الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا اللاتينية.. تراجع دور المرأة القيادي

8 فبراير 2018 02:50
بعد أن تترك ميشيلا باشليت رئيسة شيلي سدة الرئاسة في مارس المقبل لن يكون في أميركا اللاتينية امرأة واحدة في منصب الرئيس. وفي وقت ما من عام 2014 كان في القارة أربع رئيسات وهن «لورا شانشيلا» في كوستاريكا و«كريستينا فرنانديث دي كيرشنر» في الأرجنتين و«ديلما روسيف» في البرازيل وباشليت في شيلي. الآن، لم يعد أمام أميركا اللاتينية إلا القليل من الاحتمالات ليكون لديها نساء في منصب الرئيس في المستقبل القريب. ولجأت أميركا اللاتينية أكثر من أي منطقة أخرى إلى قوانين إيجابية لتضييق الفجوة بين الجنسين في القيادة السياسية. لكن كي تحافظ القارة على هذه المكاسب وتضمن مواصلة صعود النساء إلى المناصب السياسية الرفيعة، يتعين عليها أن تستوعب حدود العلاجات القانونية لصعود النساء إلى القيادة، فقد خلقت قوانين الحصص في الهيئات التشريعية للنساء فرصاً للتقدم في مضمار السياسة لكن هذه القوانين لم تغير بشكل كامل التوجهات التقليدية عمن يجب أن يقود البلاد. ودخلت النساء المجالس النيابية القومية بأعداد كبيرة بفضل الحصص المخصصة للنساء. وأقرت الأرجنتين أول قانون في العالم لحصص المرشحات للهيئة التشريعية في عام 1991 يلزم الأحزاب السياسية بترشيح نساء فيما لا يقل عن 30% من المناصب المتاحة، وتم تعديل القانون في الآونة الأخيرة بحيث يكون من حق النساء نصف المناصب التشريعية للأحزاب. وحالياً، جميع دول أميركا اللاتينية، فيما عدا اثنتين، لديها قانون يخصص حصة للنساء معينة قد تصل إلى نصف المقاعد في الهيئات التشريعية. وتستحوذ النساء على أكثر من 35% من المقاعد التشريعية في كوستاريكا وإكوادور والمكسيك ونيكاراجوا. والنساء يمثلن أغلبية في المجلس التشريعي في بوليفيا. وفي المقابل نجد أن النساء في الولايات المتحدة يمثلن ما يصل إلى 19% فقط من مجلس النواب و22% فقط من مجلس الشيوخ. وكثير من قوانين الحصص تحقق أكثر من مجرد زيادة عدد المرشحات النساء. وكثير منها يلزم الأحزاب السياسية بأن تضع النساء في مواقف انتخابية محابية وتخصص نسباً من ميزانياتها لتدريب قيادات نسائية. ورغم أن القوانين الإيجابية ساعدت النساء على التقدم، لكنها لم تحمِهن من الأزمات السياسية، فقد كانت «باشليت» و«كيرشنر» و«روسيف» و«شانشيلا» يقدن أحزاباً شعبية في السلطة حين انتخبن رئيسات في منطقة اعتادت بالفعل على نساء في مناصب الزعامة. واستفادت النساء اليساريات الثلاث وهن «باشليت» و«كيرشنر» و«روسيف» من مد الاشتراكية الذي كان يعم أميركا اللاتينية من عام 1998 إلى عام 2016. وفي هذه الفترة انتعشت المنطقة بفضل تصدير ثروة المواد الأولية. ونتيجة لوفرة الموارد تلك وسعت هذه البلدان برامج الحماية الاجتماعية للعمال والفقراء والسكان الأصليين والنساء. ثم انفض الحفل المترف ليتقلص الاقتصاد وتتزايد المخاوف الأمنية. وذهبت السكرة عن المواطنين، وانهارت الأحزاب التقليدية وائتلافاتها. وقرر الناخبون التخلص من معظم مَن في السلطة من الرجال والنساء على السواء، لكن النساء تضررن بشكل أكبر من الرجال مما أوضح استمرار ازدواجية المعايير بين النساء والرجال في الزعامة، فقد اعتبرت رئاسة شانشيلا على نطاق واسع فشلا رغم نمو الاقتصاد بنسبة بين 4% و5% أثناء ولايتها، وانحدرت شعبية «باشليت» بشدة بعد مزاعم تشير إلى أن ابنها وزوجته استفادا بشكل غير قانوني من قطاع العقارات، بينما لم يتأثر الرئيس الشيلي المنتخب سباستيان بينيرا فيما يبدو من مزاعم تزوير. وفي عام 2016، وجه البرلمان البرازيلي الاتهام لروسيف ونحاها عن المنصب نتيجة محاسبتها على ممارسات اعتبرت لفترة طويلة معتادة في البرازيل، ودون دليل على تحقيق روسيف الثراء. بينما واجه الرئيس البرازيلي ميشال تامر في الآونة الأخيرة اتهامات أكثر خطورة من تلك التي واجهتها روسيف، لكنه نجا من التصويت على توجيه الاتهام له. لا اليسار ولا اليمين في أميركا اللاتينية يريد فيما يبدو مرشحات هذه الأيام. وتشير أبحاث إلى أن الأحزاب السياسية من اليمين واليسار ترشح عدداً أقل من النساء حين تتزايد المنافسة. وتزايد عدد النساء في المناصب لا يعني تمييزاً أو تحرشاً أقل، بل ما زال الحاجز الزجاجي قائماً. وصحيح أن أميركا اللاتينية تتفوق على المتوسط العالمي في النساء في مناصب الإدارة العليا لكن النساء لا يمثلن إلا 5% من مقاعد مجالس الإدارة في ستة من أكبر اقتصاديات أميركا اللاتينية. وفي المجالس التشريعية نادراً ما تقود النساء التكتلات الحزبية، ولا يظهرن في أهم اللجان. وفي كولومبيا، توصلت دراسة إلى أن ربع النساء تقريباً اللائي ينتخبن في المناصب يشعرن بأنه يجري إخراس أصواتهن ويُحرمن من الموارد من أحزابهن و40% من النساء في مناصب رؤساء البلديات تحدثن عن تحرشات جنسية. ومما لا شك فيه أن قوانين المساواة بين الجنسين مهمة وتتمتع بكثير من الدعم الشعبي بحيث يصعب على السياسيين النكوص عليها، لكن القضاء على التمييز ضد النساء يتطلب تغيير الميول الثقافية والقضاء على العنف ضد المرأة. *أستاذ العلوم السياسية المساعد في أوكسيدينتال كوليدج بكاليفورنيا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©