الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متزوجون في فخ المشعوذين بحثاً عن حلول «سحرية» للمشاكل الأسرية

متزوجون في فخ المشعوذين بحثاً عن حلول «سحرية» للمشاكل الأسرية
16 أكتوبر 2011 09:45
تفرض الشعوذة نفسها بقوة في المجتمع العربي، وحتى الغربي، وقد تلجأ إليها المرأة عندما تضيق بها الدنيا، وتعجز عن إيجاد الحلول للخلاص من «ديكتاتورية» الرجل أو من ضعف ميوله العاطفية، وقد يلجأ إليها الرجل لإبعاد شبح العجز الجنسي، أو للدفاع عن حق ضاع منه، أو للانتصار على واقع يرى أن حله بين يدي «القوى الخفية». تبدو النساء أكثر لجوءا للسحرة والمشعوذين مقارنة بالرجال، ولعل أي زيارة لواحدٍ أو واحدة ممن يدعون الاتصال بعالم الغيب، يظهر بالفعل أن عدد الموجودات من النساء أكثر من عدد الموجودين من الرجال، والسبب أن بعض النساء يؤمن بالخرافات بحثا عن حلول عادية لمشاكلهن الكثيرة سواء كانت أسرية أو عاطفية والتي تؤثر على حياتهن فتنفق أموالا طائلة على هؤلاء الدجالين لينتهي بها المطاف إلى طريق مسدود حين يعرف الزوج أمرها بالصدفة، أو تكتشف أنها ضحية وقعت في فخ النصب والاحتيال. عتبة الباب هروب زوجها المتكرر من البيت وشعوره بالضيق الدائم بمجرد دخوله إلى المنزل وكثرة المشكلات الزوجية دفع بأم جاسم إلى اللجوء إلى المشعوذين وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم بزيارتهم. إلى ذلك، تقول «رغم علمي أن اللجوء إلى هؤلاء الدجالين حرام إلا أنه عندما ألحت علي جارتي بالذهاب للمشعوذ للمرة الأولى لم أكن أدرك أنني سأزوره مرات أخرى». تصمت وعلامات الحزن واضحة على وجهها وتستكمل حديثها مع رحلة الشعوذة «أحدهم يقول أنت مسحورة والثاني يدعى أن هناك حرزا وعملا مدفونا عند عتبة الباب، وثالث يؤكد أن جنيا سكن جسدي يدفع زوجي إلى النفور مني. ومع كثرة هذه الادعاءات صدقت أحدهم ووضعت ورقة تحت مخدة زوجي من باب أن يرجع إلي كما كان سابقا ولكن هيهات، بدل رجوعه أهداني ورقة نهاية الخدمة «ورقة الطلاق» حينما اكتشف ذهابي الدائم إلى هؤلاء الدجالين». وتقول امرأة أخرى، فضلت عدم ذكر اسمها، «عدم إنجابي لطفل منذ أكثر من 15 عاما دفعني إلى اللجوء إلى مشعوذ يدعي قدرته على حل مشاكل الإنجاب. وتضيف وقد بدا على وجهها اليأس «قمت بالتردد على أحد المشعوذين بعد أن يئست ولجأت إلى الكثير من الأطباء سافرت إلى العديد من البلدان لمعرفة سبب تأخر الحمل، ولكن كلهم كانوا يؤكدون عدم قدرتي على الإنجاب، وأني عقيمة، وأن الأمر متروك لقدرة الله». وتوضح «لجأت إلى أكثر من مشعوذ ودفعت الآلاف من أجل بصيص أمل في الإنجاب سمعت عن فلان وتعالجت لدى علان، ولكن النهاية واحدة أدوية وتمائم وطلبات تعجيزية وغريبة لا فائدة منها تذكر سوى الضحك على الذقون والنصب والاحتيال على ضعفاء النفوس من أمثالي». سيدة أخرى زوجها من النوع الذي يسافر كثيرا. نصحته عدة مرات بالعدول عن السفر والاهتمام بالأبناء إلا أنه لا حياة لمن تنادي، حيث يصر بعد نقاش حاد بينهما على الذهاب. تقول «لجأت إلى أحد المشعوذين لأن زوجي كثير السفر إلى تايلند فعملت له عملا من أجل أن يكره السفر». وحول تجربتها، تقول «طلب مني المشعوذ إحدى أغراض زوجي الخاصة «فانيلة»، وبعد ذلك طلب أن أخبئ «العمل» عند باب غرفة النوم ففعلت ذلك، ولم تمر أيام حتى جاءني ليخبرني بموعد سفره الجديد». أوهام وخزعبلات ويقول حسين، المتزوج من اثنتين، «عندما أذهب إلى عملي لا أطيق العودة إلى المنزل بتاتا، أشعر أن البيت ثقيل ولا أتحمله». ويوضح «لدي زوجتان كل منهما تعيش في بيت مستقل، وعندما أذهب إلى زوجتي الثانية أشعر بدوار في الرأس وكأن الدنيا مظلمة، ولم يقف الأمر عند هذا الحال، بل وصل إلى أنني بت أنخرط في نوبات بكاء هستيرية، وعندما أخبرت زوجتي الثانية أكدت لي أنها «مجرد خزعبلات وأوهام شيطانية» وعلى الرغم من ذلك وما يحدث لي فقد تأثرت علاقتي بزوجتي الثانية، وبدأت الأمور تسوء بيني وبينها». وبعد السؤال والتحري، يقول حسين «وجدت أن الزوجة الأولى كثيرا ما تأتي إلى باب البيت وترمي أشياء بيضاء