الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الدبّاب» يقدم حلاً سحرياً لزحام مكة في موسم الحج

«الدبّاب» يقدم حلاً سحرياً لزحام مكة في موسم الحج
10 أكتوبر 2013 21:07
إذا ما كنت في طريقك إلى الحرم، تأكد أنك ستصل إلى نقطة لا يمكنك المرور بعدها بالسيارة التي تستقلها؛ شيء واحد بإمكانه العبور من هذه النقطة، والدخول إلى مشارف الحرم وأبواب المسجد الحرام، والتجول في المناطق المزدحمة، وقيادتك لتطوف البقاع الطاهرة في زمن قياسي، لتتعبد أو لتشتري.. إنه «الدبّاب»، وهو الاسم، الذي يطلقه أهل مكة المكرمة على الدراجة البخارية، وقد بات من معالم الديار المقدسة، وبالرغم من أن البعض يرونه مظهراً غير حضاري، إلا أن الكثيرين، يرونه حلاً سحرياً للتنقل في ربوع مكة خاصة أيام الزحام مع أداء مناسك الحج، غير أن للأمر كلفته الباهظة التي تصل إلى خمسة آلاف ريال لاستئجار «دبّاب» يرافقك في المشاعر كلها. اختصار الوقت والجهد بإمكان «الدباب» اختصار الكثير من الوقت والجهد، إذ يقوده عشرات الشباب في أواخر العقد الثاني من العمر، من مختلف الجنسيات، يقفون على جانبي الطريق، وجميعهم ينادون «حرم حرم»، ويطلبون ما يريدون، وهم يعلمون مسبقاً أن طلباتهم مجابة، ولأنه بات من معالم أرض البيت الحرام، فقد أصبحت السلطات السعودية تمنحه تراخيص للعمل. ?لكن الجدل حول الدباب ليس خاصاً بأسعاره ولا بمظهره، لكنه امتد إلى ساحة الفتاوى الشرعية، فزوار بيت الله الحرام يتناقلون قصصاً عن شباب يعملون على «الدباب» ويقضون مناسك الحج كلها في ساعات قليلة، مثل قصة الشاب وليد، الذي يصعد إلى عرفات في العاشرة ليلا على متن دراجة نارية من المكرمة مباشرة من دون أن يقف في عرفة صباحا حيث كان مشغولا بعمله في مشعر منى.?ويصعد وليد إلى عرفات في العاشرة ليلا، ويمكث هناك خمس دقائق على ظهر الدباب فقط، ثم ينفر إلى مزدلفة وقد انتصف الليل فيلتقط بعض الحصى في بضع دقائق، ويتجه بعدها إلى جمرة العقبة الكبرى فيرميها بسبع، ويذهب مباشرة للحرم المكي الشريف ليطوف ويسعى ويتحلل التحلل الأكبر، ويكون قد أنهى حجه في الثانية ليلا. أصدقاء وليد كما تروي الحكايات هنا، يتعجبون من طريقة حجه، بينما يؤكد أن حجه صحيح خصوصا وهو يعمل في الحج، ولا يريد تضييع الفرصة بعد أن حج قبل سنوات حجة الفريضة، وهو يريد أن يكرر الحج كسبا للأجر والمثوبة.? كما يؤكد وليد أنه حصل على فتوى شرعية تبيح له هذا الفعل، وهو يملك الرخصة الشرعية فهو عامل ومشغول ولا يستطيع الذهاب نهارا إلى عرفات. ويؤكد أنه سيشعر بالحزن إذا فاته الحج وهو يرى ملايين المسلمين تتوجه إلى المشاعر المقدسة من أصقاع العالم، بينما هو موجود في المشاعر وقد جاء إليها من منطقة الرياض ليعمل ولا يستطيع الحج، لذلك فإنه يستعين بهذه الرخصة لأداء الحج. تجربة «أبوشيخة» من أهل مكة، هناك نواف، والذي يشير إلى أنه يؤدي الحج سنويا بالطريقة نفسها حيث يصعد إلى عرفات ليلا، ويمكث بضع دقائق، ومن ثم إلى مزدلفة، وبعدها للحرم، وهو يشعر بالارتياح كونه يؤدي الحج عن بعض أقاربه المتوفين الذين لا يستطيعون الحج. ويستدل بشرعية هذا الحج من خلال ما تفعله وزارة الصحة عندما يصعد بعض المرضى الذين يكونون في حالات حرجة بسيارات الإسعاف لعرفات ليلا، ثم تنقلهم إلى المزدلفة بعدها، وهي تفعل ذلك آخذة بالرخصة الشرعية للمرضى والعاملين في الحج، مؤكدا عدم معرفة الكثيرين بهذه الرخصة الشرعية بل ينكرون على من يحج بهذه الطريقة، معتقدين أنهم بهذه الطريقة يتلاعبون بالحج.? ووصف هذا النوع من الحج بأنه «سهل وميسر وبعيد عن مزاحمة الناس» لمن لا يستطيعون الصعود إلى عرفات نهارا بسبب عمل أو مرض أو ظرف طارئ، مشيرا إلى أن الكثير من العاملين في الحج أو من أهالي مكة ممن لديهم ظرف أو عذر يقدمون على الحج بالطريقة ذاتها آخذين بالرخصة الشرعية.?