الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فريضة الحج مؤتمر سنوي لتوحيد الأمة

فريضة الحج مؤتمر سنوي لتوحيد الأمة
10 أكتوبر 2013 21:14
وحدة الأمة هدف كل من يريد الحق ووجه الله تعالى، ونحن نعيش أيام الحج المباركة ونعيش فرصة سنوية متجددة قد لا تتاح لأي أمة سوانا، فالحج مؤتمر عام يجمع المسلمين في مكان واحد بتوقيت واحد فيربيهم ويغرس في نفوسهم أن المسلمين أمة واحدة مهما تعددت أفكارهم، طالما لم يخرجوا عن الأصل الشرعي، ووحدة الأمة تجلب منافع عدة اجتماعية واقتصادية، ورغم أنها منافع دنيوية فإننا نحتاج إليها. ويقول الدكتور زكي عثمان، أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن القرآن الكريم أوضح لنا أن الحج كله منافع منها الظاهرة ومنها الباطنة، حيث يقول رب العباد تبارك وتعالي: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِع لهم)، موضحاً أن الإسلام ليس دين عبادات وطقوس لتهذيب الضمير وتطهير الوجدان فقط، إنما هو دين معاملات ومنهج أخلاقي أيضا، وأن الحج فرصة طيبة لعقد المؤتمرات والندوات والحلقات لدراسة مشكلات المسلمين الاقتصادية ولا سيما مشكلة التكامل والتنسيق الاقتصادي بين الدول الإسلامية. طهارة النفس ويضيف: إن الحج إلى بيت الله الحرام نعمة من نعم الله تعالي على المسلم، وذلك أن المسلم يعود من الحج وقد محا الله عنه السيئات ومنحه الحسنات فيعود مولوداً جديداً كيوم ولدته أمه، وهذا ما نبه إليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه»، أي أن المسلم يعود بغير ذنب، وقال عليه الصلاة والسلام: «الحجاج والعمار وفد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه، غفر لهم». فالحج إذاً يطهر النفس ويعيدها إلى الصفاء والإخلاص، مما يؤدي إلى تجديد الحياة، ورفع معنويات الإنسان، وتقوية الأمل، وحسن الظن بالله تعالى. والحج يقوي الإيمان ويعين على تجديد العهد مع الله تعالي ويساعد على التوبة الخالصة الصدوق ويهذب النفس ويرقق المشاعر ويهيج العواطف. والحج يذكر المؤمن بماضي الإسلام التليد، وبجهاد النبي صلي الله عليه وسلم والسلف الصالح الذين أناروا الدنيا بالعمل الصالح. إرضاء الله أما الشيخ شوقي عبد اللطيف، وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق، فيقول: إن الحج يعد معلماً من معالم وحدة الأمة الإسلامية ومظهراً من مظاهر ترابطها وتكاتفها وتآلفها، وذلك من حيث الزمان والمكان والغاية والهدف، ومن حيث المنهج، ومن حيث مصدر التلقي، حيث يؤدي الحج إلى تعارف أبناء الأمة على اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأوطانهم وإمكان تبادل المنافع الاقتصادية بينهم والمذاكرة في شؤون المسلمين العامة وتعاونهم صفاً واحداً أمام أعدائهم وغير ذلك مما يدخل في قوله تعالى: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير). معالم كبرى ويضيف الشيخ عبد اللطيف: والحج هو أعظم تجمع بشري فلا بد من إيضاح المعالم الكبرى للدعوة والتي يتم عليها التقاء البشر جميعاً لما لها من أهمية خالصة، فالمسلمون منهجهم واحد يتوحدون عليه ويعملون به، وذلك لأنهم من دون هذا المنهج لا حج لهم مبرور ولا ذنب لهم مغفور، كما أنهم يلتقون حول قيادة واحدة يأخذون عنها مناسكهم ويتلقون منها تعليماتهم وقيادة المسلمين، التي لم يختلف عليها اثنان، هو سيد الخلق وحبيب الرب سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم، وهكذا فإننا ينبغي أن نأخذ من الحج دروساً لا تنسى، نجعلها محل تطبيق في حياتنا ومجتمعاتنا ودولنا وعالمنا الإسلامي كله، ومن