال الاجتماعي والحرب والوعود الفاشلة من جانب المجتمع الدولي. وهذه الأحوال الفجّة هي التي تولّد التطرف. رغم ذلك فإن برامج مجابهة الأصولية تبتعد بخجل أحياناً عن الحوارات السياسية الصعبة والمباشِرة، وتؤكد بشكل زائد، بدلاً من ذلك، على مواضيع مثل الإرث متعدد الثقافات في قرطبة بإسبانيا والتعاليم الروحية الداخلية لعلماء الصوفيين والإنجازات العلمية للعالم الإسلامي في العصور الوسطى. يتوجّب على الزعماء المسلمين وحلفائهم في الحكومة والمجتمع المدني أن ينتقلوا إلى ما وراء مجرد رعاية مثال "المسلم المصالح" وتشجيع أعمال المواطَنة مثل أعمال الخير والخدمات المجتمعية. عليهم أن يدركوا أن قصص التعذيب بالماء والصور من سجن أبو غريب سوف يكون لها تأثير أعمق بكثير على تشكيل وجهات النظر السياسية للشباب المسلم مقارنة بكلمات أوباما المنمّقة عن السلام أو إعلانات عبر الديانات التي يلقيها رجال الدين المسلمين. إذا كان يُتوقَّع من الزعماء المسلمين إرشاد الشباب ضمن قضية دينية ضد العنف والتطرف، يجب تشجيعهم كذلك على قول الحقيقة ضد قضايا الظلم السياسي، وهي عوامل دفع حقيقية تذكي نار التطرف. من خلال تجاهل هذا النداء لا يُنظَر إلى بعض ساسة المسلمين وحلفائهم من قبل جمهورهم المستهدَف كمجرد لعب في أيدي الحكومات الغربية فحسب، وإنما يضمن ذلك أن تُدفَع هذه الجماهير المهمّشة إلى عالم التطرّف المظلم من خلال شبكة مواقع الإنترنت وسواعد أشخاص مثل العولقي. عباس بارزغار أستاذ مساعد بدائرة الدراسات الدينية بجامعة ولاية جورجيا ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©