ومن العاملين في المهنة، التقت «الاتحاد» نور كالو، الشهير بـ«أبو شيخة»، الذي يمتلك دباباً، ويعمل مع بعثة الحج الرسمية لدولة الإمارات، ضمن 25 فرداً آخرين، يضعون دراجاتهم في خدمة البعثة في أيام الزحام الصعبة. ويؤكد «أبوشيخة» أن الدباب في مكة هو «صديقك الثاني». ويوضح «أنت معه لا تحتاج إلى أحد، تذهب إلى المشاعر في كل سهولة، ويقدم لك الدباب خدمة عالمية ممتازة»، مشيراً إلى أن هناك 25 دباباً مخصصة لبعثة الإمارات الرسمية، يقوم كل منها يومياً بعشر رحلات تقريباً، وتتدخل عند الحاجة لإنجاز الأمور العاجلة. وعن عدد الدراجات البخارية العاملة في مكة، قال كالو: في مكة بشكل عام لا يمكن حصرها وتزيد ربما على ألفي «دباب»، منها ما هو مصرح له ومنها ما لم يحصل على تصريح، ومن الممكن التعاقد مع دبّاب مرخص ليظل مع الحاج طوال أيام المشاعر أما لو كان غير نظامي فهو مخالف. تكلفة الاستخدام عن أسعار تأجير الدباب، يقول كالو إنه بحسب الاتفاق مع السائق، فلو لم يكن الحاج متعاقداً مع دباب مصرح له بالعمل، يتراوح السعر من 500 إلى 1500 ريال، أما لو كان متعاقداً، فيمكن أن يصل المبلغ إلى 5 آلاف ريال يدفعها الحاج للدباب ليبقى معه طوال أيام المشاعر، رهن تصرفه لمدة 24 ساعة يومياً. وعن إمكانية أداء المناسك في زمن قياسي على ظهر الدباب يقر «أبوشيخة» بذلك، ويؤكد أنه بالإمكان أداء المناسك كلها في ثلاث ساعات على الأكثر، فالدباب يحملك من الحرم إلى منى، ومنها إلى عرفات، ثم إلى المزدلفة، ومنها إلى الحرم مرة أخرى لأداء طواف الإفاضة والسعي، وبعدها يتحلل الحاج التحلل الأكبر. كما يؤكد كالو أن «الدباب» طغى على سيارات الأجرة في هذه الأيام، لسهولة تنقله في الأماكن الضيقة وسط الزحام، فقد تحتاج عشر ساعات بالسيارة للوصول إلى مكان قريب، ربما تعجز عن الوصول إليه، أما مع الدباب فدقائق قد تكفي. وتبلغ تكلفة شراء «دباب» جديد مع إجراءات ترخيصه نحو 5 آلاف ريال، وهو المبلغ ذاته، الذي قد يدفعه حاج لاستئجار دباب في أيام المناسك، ولم يعد عمل الدباب قاصراً على موسم الحج على حد تأكيد كالو، فهو يعمل أيضاً في أيام العمرة، وفي أيام الجمعة، وتأجيره في الأوقات العادية يكلفك من 50 إلى 200 ريال، حسب القدرة على التفاوض مع قائد الدباب، وحسب المسافة التي ستقطعها في شوارع مكة المكرمة. ويؤكد كالو أن الدباب أصبح مصدراً للدخل لدى الكثيرين، خاصة إذا كان مرخصاً، حيث لا يعاني صاحبه من الملاحقات المرورية والشرطية، وهو ملكية فردية، وبدأ الرواج في شوارع مكة منذ سنوات بسيطة، من دون أن يعرف أحد من الذي بدأ العمل عليه بالضبط، لكن كالو يدعو لمن ألهمهم الفكرة، ولمن أراد في لحظة ضيق أن يتكسب بضعة ريالات، فأسس لمهنة آخذة في الرواج، تمنح صاحبها في المواسم قرابة 15 ألف ريال شهرياً. ويقر كالو بوقوع بعض الحوادث لمن لا يجيدون استخدام الدباب، مثل الحرق في القدم أو السقوط من خلف السائق، غير أنها تظل حوادث بسيطة وليست شائعة. حج جائز لكن بعذر نشرت صحيفة «عكاظ»، في السادس من نوفمبر عام 2011، تعليقاً لعضو هيئة كبار العلماء عضو المجلس الأعلى للقضاء الدكتور علي بن عباس الحكمي على الحكم الشرعي لهذا النوع من الحج، قال فيه «هذا الحج جائز ولا شيء فيه لمن يعمل أو لديه ظرف صحي أو تأخر عن الصعود لعرفة نهارا». ?لكن الحكمي استدرك قائلا: «لا يجوز التعمد والتأخر ومن صعد لعرفة نهارا عليه الانتظار حتى غروب الشمس، ومن يصعد ليلا فيكفيه بضع دقائق»، مؤكدا أن أجر من يحج بهذه الطريقة هو أجر من يحج نهارا إذا كان يملك العذر. واستدل الحكمي على ذلك عندما جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو في مزدلفة واسمه عروة من قبيلة طيئ فقال له «جئتك من مكان بعيد وصعدت جبالا ونزلت وديانا ووصلت متأخرا»، فأذن له الرسول الصعود لعرفة ليلا، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه».
المصدر: مكة المكرمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©