أهم تلك الدروس أن نطبق الآية الكريمة التي قال فيها الله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون* واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرةٍ من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون* ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون). ويشير الدكتور حسن الشافعي، أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة ورئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، أن أيام الحج أيام «تدريب» لمن اجتمع هناك من المسلمين على كيف يعيشون في سلام قلوبهم طاهرة ونفوسهم صافية، فإذا حقق المسلمون ذلك أيام الحج تبين لهم أن لُحمة الإسلام أقوى من أي لحمة، ووقتها يتأكدون أن ما يربطهم أقوي مما يشتتهم، وأن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، فيعود الحاج حين يعود إلى بلاده وهو أشد حباً لإخوانه المسلمين، وأكثر إيماناً بأن كل مظاهر الفرقة بين المسلمين مظاهر سطحية، وأسبابها واهية، وأنها لا بد إلى زوال. تبادل المنافع وأضاف: الحج أيضاً فرصة جامعة حيث يحتشد إليه المسلمون من كل بقاع الأرض، ومن ضمنهم الرؤساء والعلماء والفقهاء وأصحاب الرأي والعلم، فإذا كان الحج فرصة لعامة الناس للتعارف والتواد وتبادل المنافع، فإنه فرصة لقادة المسلمين والعلماء والفقهاء وأصحاب الرأي للاجتماع وتدارس مشكلات الأمة وما يواجهها من معضلات، وما يفت في عضدها من مشكلات، ومحاولة إيجاد الحلول لتلك المشكلات والمعضلات، والبحث عن الطرق المثلي لإعادة الأمة إلى ما كانت عليه من تصافٍ وتعاضد ووحدة، وإزالة كل أسباب البغضاء والشحناء والحج الذي يتوافد إليه ملايين المسلمين من كل بقاع العالم فرصة حقيقية ليتدارسوا أمور دينهم وهموم أمتهم، وقضايا الأقليات الإسلامية في الدول الأخري وهكذا فإن الحج رمز لوحدة هذه الأمة، وتأكيد أن هذه الأمة لا يفرق بين أفرادها لون أو مذهب أو طائفة أو عرق فكلهم يتجهون لقبلة واحدة، وكلهم يطوفون حول كعبة واحدة في اتجاه واحد، وكلهم يسعون في مسار مسعى واحد، وكلهم يقفون بعرفة، وكلهم يبيتون في مزدلفة، وكلهم يرمون الجمار تجاه مرمي واحد، وكلهم يلبسون لباساً واحداً في رمزية عميقة لتلك الوحدة. البيت العتيق ويرى الدكتور صبري عبد الرؤوف، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: في الحج يطوف كل المسلمين على اختلاف مشاربهم وألوانهم بالبيت العتيق باغين وجه الحق، فترى الأبيض والأسود والأصفر وترى العربي والأعجمي في طواف داعين الله بالرحمة، لا فرق يومئذ بين سني وشيعي ولا فرق بين صوفي وسلفي، فالجميع أمام الله سواء «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، فهذه دعوة أبينا إبراهيم الخليل عليه السلام تتجلى كل عام «ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم»... لم يقل الخليل عليه السلام ربِ اجعلني فئة أو تياراً ولم يقل ربِ اجعلني فرقة أو مذهباً، بل دعا لنفسه ولذريته بالإسلام وأن يريه الله مناسك هذا الركن العظيم ويتوب الله عليه والحج يؤكد وحدة الأمة، ويهديها إلى السبيل الذي يجمع كلمتها ويوحد صفها. وقال: الحج مؤتمر سنوي عام للمسلمين يتدارسون فيه شئونهم وتجتمع فيه كلمتهم ويحنو فيه غنيهم على فقيرهم وتظهر فيه الوحدة الكبري للمسلمين وتؤكد أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم وسيرته، أنه اتخذ من الحج منبراً لتوجيه الأمة، وأنه رأى في الحج المكان الأنسب لإعلان كل الأمور والقرارات المهمة في الإسلام.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©