وفق رواية السائق. وعند مواجهتي لها نفت ولكن إحدى بناتي أكدت لي أن والدتهم تذهب إلى أحد المشعوذين فكان الطلاق هو نهاية الرحلة مع زوجتي الأولى». من جانبه، يستغرب المحامي سالم العامري لجوء الكثير من الأزواج إلى الدجالين والمشعوذين وخاصة النساء اللاتي يردن زيادة المحبة والإنجاب وجلب الرزق. ويقول إن هؤلاء الدجالين والمشعوذين لا هم لهم سوى الكذب على النساء ضعيفات الإيمان، لجني آلاف الدراهم، وهم يدعون أنهم يعرفون كل صغيرة وكبيرة». ويضيف «المرأة تلهث وراء ذلك من أجل الغاية والطلب التي جاءت من أجله، مهما كانت الأسباب والدوافع فإن الأمر لا يتعدى كونه «عذر أقبح من ذنب» فكم من بيوت دمرت وهدمت بسبب اللجوء إلى السحر». يذكر العامري إحدى القضايا التي ترافع عنها بهذا الخصوص، قائلا «من أجل مضاعفة الأموال لجأت سيدة إلى أحد المشعوذين لهذا الغرض ودفعت مبالغ طائلة على فترات، ولكنها في نهاية الأمر لم تحصل على أي مبلغ بل نصب عليها هذ المشعوذ، ولكن قبل أن يهرب خارج الدولة لجأت إلى القضاء، حيث رفعت قضية بحقه فسجن لمدة 3 أشهر وتم استرجاع المبالغ بأمر من المحكمة». الوازع الديني يحذر جاسم مكي، رئـيس قسم التوجيه والإصلاح الأسري في دائرة محاكم رأس الخيمة، من لجوء الأزواج إلى المشعوذين الذين يوهمون بأن لديهم القدرة على حل المشاكل الأسرية. ويقول «استقبل القسم في الفترة الأخيرة الكثير من المشكلات والخلافات الأسرية والتي تتمحور حول لجوء أحد طرفي العلاقة الزوجية إلى المشعوذين والسحرة مستغلين ضعف الوازع الديني لديهم»، مشيرا إلى أن دوافع بعض الأزواج الذكور من وراء اللجوء إلى المشعوذين هي زيادة محبة الزوجة أو فتح أبواب الرزق أو تسريع الإنجاب بالإضافة إلى حل المشكلات الزوجية التي يمر بها الزوجان. مشددا على عدم اللجوء إلى مروجي أعمال السحر والشعوذة فهؤلاء هدفهم هو المتاجرة بمشاكل وهموم الأسر تحت غطاء الشريعة والدين». ويقول إن الكثير من الأزواج يقعون في براثن المشعوذين بدعوى أن لديهم قدرة على الشفاء من الأمراض والمشاكل التي يعانون منها. ويقول الدكتور جاسم المرزوقي، استشاري إرشاد الصحة النفسية والأسرية، إن «المشعوذ والدجال شخص مزيف فقد هويته، وأضاع نفسه، يحاول أن يجد بابا آخر ليجني الأموال بطرق ملتوية فيقوم بعملية النصب والاحتيال على بعض الأزواج والزوجات». وحول لجوء النساء إلى المشعوذين أكثر، يقول المرزوقي إن المرأة التي تلجأ إلى هذا الأسلوب لحل مشكلتها هي بالفعل تعاني من اضطرابات نفسية وسلوكية وخلل في التفكير، وبخاصة عندما تكون تحت ضغط الأوامر والنواهي، من هنا تظل طوال الوقت خائفة من أن يتخلى عنها الزوج أو يرتبط بأخرى أو يكرهها ما يجعلها تشعر بعدم الأمان وعدم الاستقرار وفقدان الثقة بالنفس أحياناً، فتلجأ إلى طرق الشعوذة والدجل، حتى تستمد منها القوة والإحساس بالأمان». كبائر الموبقات رغم التطورات التي حققها الإنسان، إلا أن معاقل الجهل عند البعض ما تزال قائمة. إلى ذلك، يقول طالب الشحي، رئيس قسم الوعاظ في الهيئة العامة للأوقاف بأبوظبي إن «لجوء الناس وخاصة الأزواج إلى السحر والشعوذة حرام بإجماع علماء المسلمين ويحرم كذلك تعلمه وتعليمه، فهو من كبائر الموبقات يعني المهلكات التي تهلك صاحبها وتودي به إلى دركات الهاوية». لافتا «التقرب والتودد للزوج لا يكون بفعل المحرم وارتكاب المعاصي بالاستعانة بهؤلاء السحرة والدجالين والمشعوذين، بل باتباع الشريعة السمحة التي نظمت العلاقة الزوجية وجعلت الحقوق المتبادلة بين الزوجين فضمنت حق كل منهما ووضعت الأطر والضوابط العادلة لهذه العلاقة دون انتقاص أو ظلم أو مهانة، وموافقة المرأة لتلك المبادئ في خلقها وسمتها وفعلها، يحقق لها المراد والمأمول وذلك بطاعة الله عز وجل والقيام بما أوجبه عليها، وحسن التعامل والتودد لزوجها من خلال رعايته وحفظه في نفسها وماله وطاعتها له، وهذا ما يورث الحب في قلبه، فتسكن نفسه إليه، وتتحرك عاطفته تجاهها، وبذلك تكسب رضا الله والفوز بما عنده سبحانه».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©